أرباحها تصل لـ 100%.. لغز ارتفاع أسعار ألبسة الأطفال أضعاف نظيرتها للكبار
دمشق – البعث
سرعان ما تجحظ العيون مع قراءة أسعار ألبسة الأطفال المزيّنة لواجهات المحال، لتثور التساؤلات حول نوعية الخيوط والمواد الداخلة بتصنيعها.. فهل هي من حرير نادر؟ أم أنها تعطي مرتديها راحةً وهناءً منقطع النظير؟ أو أنها سُعرت بهذا الشكل بقصد تحديد وتنظيم النسل بحيث يُجبر رب الأسرة على الاكتفاء بولد أو اثنين – بأحسن الأحوال – كون أن إكساءهما أقل وطأة من ثلاثة أو أربعة أطفال إن لم يكن أكثر؟
أحد كبار تجار دمشق لامني أثناء استقصائي عن سر ارتفاع أسعار ألبسة الأطفال بقوله: كفاكم جلداً بالتجار والصناعيين اللذين يعملون ليلا نهارا دعما للاقتصاد الوطني، فهؤلاء يستحقون بطاقة شكر يومية لما يقومون به من جهود مضنية في ظل المنافسة القوية التي تواجه الصناعة السورية!!
بالتأكيد نحن نقدر ما يقوم به قطاع الأعمال الخاص من دعم للاقتصاد الوطني، ولا نقصد من تناولنا لهذا الموضوع التجني على رجال أعمالنا من التجار والصناعيين والنيل من جهودهم, إنما القصد هو الوقوف على هواجس مواطنينا تجاه الأسعار التي أصبحت الشغل الشاغل لهم، وكان لألبسة الأطفال منها نصيب وافر لدرجة أنها تربعت على عرش الغلاء في أسواقنا مقارنة بنظيرتها الرجالي والنسائي، ولم يعد مفاجئا أن يجد أي متسوق منا أن سعر معطف لطفل عمره سنتان يبلغ 300 ألف ليرة سورية، أو يزيد، علما أن أبعاده لا تتعدى الـ 50 سم طولا وعرضا، في حين أن نظيره الرجالي الطويل ربما لا يلامس سعره سقف الـ 200 ألف!
وخلال جولة لـ “البعث” على بعض أسواق دمشق، التقينا عددا من تجار ألبسة الأطفال لمعرفة سر ارتفاعها المريب، وكان ثمة إجماع على أن السبب يكمن بارتفاع تكاليف الإنتاج، إضافة إلى أسباب أخرى متعلقة بخصوصية هذه الصناعة!
اعتبر صاحب محل لبيع ألبسة الأطفال في “شارع الحمرا” أن سبب ارتفاع أسعار هذا النوع من الألبسة في سورية يعود لعدم قدرة المنتجات الأخرى على منافستها، سواء من ناحية الموديل والقالب، أو من ناحية الإكسسوارات والتصاميم والألوان، مشيرا إلى أن الأصناف المستوردة مقلدة للسورية، حيث تصنع في الصين وتصدر إلى الدول المجاورة، إلا أنها لا ترقى لمستوى الصناعة السورية، وبالتالي فإن المنتج السوري يبقى المسيطر، ومن الطبيعي أن تكون أسعاره ضاربة.
تاجر آخر لديه محل في الصالحية برر ارتفاع أسعار ألبسة الأطفال كون تصنيعها يحتاج إلى دقة عالية، ويدخل في “قصتها” أكثر من قطعة ولون، وهي في النهاية لا تخلو من لمسات فنية وذوق رفيع، بينما اعتبر آخر في “سوق الطلياني” أن التصاميم السورية عالية المستوى والمُصنع دائما يعطي هذا الجانب أولوية كبرى إذ يتعاقد مع عدد من المصممين ليبتكروا على مدار العام تصاميم جديدة تلائم كافة الأذواق المحلية والعالمية، وهذا الأمر يكبده تكاليف عالية يتحملها في نهاية المطاف المستهلك.
أحد العاملين لدى أحد التجار أكد لـ”البعث” أن أرباح هذه السلع عالية جدا وقد تصل أحيانا إلى نسبة تقارب الـ 100% على اعتبار أنها “محررة”، مشيرا إلى أنه لا يستطيع أن يشتري لأولاده أحدث موديلات الموضة، رغم أنه يعمل في نفس القطاع ومن الطبيعي أن يكون له منه نصيب ولو قليل!
لم يخرج الصناعي هشام قباني في حديثه عن سياق ما ورد آنفا، مشيراً إلى نقطة جوهرية فحواها أن الصناعيين والتجار يرفعون سعر ألبسة الأطفال لدرجة كبيرة بداية كل موسم كونها ستنخفض لاحقا بعد انتهاء موضتها، وتخضع لتنزيلات تصل أحيانا إلى 60% لا تغطي سعر التكلفة، لذلك لابد من رفع أسعارها في البداية لتحصيل الأرباح، مؤكدا أن نسبة 10% من المنتجات غير المعدة للتصدير تباع بسعر نظامي دون تخفيضات، و90% تخضع للتخفيض، علما أن هامش الربح المحدد للمُنْتج هو 20% وغالبا لا يحصل منه سوى 5% على أمل أن يصرف كامل إنتاجه، مشيرا أن نسبة 80% من ألبسة الأطفال المصنعة في سورية معدة بالدرجة الأولى للتصدير، وليس للسوق المحلي، وأي تلاعب بالنوعية والجودة سيؤدي إلى تدهور هذه الصناعة على مستوى العالم.