بدل أن يستثمرونها كفرصة.. “الصناعيون والتجار” يعمدون لرفع الأسعار..!؟
قسيم دحدل
يكاد تقتصر عملية تسوق الشريحة العظمى من السوريين على شراء المواد الأساسية وتحديدا الغذائية، نتيجة لتراجع القوة الشرائية لليرة السورية توازيا مع ارتفاعات مستمرة في الأسعار وبقدر وبوتيرة غير معقولين أبدا، وذلك في مقابل ثبات في المداخيل غير المتناسبة مطلقا مع الاحتياجات والمتطلبات الحياتية والمعيشية، حيث لم تفلح كل الإجراءات والقرارات الحكومية سواء الاقتصادية أو المالية أوالرقابية حتى الآن في تقليص الهوة الشاسعة بين الدخل والإنفاق التي يعاني من تبعاتها معظم السوريين..!
واليوم، ونحن على أعتاب عيد الفطر المبارك، واحتياجات السوري لتأمين مستلزمات العيد، وخاصة من الملابس وتوابعها، نشهد جمودا لأسوقها، نظرا للارتفاع الكبير في أسعارها وبما يفوق قدرة المواطن، ومما زاد في عدم القدرة أنه وبمجر الإعلان عن المنحة عمد التجار والباعة إلى رفع أسعار الألبسة – كما العادة- دون أي مبرر، لأن المنتجات وخاصة الألبسة منها تكون مسعرة بهامش ربح محدد وموجود بالأسواق من دون أي تغير، أي أن تكاليف الإنتاج لم تتغير بين ليلة وضحاها، وبالتالي فما الداعي لكل هذا الرفع في الأسعار سواء ما كان منه قبل بداية الشهر الفضيل أم قبل عيده..!؟، حيث يؤكد الصناعيون والتجار أنفسهم أن لا مبرر ولا منطقية في هذه الزيادات..!!،
وأكثر من ذلك يؤكدون أيضا، أنه من الضروري استغلال هذه فترة الأعياد لكسر جمود السوق وتسهيل حركة البيع والشراء لتصريف أكبر كمية من المنتجات، وبالتالي تحريك عجلة الإنتاج، لاسيما مع تراجع القدرة الشرائية والجمود القلق لحركة السوق خلال الفترة السابقة، والعمل على الاستفادة من كتلة المنحة البالغة نحو 368 مليار ليرة التي ستصب بمعظمها في الأسواق مباشرة، الأمر الذي يجب استثماره لحلحلة ما يشتكي منه الصناعيون والتجار، إذا لا شك أن كتلة مالية بهذا الحجم لا بد وأن تحدث حراكا صناعيا وتجاريا حتى ولو كان نسبيا.
المفارقة أن ما يشتكي منه الصناعيون والتجار هو ما يجب حله من قبلهم هم قبل مطالبتهم غيرهم بحله، إذ أنهم سرعان ما رفعوا الأسعار بمجرد الإعلان عن المنحة (بدلا من العمل على ثبات أسعارهم أو تخفيضها ولو بحدود قليلة، والسعي للبيع بالاعتماد على بيع أكثر وأرباح أقل)، هو ما يؤدي لتفاقم جمود الأسواق، وانخفاض وتراجع حركة البيع والشراء، ويؤدي كذلك إلى طول دورة رأس المال.
أما المستغرب من الصناعيين والتجار فهو عدم توقفهم عن المطالب بكل ما يصفونه بمعيقات الإنتاج وتطوير العمل في كل لقاء مع الحكومة أو مسؤول فيها، متناسين ما يتوجب عليهم عمله واتخاذه، حيث كشف رفعهم للأسعار بعد الإعلان عن المنحة، وخاصة أسعار الألبسة، كيف يستغلون ويقتنصون أية فرصة تسمح لهم بمزيد من الأرباح. ففي أول لقاء لمجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها مع وزير الصناعة الجديد عبد القادر جوخدار، يوم الثلاثاء الماضي، طالب أعضاء المجلس بتذليل العقبات التي تواجه الصناعة الوطنية وتوفير متطلبات استمرار العملية الإنتاجية، داعين إلى تعديل مشروع تعديل المرسوم رقم ٨ الخاص بحماية المستهلك، وتأمين المواد الأولية وآلية الاستيراد عن طريق المنصة والسماح باستيراد المواد الداخلة في الصناعات وإعفائها من الرسوم الجمركية، وتذليل الصعوبات التي تواجه أصحاب المنشآت الصناعية لتأمين المحروقات والكهرباء ومنح المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخاصة النسيجية مخصصات المحروقات لاستمرار العمل.
مطالب قد تكون محقة في ظاهرها ومجملها، لكنها عمليا وإن تحققت، فإن الصناعيين والتجار لا يراعونها ويأخذون أي شيء يتحقق بالحسبان، حين تحين لهم فرصة كـ” المنحة ” كي يرفعون أسعارهم، وها هم في هذه المقال يدينون أنفسهم بأنفسهم، لأن حساباتهم حين يكون الموضوع خاص بهم و”بمعاناتهم”، تختلف حين تكون على حساب معاناة غيرهم وخاصة في موضوع التسعير والأسعار، حيث معاناة المواطن المادية وغير المادية لا يمكن مقارنتها بـ “معاناة” الصناعي والتاجر والبائع الذين يزيدون أسعارهم بغير سبب، حسب اعتراف البعض منهم..!؟
Qassim1965@gmail.co