دراساتصحيفة البعث

علاقات على الطريق الصحيح

ترجمة: هناء شروف

هناك مثل صيني يقول: “إذا كنت تريد الازدهار فعليك أولاً بناء طريق”. تعمل الصين وإسبانيا على تقليص كتلة البر الأوراسي عبر خط السكة الحديد الذي يربط بينهما، حيث تظهر إحصاءات التجارة الخارجية الإسبانية أنه لأول مرة في التاريخ تظهر الصين كمورد رئيسي لها متقدمة على ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

تم تفسير هذا الرقم بالديناميكية الصينية، وأحد أهم عواملها هو قطار ييوو – مدريد، وهو فرع جغرافي اقتصادي لمبادرة الحزام والطريق. تحتفل المبادرة بالذكرى العاشرة لتأسيسها هذا العام، ويأتي الاحتفال بها في الوقت الذي تحتفل فيه إسبانيا والصين بالذكرى الخمسين لتأسيس علاقاتهما الدبلوماسية، وهي علامة بارزة في الشؤون الأوروبية الآسيوية منذ أن تم التوقيع عليها من قبل النظامين السياسيين في عام 1973.

أصبحت العلاقات الثنائية الآن متعددة الأبعاد، كما أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز والرئيس الصيني شي جين بينغ، يوم 31 آذار الماضي في العاصمة الصينية، بالتزامن تقريباً مع وصول قطار ييوو – شينجيانغ – أوروبا السريع، والذي يحمل اسم “ذكرى العلاقات الدبلوماسية بين الصين وإسبانيا”.

في آب 1989  في المرحلة الأخيرة من الحرب الباردة  عندما عبرت أوراسيا بين بكين وبرلين مع توقف في موسكو، كان هناك قيود تجارية وحدودية بارزة جداً في ذلك الوقت. ولكن خلال الفترة التالية ابتكرت دول ما بعد الاتحاد السوفييتي بعض خطوط السكك الحديدية الجديدة، وهي متواضعة جداً وذات أهمية محلية وإقليمية. لكن قبل عقد من الزمان، فاجأت الصين العالم بقطار أوروبي آسيوي حقيقي يربط بين ييوو ومدريد. منذ ذلك الحين انطلق القطار الذي يقطع 13.052 كم، ويمر عبر ثماني دول، وتم تقصير مدة السفر من حوالي 20 إلى 16 يوماً، وتم تحسين خدمات التبريد، وتمت إضافة الوجهات المحورية الرئيسية في أوروبا الغربية بصرف النظر عن دويسبورغ ومدريد  بما في ذلك لندن وميلانو.

بشكل عام من منظور شامل،  لم تكن جائحة كوفيد 19 ، ولا الصراع في أوكرانيا عقبات لا يمكن التغلب عليها لقطار يدعم بشكل دائم المواقف المربحة للجانبين، إسبانيا والصين ولعشرات البلدان. وسيلعب القطار بلا شك دوراً كعنصر مفتوح لموازنة التجارة الثنائية. وعلى سبيل المثال، اتفقت وزارة الزراعة ومصايد الأسماك والأغذية الإسبانية والإدارة العامة للجمارك الصينية على بروتوكولات الصحة النباتية التي ستسمح بتصدير اللوز والكاكي الإسباني إلى الصين. يتوقع القطاع أنه بحلول عام 2025 يمكن تصدير ما يقرب من 50000 طن متري من اللوز الإسباني إلى الصين، أي أكثر من 40 في المائة من الإنتاج، وهو ما يمثل حجماً كبيراً للغاية. تم التوقيع على هذه الاتفاقيات في إطار زيارة رئيس الوزراء الإسباني لبكين التي عملت أيضاً على تسهيل فرص الاستثمار المتعددة بين البلدين الموجودة في قطاعات مثل تصنيع السيارات الكهربائية والصناعات مثل الأدوية والطاقة المتجددة.

يعتقد المراقبون أن زيارة رئيس الوزراء الإسباني تظهر أن الجانبين يقدران بشكل كبير التنمية الصحية والواعدة للعلاقات الثنائية. كما أنها بمثابة بداية مثيرة للاهتمام لسلسلة من الزيارات القادمة إلى بكين من قبل القادة الأوروبيين، ولتفكير أوسع في الوضع العالمي. إسبانيا وأوروبا والصين والعالم على أعتاب تطور الذكاء الاصطناعي، وحالياً يتم تطوير كل شيء من الأنظمة إلى حركة المرور المباشرة إلى تخطيط السفن القادرة على السفر لمئات الكيلومترات دون طيار. على الأرجح  اعتباراً من نيسان 2023  ستكون الصين المرجع العالمي للابتكار في هذا القطاع قبل عام 2030.

على نطاق أوسع، كما صرح رئيس الوزراء سانشيز خلال زيارته للصين: “يجب على أوروبا وآسيا توحيد الجهود لمواجهة التحديات العالمية واغتنام كل فرصة لتعزيز الحوار والتعاون”. في الواقع إنها طريقة أخرى للقول أن الحوار مع الصين وأوجه التآزر المحتملة مع مبادرة الرئيس شي للتنمية العالمية المقترحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2021، واضحة وتهدف إلى بناء مجتمع عالمي للتنمية وتعلن التنمية أولاً بينما تسعى إلى تسريع تنفيذ جدول أعمال الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030.