تهديدات تواجه الإنسانية في القرن الحادي والعشرين السلام ليس مجرد غياب للحرب.. الصراع الإمبريالي أكثر إثارة للقلق لدى الشعوب
البعث الأسبوعية- عناية ناصر
السلام ليس مجرد غياب الحرب، فالدعوة إلى السلام العالمي يجب أن تأخذ في الحسبان أسباب عدم السلام، والمسألة الأهم من تحديد النطاق المعتاد للتطورات في جميع أنحاء العالم، هي الخوض في تفاصيل التناقضات الأربع الرئيسية التي تواجه البشرية اليوم، والتي تخلق العنف ضد الناس وكوكب الأرض، بالإضافة إلى التناقض بين الإنسانية والكوكب.
التناقضات الأربع الرئيسية هي:
- بين البرجوازية الاحتكارية، أي كبار الرأسماليين والشركات في العالم المتقدم مقابل العمال المضطهدين والمستغلين.
- الإمبريالية بعملائها في مواجهة العمال المظلومين والمستغَلين والشعوب شبه استعمارية.
- المنافسة والصراع الإمبريالي المؤقت.
- الإمبريالية مقابل الدول والحكومات التي تؤكد الاستقلال وتسعى إلى الإشتراكية، وبالإضافة إلى ذلك التناقض بين الإنسانية والكوكب الذي يُتوقع أن تستخدمه الإمبريالية، والذي من أجله تتحمل الجماهير المصاعب الناجمة عن تغير المناخ والتدهور البيئي والأوبئة.
يبدو الصراع الإمبريالي أكثر إثارة للقلق لدى الشعوب، وقد يبدو أنه التناقض الرئيسي اليوم مع الحرب الجارية في أوكرانيا وخطر التهديد بالحرب في الصراع الأمريكي الصيني. إن التهديد الذي يلوح في الأفق بنشوب حرب دولية يتم إحداثه بشكل أساسي من خلال وسائل الإعلام، وإثارة الحروب والنزعة العسكرية من قبل الدول المتضررة من حرب أوكرانيا. في هذا السياق، وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية والمناخية، أصبحت الحرب الدولية هي الأكثر إثارة للقلق فيما يتعلق بالوضع الراهن تحت وطأة المحافظين الجدد وردود الفعل.
تهتم جماهير الكادحين ببقائها على قيد الحياة يوماً بعد يوم، فمعاناتهم وبؤسهم ناجمة عن استغلالهم كعمال في البلدان الصناعية، حيث يواجهون الجوع من تآكل الأجور والبطالة وفقدان المزايا والحماية الاجتماعية وتراجع الخدمات الاجتماعية.
وبالنسبة للبلدان الواقعة في الأطراف الإمبريالية، فإن العمال والفلاحين وشبه الإمبريالية الحضرية والتجار الصغار والعاملين يواجهون بؤساً أسوأ من أجور الجوع، والعيش كعاطلين عن العمل إلى الأبد يبحثون عن لقمة العيش في القطاع غير الرسمي. تقوم الدول “الليبرتارية” الفاشية العلنية أو الفاشية الكامنة بقمع عنيف للجماهير التي تعلمت الاحتجاج ضد جميع أشكال الاضطهاد، وضد الشركات التي تستولي على موارد الدولة وتستغل عملهم.
يشير التناقض الرئيسي الرابع إلى القمع والاستغلال الشديدين من قبل القوى الإمبريالية على البلدان شبه المستعمرة التي تعاني جميعها من محاولات كل دولة إمبريالية لتقسيم مجال نفوذها وذلك لانتزاع المزيد من الأرباح الطائلة. وقد أدى ذلك إلى ظهور بعض الحكومات التقدمية والقتالية التي تقود جهود البلدان في الأطراف لمجابهة الاحتكار الرأسمالي للسيطرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والدبلوماسية والاجتماعية والثقافية والقمع والاستغلال. ومن الأمثلة على ذلك هي كوبا، وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وفنزويلا، ونيكاراغوا، وكولومبيا، وإيران.
الإمبراطورية أكثر شراسة
لقد أدرك البنتاغون منذ فترة طويلة أن الولايات المتحدة في حالة تراجع ما بعد سيادة وأسبقية دورها وحكمها المهيمن، فمنذ ظهور الولايات المتحدة كقوة مهيمنة رئيسية، أو الإمبراطورية كما يطلق عليها عموماً منذ أكثر من سبعين عاماً. كانت خلال عشرين عاماً من تلك الفترة القوة المهيمنة الوحيدة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، لكن ذلك توقف فجأة في عام 2008 في مواجهة أشد أزمة اقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية، واستمرت الأزمة حتى الوقت الحاضر ومعها تدهور الإمبراطورية. يتضح هذا بشكل أساسي من خلال مكانتها الاقتصادية، وركود صناعتها وخدماتها و التي أصبحت أقل قدرة على المنافسة، و معتمدة على التعاقد من الباطن مع الصين وبقية الشرق الأقصى. لكن الولايات المتحدة تتمسك بحزم بقوتها المتبقية في المجمع الصناعي العسكري، وبنيتها التحتية العسكرية العالمية وسيطرتها الريعية على التمويل العالمي بدءاً من الارتباط بالدولار الأمريكي في المعاملات المالية العالمية.
عالم من الحروب والحروب بالوكالة
شن ترامب حرباً تجارية ضد الصين لدعم الدفاعات الأمريكية الاقتصادية السياسية، لكن بايدن يجتهد في تحفيز النمو الصناعي الأمريكي والقدرة التنافسية لوقف تراجعها المهيمن، حيث تكمن الاستجابة الاقتصادية السياسية في إعادة تحديد خطوط المعركة في التجارة والتمويل واستخدام عقوبات اقتصادية وعقوبات أخرى من جانب واحد، وعقوبات الأمم المتحدة، ضد الحكومات والاقتصادات التي تعتبرها مخطئة أو مسيئة. وبهذا السياق، فإن تايوان وكوريا الجنوبية هما حجر الأساس كقوى اقتصادية وحصن للقوة شبه الاستعمارية الأمريكية، حيث يتم استخدامها لتطويق الصين واستعادة القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة.
هناك العديد من الأسباب والاعتبارات التي تجعل الولايات المتحدة غير قادرة ببساطة على شن حرب عدوانية، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية العميقة التي عانت منها طيلة الخمسة عشر عاماً الماضية، حيث يمكنها مهاجمة دول شبه استعمارية محددة مثل العراق أو أفغانستان أو ليبيا، لكن ليس روسيا ولا الصين، ولا حتى إيران وكوريا الديمقراطية اللتين حددتهما علناً على أنهما رأسين لـ”محور الشر”، ولا حتى كوبا وفنزويلا التي كانت تتوق لغزوهما.
لقد كان المحافظون الجدد يحلمون بحرب عامة أو دولية، ويريدون استخدام الناتو والتحالفات الأخرى، لكن وجود قدرة عسكرية نووية من قبل من يعتبروهم أعدائهم المعلنين يضع خطر المظلة النووية الأمريكية في طريق مسدود. وهكذا تحرض الولايات المتحدة شبه مستعمراتها على الحرب أو الأفضل من ذلك، تدفع أعداءها الرئيسيين إلى الحرب بينما تنفذ استراتيجية شاملة للتضييق كما في حالة روسيا وإيران والصين.
لقد كانت تحالفات الولايات المتحدة مع الإمبرياليين الغربيين مثل المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها في الاتحاد الأوروبي، وفي حلف شمال الأطلسي في المسائل الأمنية تنتهج سياسة تفكيك أوصال الاتحاد السوفييتي السابق، وتحويل جمهورياته إلى شبه مستعمرات تتعارض مع اتفاقية احترام حياد هذه الدول بموجب معاهدة مينسك لعام 2013، حيث كان الهدف من هذه الحرب هو تحقيق تدهور روسيا في ظل حكم بوتين على حساب أرواح الأوكرانيين والروس. ومن خلال تهيئة الظروف لفرض مزيد من العقوبات بمساعدة عمليات سرية مثل قصف خط أنابيب “نورد ستريم” لتسريع سيطرة الولايات المتحدة على صادرات الغاز وإمدادات النفط إلى أوروبا. إن تصعيد الحرب من خلال تقديم المساعدة وضخ الأموال والأسلحة، بالإضافة إلى إنشاء قوات مرتزقة على كلا الجانبين لا يبشر بالخير لكل من روسيا وأوكرانيا، بينما تعمل قوى الناتو باطمئنان أثناء توجيه عملياتهم الحربية.
لن يوافق الحلف الإمبريالي الغربي الحديث – الناتو ومجموعة السبع – على هدنة ما لم يعانوا هم أنفسهم من العواقب الاقتصادية والسياسية لحربهم التي شنوها بالوكالة، فهم قد يسيطرون على المؤسسات الحكومية الدولية مثل الأمم المتحدة، ويواجهون ضجة دولية كافية لإنهاء الحرب من جانبهم.
لقد جربت الإمبراطورية في ذروتها في مطلع القرن الحادي والعشرين سياسة اللوم ضد أعدائها السابقين روسيا والصين، لكن سرعان ما ساءت الأمور عندما بدأ بوتين بكشف وفضح انتفاع التحالف الإمبريالي الغربي على حساب الجمهوريات السابقة بشكل علني، وعندما أدركت الولايات المتحدة أن الصين كانت تبني قوتها الاقتصادية بسرعة لتحدي الهيمنة المالية والاقتصادية للولايات المتحدة، حيث استغرقت اليابان وقتاً طويلاً في انتعاشها الاقتصادي. لقد شهدت التحولات الاقتصادية السياسية الكبرى من الكساد في عام 2008 إلى عام 2013 خسارة الولايات المتحدة لأولويتها وأسبقيتها مما أدى إلى ظهور عالم متعدد الأقطاب مع قوتين جديدتين مستقلتين عن الإمبراطورية السابقة وتحالفها الإمبريالي.
الصين العملاق الاقتصادي
في المقابل، حققت الصين مستوى من القوة الدبلوماسية كرئيس لمجموعة الـ “77 + الصين” نتيجة لمساعدتها الاقتصادية للحصول على مجال نفوذ في إفريقيا وآسيا، إضافة إلى استخدام التجارة والاستثمارات في تطوير العلاقات الاقتصادية السياسية مع بقية دول الدول. أما روسيا، فقد استخدمت الروابط التاريخية التي عقدها الاتحاد السوفييتي السابق حيث سادت التحريفية والإمبريالية الاجتماعية لإقامة علاقات شبه استعمارية مع العديد من البلدان بما في ذلك تلك التي تعتبر نفسها اشتراكية، حيث تم استهداف العديد من هذه الدول من قبل الإمبراطورية للتخريب والعقوبات والغزو، ولكنها مع ذلك تمكنت من تأكيد استقلالها ضد الإمبراطورية، لأنها تعتمد بشكل أساسي على مساندة روسيا والصين للحصول على الدعم.
تمت محاولة إنشاء كتلة بديلة في مؤتمرات البريكس، فالقوى الديموغرافية الجغرافية الخمس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) هي تاريخياً قوى إقليمية بحد ذاتها، وهي مستقلة عن التحالف الإمبريالي الغربي، ويمكن أن تصبح كتلة اقتصادية وسياسية عالمية خاصة بها، لكن الإمبراطورية تحركت بسرعة كافية في ضمهم من خلال إنشاء مجموعة العشرين، ومن خلال محاولة السحب الفردي للهند وجنوب إفريقيا والبرازيل في تحالفات اعتماداً على طبيعة الحكومة في السلطة.
على سبيل المثال، تسير الهند في ظل حكومة حزب “بهاراتيا جاناتا” المحافظة برئاسة مودي على طريق الحياد كحليف تاريخي للاتحاد السوفييتي، كما امتنعت عن أن تكون جزءاً من التحالف الهندي الأطلسي الأمني. ولذلك تضطر الولايات المتحدة إلى إنشاء تحالف “أوكوس” الأمني بشكل منفصل لتنسيق العمليات العسكرية الإمبريالية ضد ما تعتبره “محور الشر” الذي يضم إيران والصين وكوريا الديمقراطية بما في ذلك ساحل المحيط الهادئ لروسيا. ومن ثم تم جر الدول التابعة وشبه المستعمرة إلى تحالف الحرب هذا، وهذه الدول هي كوريا الجنوبية وتايوان والفلبين وتايلاند وإندونيسيا وكذلك اليابان. لقد شملت نقاط التوتر العسكرية والتدخل جزر سينكاكو، وبحر الصين الشرقي، ومضيق تايوان، وبحر الصين الجنوبي (سبراتلي وباراسيلز)، والحدود الهندية الصينية. إن الولايات المتحدة حريصة على حث كوريا الديمقراطية على بدء الحرب، لأنها لا تستطيع دفع الصينيين إلى حرب لا معنى لها. وكما هو حالها دائماً، كانت الإمبراطورية تعمل على تخريب الصين من خلال تمويل الانفصاليين في هونغ كونغ وتايوان وشينجيانغ والتبت، والبحث عن ثغرات في الدروع الصينية لغزوها في حال كانت الصين تفكر في القيام بعمل عسكري خارج حدودها المعترف بها دولياً.
وبالتالي فإن بحر الفلبين الغربي يمثل ممراً مهماً للعدوان الأمريكي، مما يبعث قلق فيتنام والفلبين، حيث تريد الولايات المتحدة أن تكون الفلبين وكيلها بموجب ميثاق الدفاع المتبادل بين الولايات المتحدة وحزب الشعب الجمهوري لمهاجمة الصين، لكن الفلبين لا تستطيع خوض حربين – محلية ودولية – وبالتالي فإن الولايات المتحدة تتخلص من الدعم الشامل الذي تحتاجه القوات المسلحة الفلبينية لسحق حزب الشعب الكمبودي- جيش الشعب الجديد- قبل أن تصبح الفلبين وكيلاً لمهاجمة الصين، كما تواجه فيتنام معضلة مماثلة بسبب العداوات التاريخية مع الصين على الرغم من محاولتها موازنة سياستها الحيادية بين الولايات المتحدة والصين.
ولا يقل أهمية شمال شرق آسيا وشبه الجزيرة الكورية حيث خسرت الإمبراطورية هجومها على كوريا والصين في الحرب الكورية عام 1952، وكانت الهدنة بمثابة طريق مسدود أمام جهود الحرب الأمريكية، كما يمكن اعتبار وجود تايوان كمقاطعة منشقة من الصين طريق مسدود أمام التحرير الكامل لشعوب الصين. وتعتبر المنطقة الفرعية هي المحور الاقتصادي لرأس المال الاحتكاري الذي تستثمر فيه الولايات المتحدة بكثافة، حيث لا يمكن للإمبراطورية أن تسمح بوجود جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وسيبيريا في ظل كنف روسيا، لكن الهدف الحقيقي للإمبراطورية ، كما كان دائماً، هو الصين بالطبع.
الشرق مركز الاقتصاد العالمي
يعد الشرق الآن المركز الاقتصادي للعالم، ويمكن أن يصبح مركزاً للحرب، وعليه تتصرف روسيا والصين بشكل عام، بشكل دفاعي ليس لأنهما اشتراكيتان أو لديهما باقٍ من الاشتراكية في دولتهما ونظامهما، ولكن ببساطة لأن الإمبراطورية في طريق حرب، والولايات المتحدة بحاجة إلى الحرب من أجل البقاء، وآلة الحرب الأمريكية بحاجة إلى الحرب لتغذية مجمعها الصناعي العسكري. علاوة على ذلك، لا يمكنها قبول أية قوة جديدة لتقسيم مجالات نفوذ جديدة، حيث لا توجد دول متبقية لروسيا والصين كما هو الحال معهما، ويحتاج التحالف الإمبريالي الأمريكي الغربي إلى جمع المزيد من الأرباح الفائقة لتعزيز تعافيه.
إن الدعوة إلى إحياء حركة عدم الانحياز ليست مناسبة بالضرورة، لأن ما نواجهه ليس حرباً باردة بين قوتين مهيمنتين، ما هو موجود هو إمبراطورية تحتضر تسعى للحروب،ولكنها ليست مستعدة لإرسال قواتها لاحتلال دول أخرى بنفسها، وأفغانستان هي أوضح مثال على ذلك. إن آلة الدعاية و الإعلام الأمريكية عازمة على تصوير روسيا على أنها غازية فاشيّة، كما تحاول أيضاً تصوير الصين كدولة استبدادية، إنها تريد حرباً عالمية من أجل الربح طالما لم يتم خوض الحرب في قلب أمريكا، على عكس الحرب العالمية الثانية.
في حال انتشر الصراع الدولي، لا يزال هناك العديد من الرافعات الموجودة في العلاقات الدولية والدبلوماسية التي تمنع تدويل الحرب حتى تصبح هذه الأدوات الحكومية الدولية عديمة الفائدة. تعتبر المظلة النووية متعددة الأطراف رادع فعلي، ما لم تكن هناك عملية غير عقلانية تطلق حرباً نووية ونهاية للبشرية كما نعرفها. إن الهيمنة الدولية والقمع والاستغلال من قبل الإمبريالية، والتي تتجلى بشكل واضح من قبل حروب الإمبراطورية وتعزيزها العسكري، والعقوبات أحادية الجانب، والعدوان العسكري الذي أدى إلى غزو شامل، لكن الأمر المشين والفاضح بالنسبة لشعوب العالم هو قيام الإمبراطورية بتوجيه ذلك إلى المواطنين العاديين، باستثناء التافهين والمحافظين الجدد، وخاصة في معاقل الامبريالية.
هناك معارضة واسعة من الدول التي ترى لا معنى لآلة الحرب الإمبراطورية، وخداع الولايات المتحدة وحكومات الناتو الأخرى بسبب استيلائها على جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق مما أدى إلى تصعيد الأعمال العدائية وحرب أوكرانيا، وتحتاج هذه المعارضة إلى الارتباط بالمعارضة الجماهيرية العريضة للحرب.
من ناحية أخرى، يجب أن نتذكر أنه في حين أن السياسة الدولية، مثل التحالفات والأفعال قد تكون مهمة، إلا أن الحرب تخاض داخل الحدود الوطنية، وبالتالي فإن السياسة الوطنية مبدئية وحتى أساسية. لكن السياسة الوطنية يجب أن تكون مرتبطة بشكل حاسم بالعمل السياسي الدولي. وبالنسبة لشعوب جنوب الكرة الأرضية على وجه الخصوص، من الضروري إنهاء الفاشية، والدعوة إلى الديمقراطية والتحرر الاقتصادي، والنضال من أجل التحرر الوطني من براثن الإمبريالية وشركاتها غير الوطنية وسيطرتها على البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. ولذلك يجب على الجميع الانتباه إلى التناقضات في بلدانهم، وفهم كيف تلعب القضايا المحلية دوراً في النزاعات الدولية التي تقودها الإمبريالية، ومعالجة نضالات الشعوب وكفاحها بتفاهم أممي شامل، ومحاربة الوطنية الضيقة الرجعية والتي تقودها البرجوازية.
تعتبر الإمبراطورية في الشرق العدو الرئيسي، لأن شعوب هذه البلدان تعارض أيضاً الدول الإمبريالية التابعة لأستراليا واليابان والدول العميلة لكوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند وغيرها.
هناك وقت لإعداد الجماهير وتنظيمها في النقابات والجمعيات العمالية وجمعيات الفلاحين والشباب والطلاب والقوى الوسطى وصغار التجار والموظفين لتلبية مطالبهم الاقتصادية، وربطها بقضايا الديمقراطية والفاشية ومحاربة التدخلات الأجنبية والحروب الإمبريالية.
وبالنسبة للجمهور العريض، يجب الترويج لدعاية أخلاقية شعبية عادلة قائمة على العقيدة لمواجهة الدعاية الحربية والدعاية الفاشية الأمريكية ضد الصين، والتصنيف الإرهابي لمن يعتبرونهم أعداء الوضع الراهن، أي ما يسمى “بالعالم الحر”. ولذا يجب عدم السماح للإمبراطورية وأتباعها العميلة بترهيب الشعوب وذلك لجعلها تذعن وتستسلم.