وسط تحديات المنافسة الصعبة رياضتنا تعود للمشاركة في دورة الألعاب العربية
البعث الأسبوعية-عماد درويش
شهد الأسبوع الماضي عقد اجتماع بين المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام واتحادات الألعاب بهدف وضع تصور أولي للمشاركة في الدورة العربية الثالثة عشرة التي ستقام في الجزائر خلال شهر تموز المقبل، حيث تم التأكيد على ضرورة تحقيق نتائج جيدة رغم صعوبة المهمة.
ولعل الجانب المعنوي سيكون له أهمية خاصة لرياضتنا التي ستعود للمشاركة في ميادين الألعاب العربية بعد أن مّر عليها ستة عشر عاماً لم تشارك خلالها في أي دورة عربية حيث تعود آخر مشاركة إلى الدورة التي استضافتها مصر عام 2007.
فرصة ذهبية
عودة رياضتنا للدورات العربية ستكون اختباراً صعباً حيث من المقرر أن تشهد الدورة مشاركة ما يزيد على 3500 رياضي ورياضية من 22 دولة سيتنافسون في 21 لعبة رياضية، حيث كانت قطر استضافت آخر نسخة من الدورة العربية أواخر العام 2011، قبل أن يغيب التجمع الرياضي العربي الذي انطلق من مدينة الإسكندرية في مصر عام 1953، حيث اعتذر لبنان عن استضافة النسخة الثالثة عشرة عام 2015 بناء على طلبه لأسباب أمنية، قبل أن تنقل إلى المملكة المغربية التي اعتذرت بدورها، كما كان مقرراً أن تقام نسخة العام 2019 في العراق، لكنها تأجلت عدة مرات قبل أن يستقر اتحاد اللجان الاولمبية العربية على إقامتها في الجزائر الصيف المقبل.
ومن المقرر أن تشارك رياضتنا في أغلب الألعاب تقريباً والهدف من المشاركة هو التأكيد على رغبة الرياضيين السوريين في العودة إلى الأجواء العربية بعد سنوات طويلة من الغياب القسري.
إعادة بناء
لا شك أن المرحلة التي تمر بها رياضتنا في الوقت الحالي بالغة التعقيد وشائكة، فإعادة بناء كافة الألعاب لا يقف عند مشاركة في بطولة عربية أو قارية بل هي بحاجة لخطط طويلة الأمد عبر وضع روزنامة عمل ونظام جديد ومتطور لكافة الألعاب، بدءاً من الأندية التي من المفروض أن تكون اللبنة الأولى، والعمل على تطوير المستوى الفني للكوادر التي تصب في مصلحة المنتخبات الوطنية، ويجب على اتحاد كل لعبة أن يوفر الأجواء المثالية لمنتخباتنا الوطنية قبل المشاركة بأي محفل مثل الدورة العربية المقبلة.
كما أن المشاركة في المسابقات الرياضية في أي مكان وفي البطولات العربية بشكل خاص أصبحت في هذه الفترة هدفاً من الأهداف الاستراتيجية لإعادة بناء القدرات الرياضة السورية، فرياضتنا لا تملك الإمكانيات حالياً للحديث عن المنافسة فالملاعب لا تصلح حتى للتدريب، والظروف المالية الصعبة تحرم الأندية والاتحادات واللاعبين من حق الاستعداد للبطولات، والشيء الوحيد الذي لا ينقص رياضتنا هو الحماس والإصرار على النهوض من جديد.
تضافر الجهود
وبعيداً عن النتائج المتوقعة فإن تأهيل منتخباتنا الوطنية بشكل لائق وتوفير كافة الجهود لتكون مشاركة منتخباتنا في البطولات العربية والقارية جيدة مطلب محق رغم ان الواقع الحالي لا يبشر بتحقيق أي إنجاز في الدورة العربية.
ولنأخذ على سبيل المثال عدداً من الألعاب التي تعاني جملة من المشاكل المزمنة، فكرة الطائرة لم تشارك بالدورة العربية منذ عام 1999 وكرة اليد طالها المصير ذاته، وكرة القدم والسلة اعتذرت عن المشاركة في دورة عام 2007، والريشة الطائرة كانت بيضة القبان في الدورة المذكورة لكن الجيل الذهبي الذي حصد ست ذهبيات لم يعد موجوداً، ويبقى الأمل ببعض الأبطال في الألعاب الفردية والقوة حيث تعول عليهم رياضتنا الكثير لاعتلاء منصات التتويج.
الجميع مطالب اليوم بتكثيف الجهود وتقديم الدعم المالي واللوجستي لتكون منتخباتنا على قدر المهمة الملقاة على عاتقها، على أمل أن يقدم الاتحاد الرياضي الدعم الكافي لتسهيل أمور منتخباتنا الوطنية ليحقق لاعبونا ميداليات تليق بسمعة رياضتنا.
استضافة وصدارة
ومنذ الدورة الأولى التي أقيمت في الاسكندرية بمصر عام 1953 شاركت سورية في تسع دورات وتغيبت عن دورة عام 1961 في الدار البيضاء بالمغرب ودورة عام 1965 في القاهرة بمصر وعن دورة عام 2011 في قطر، ولم تنظم الدورة في السنوات ما بين 1976 و1985 و كذلك الفترة ما بين 1986 و 1992 لأسباب مختلفة، وفي عام 1969 اختيرت ليبيا لاستضافة الدورة إلا أن المسؤولين في ليبيا طلبوا تأجيلها للسنة التالية بسبب تأخر تهيئة المنشآت الرياضية اللازمة ليتخلوا في النهاية عن تنظيمها نهائياً، بعد ذلك تم تكليف السـودان بمهمة تنظيم هذه الدورة في سنة 1971، إلا أن السودان لم يقم بذلك، وأقيمت الدورة في آخر الأمر في سورية عام 1976 في دمشق وتصدر رياضيونا الترتيب العام حينها برصيد 61 ميدالية ذهبية ، وعادت سورية مرة ثانية واستضافت الدورة عام 1992 وفازت بالمركز الأول وجاءت بعدها مصر.
وفي الترتيب العام للدول في الدورات الرياضية العربية حلت سورية في المركز الثاني (خلف مصر) في المشاركات التسعة السابقة برصيد 789 ميدالية منها 279 ميدالية ذهبية و228 فضية و282 برونزية.
لمحة تاريخية
يذكر أن فكرة إقامة ألعاب رياضية عربية في مطلع سنة 1947 حيث تقدم عبد الرحمن عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية بمذكرة لإقامة دورة رياضية تشارك فيها كل الدول العربية، ولم يحظ هذا المشروع بالموافقة في ذلك الوقت إلا أن الفكرة بقيت مطروحة، وظلت المجهودات من أجل إقامة هذه الدورة مستمرة إلى الجلسة التي عقدتها الجامعة في 1953، حيث لعب المهندس أحمد الدمرداش توني – عضو اللجنة الاولمبية الدولية – دوراً كبيراً في إقناع مسؤولي الدول العربية بالفكرة، وعلى إثر العرض الذي قدمه توني لمجلس الجامعة في نفس الجلسة تمت الموافقة على إقامة هذه الألعاب، وأسندت إلى مصر مهمة تنظيم دورتها الأولى التي احتضنتها مدينة الإسكندرية من 26 تموز إلى 10 آب من نفس السنة وشاركت فيها ثماني دول عربية.