مجلة البعث الأسبوعية

مشروع تربية الأفاعي السامة بين الدعابة والجدية.. أبواب موصدة  وجهات تتبرأ من تبني الترخيص

البعث الأسبوعية  -ذكاء أسعد

لاشك أن سموم الأفاعي تعتبر مادة أولية تدخل في بعض الصناعات الدوائية إلى جانب إنتاجها للأمصال المضادة للسموم “anti venom” على مبدأ و”داويها بالتي كانت هي الداء”، لكن مع انخفاض إنتاجها عالمياً ، دعا البعض للتفكير ملياً بمشروع وطني لإنتاج السموم في سورية خاصة وأن أعداد المنشآت التي تقوم بتربية الأفاعي قليلة جدا في العالم، ولم تسجل في سورية أية منشأة ،لذلك يتم استيرادها بمبالغ وتكاليف كبيرة، فقام  السيد وسيم حلوم بطرح فكرة تربية الأفاعي السامة ، بغية استخراج سمومها لاستخدامها في صناعة الأدوية والأمصال ولتخفيف العبء على خزينة الدولة التي تضطر لاستيرادها بآلاف الدولارات، مؤكداً أن الأحداث التي ألمت بسورية ، وما نتج عنها من ظروف قاسية وترد بالوضع المعيشي، جعلته يفكر مليا بتحسين أوضاعه،  فتم طرح الفكرة التي اعتبرها البعض مجرد دعابة تدعو للضحك ،  نظراً لخطورة تربية الأفاعي والتعامل معها ، في الوقت الذي نفى حلوم  خطورتها معتبراً أن النظرة المعتادة للأفاعي هي نظرة خاطئة ، فهي كسائر الكائنات الأخرى تدافع عن نفسها حين شعورها بالخطر ، وتلتزم الهدوء والسلام عندما تكون بمأمن من ذلك الخطر.

رحلة شاقة

يقول حلوم  إن الرحلة الشاقة  بدأت بتأمين الرخص في عام 2015  بحثاً عن العمل بشكل قانوني ، فمن مديرية الزراعة إلى مديرية الصحة فالثروة الحيوانية ، لكن الأمر باء بالفشل نظراً لغرابة المشروع في بلادنا  ، فلم تتبن أية جهة هذا المشروع لترخيصه ،وتوقف العمل مجدداً حتى عام 2018 عندما ،يوضح حلوم أنه وجد ضالته في وزارة الزراعة إذ  تبنت حصوله على الرخصة ضمن شروط ، باعتماد ترخيص  تحت مسمى “تربية وتدريب الحيوانات”  ليتم الحصول على  هذا الترخيص بموجب قرار  220 من مديرية زراعة اللاذقية في تاريخ 10 أيار 2018 .

رخصة الانتاج

ولم يخف حلوم صعوبة  تأمين رخصة إنتاج السموم  ، فكانت  العائق الأكبر ،إذ اشترطت وزارة البيئة وجود منشأة خاصة مهيأة ومتوفر بها كافة التجهيزات ،  لكن هذا الأمر غير متاح حيث يحتاج لتكاليف كبيرة سيما مع ضرورة وجود جهاز التجفيد والذي يتم استيراده بمبالغ هائلة ،  أضف إلى ذلك الشروط الأخرى المتعلقة بوسائل الأمان و وجود طبيب بيطري مشرف على المشروع بموجب عقد.

ويضيف حلوم أنه على اعتبار أن مركز البحوث هو المعني الوحيد في سورية بإنتاج الأمصال ، تم التواصل مع رئيس قسم إنتاج الأمصال في حينها ليبدي استعداده لاستقبال المنتج  بشريطة تحقيق الشروط الآنفة الذكر، لكن الأمر فشل بسبب عدم توفر الدعم من أي طرف أو جهة ، ولأن  حلوم يتطلع لتوسيع المنشأة عن طريق القيام بتجميد السم وتحويله من سائل إلى بودرة بواسطة أجهزة تجفيد ( ويقصد بالتجفيد التجفيف بالتبريد ) .

قرع الأبواب

 

وبما أن طاقة المنشأة الإنتاجية وحجمها مرتبط بشكل مباشر بالدعم المادي والتقني ، وبسبب ارتفاع الأسعار . بين حلوم أنه بدأ بقرع  أبواب جديدة عن طريق مراجعة مصرف اللاذقية الزراعي للحصول على قرض استنادا لرخصة التربية الممنوحة لكن المصرف اعتذر  لعدم إدراج مثل هذه التراخيص في جداول قروض المصرف حسب ما أكده مدير المصرف آنذاك .

تكاثرها كهواية

أما  تأمين الأفاعي يكون عادة  إما عن طريق صيدها أو عن طريق شرائها ، بعدئذ يتم الاعتماد على الأفاعي المتوفرة في موضوع التكاثر وذلك بعد تأمين بيئة مناسبة لها تتوافق مع بيئتها الحقيقية وفق حلوم الذي لفت إلى تأمين الشروط اللازمة للتكاثر ، وبهذا يتم تأمين عدد الأفاعي المطلوب دون إحداث خلل في التوازن البيئي نتيجة صيدها، لكن بسبب عدم الاهتمام بالمشروع  يؤكد حلوم أنه يعمل حالياً بتربية الأفاعي على أرض الواقع وتكاثرها “كهواية” ضمن بيئة آمنة منعا لأي ضرر وذلك من خلال وضع الأفاعي بأحواض زجاجية في غرفة بعيدة وآمنة.

 

أخيرا ولنبتعد عن السلبيات يأمل حلوم دعم المشروع  من قبل وزارة الزراعة أو البيئة أو معامل الأدوية التي تقوم باستيراد المادة السمية المرهقة لخزينة الدولة ،فهذا سيعود بالنفع الكبير على كافة القطاعات سواء أكانت حكومية أم خاصة ، ويتم تحقيق نجاحاً هائلاً لترياقنا الوطني والبحوث الدوائية والوضع الاقتصادي عامة.