تسريب الوثائق “السرية” الأميركية.. من المستفيد؟
تقرير إخباري:
جدلٌ كبير أثير أو تعمّدت السلطات الأميركية إثارته حول حقيقة الوثائق السريّة المسرّبة التي أحدثت صخباً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، ربما كان متعمّداً بالنظر إلى حجم الشكوك المثارة حوله، فقد تجاوزت مخاطر تسريبات الوثائق العسكرية السرية الأميركية، حسب محللين، مرحلة الحرب بين الرئيسين الأمريكيين الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، لتنتقل بذلك إلى مرحلة “تهدّد” فيها الأمن القومي للولايات المتحدة الأميركية، وخاصة أنها أصبحت متداولة بين مواقع التواصل الاجتماعي ما يجعلها قابلة للتزوير والتلاعب بمحتواها وتفاصيلها.
هذا ما أكده مساعد وزير الدفاع الأميركي للشؤون العامة كريس ميغر للصحفيين، لكنه وفي الوقت ذاته رفض أن يعلّق على صحة الوثائق المسرّبة بقوله للصحافة الأميركية: لن ندخل في صحّة المستندات المسرّبة، لكنها تظهر في بعض الحالات أنّها تحتوي على مواد حساسة وسرية للغاية، وذلك بطريقة توحي بأنه لا يستطيع نفي صحة المعلومات المسرّبة عبرها، وبالتالي إبقاء فرضية صحّتها قائمة.
ميغر طمأن الإعلام الأميركي إلى أن وزارة الدفاع في طليعة التحقيق بشأن الوثائق المسرّبة، وأنها بالتعاون مع البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، بالإضافة إلى مختلف وكالات الاستخبارات الأميركية، تعمل على المسألة، وأن هذه المستندات يتم استخدامها من جانب مجموعة متنوّعة من الأفراد والأقسام داخل وزارة الدفاع للإبلاغ عن عملهم داخل الوزارة وخارجها، يبدو أن حديثه كان موجّهاً نحو إضفاء هالة من الغموض حول عملية التسريب أو تشتيت فكر المتلقي بحيث يجعله يركّز على ما جاء في الوثائق، ويبتعد عن التفكير في الغاية المرجوة من تسريبها، وخاصة الوثائق المتعلّقة بروسيا وأوكرانيا.
وزارة الدفاع الأميركية أكّدت أن المستندات المسرّبة تمثل خطراً شديداً على الأمن القومي، “لكنهم حريصون للغاية ويتم مراقبة مكان ترويج هذا الأمر وتضخيمه”، أما فيما يتعلق بالتحقيقات، فهي ما زالت تدور حول كيف تم تسريب الوثائق، وكيف تم توزيع المعلومات، ولأي جهة؟ فهذه الوثائق مصنّفة بدرجة عالية من السرية وتحتوي على معلومات حساسة، وهذا التصنيف بحدّ ذاته يؤكّد أن هناك معلومات حساسة في الوثائق بغض النظر عن المستفيد من التسريبات.
يُذكر أنه تم عقد اجتماع بين وزارة الدفاع الأميركية وكبار القادة بوتيرة يومية للبحث في عمليات التسريب غير المصرّح بها وبدء الجهود لتقييم التأثيرات وإشراك الحلفاء، والأكيد هنا أن كبار المسؤولين الأميركيين يتسابقون إلى إرضاء الحلفاء المحبطين والمربكين من أوروبا إلى الشرق الأوسط إلى كييف في أعقاب تسرّب معلوماتٍ سرية للغاية بشأن الحرب في أوكرانيا وغيرها من القضايا العالمية.
واللافت في الأمر أن الوثائق المنشورة تشمل معلوماتٍ استخبارية بشأن مسائل داخلية لعدة دول، وبينها وثائق تشمل معلوماتٍ استخبارية عن حلفاء مقرّبين مثل “إسرائيل” وبريطانيا وغيرهما، وتم إطلاع الرئيس جو بايدن على تسريب الوثائق السرية وكان على تواصل مستمر مع مسؤولي الأمن القومي.
هذه الضجّة الكبيرة التي تُثار حول الوثائق السرية العسكرية الأميركية تشكّل عند بعض المحللين العسكريين والسياسيين إشارة استفهام كبيرة حول طريقة التعاطي معها وتحويلها إلى ملف متعلّق بأشخاص ومؤسسات وغيرها من الجهات، وكأنها أداة جديدة للضغط والتحكّم بقرارات النافذين في الولايات المتحدة وعملائها، وتشير مجريات التحقيق بهذه الوثائق إلى عمليات التسييس الحاصلة فيها وتوجيهها بطرق لا تخلو من المكر، الأمر الذي يؤكّد بالمحصّلة أن الحكومة الأمريكية ليست بريئة بالمطلق من سيناريو كهذا.
ميادة حسن