كسب الثقة!
بشير فرزان
باتت قضية استنهاض قدرات المجتمع، بكل ما فيه من إمكانيات وقوى قادرة على إحداث نقلة غير مسبوقة في الواقع العام ، ضرورة تستوجب العمل عليها من أجل تحقيق تقدم حقيقي في مجال التنفيذ، والمساهمة والمشاركة مع المؤسسات الحكومية، وخاصة الخدمية، في معالجة الكثير من المشكلات وتذليل التحديات بما يخفف من معاناة الناس في هذه الأوقات العصيبة، واستعادة العديد من الخدمات التي غابت جزئياً نظراً للظروف، وهذا ما يستلزم تفعيل المبادرات ذات النتائج المباشرة على الحياة العامة التي باتت على شفير الهاوية، وخاصة في مجال النظافة.
ولاشك أن أحياء المبادرات المجتمعية مهمة لا يستهان بها، ولكنها ممكنة، خاصة أن مجتمعنا يمتلك القدرة على العطاء وتحسين الواقع الحياتي بنسب متباينة، وكل المطلوب هو تنظيم العلاقة بين المجتمعات المحلية وكسب ثقتها وإشراكها بقوة مع المؤسسات الخدمية، وخاصة البلديات التي منحها قانون الإدارة المحلية مسؤولية تنفيذ هذه المهمة بكل السبل والوسائل، فهناك العديد من المبادرات، سواء على مستوى الأفراد أو الجهات المحلية، تنتظر فرصتها للمساهمة والمشاركة في إعادة إعمار البلد والانتقال من تصنيف الطاقات والإمكانيات المهدورة وغيرالمستثمرة إلى حيز التنفيذ والامتثال لتطلعات الناس وأمالهم في حياة أكثر استقراراً وراحة في خضم هذه الصعاب بارتدادتها المعيشية والاقتصادية والاجتماعية القاسية.
وهنا، لابد من سؤال وزارة الإدارة المحلية عن عملها في هذا الاتجاه أيضاً، كونها الأقرب إلى يوميات المجتمع المحلي عبر متابعتها للمؤسسات ذات الطابع الأهلي وللمنظمات الدولية القادرة على إحياء واغناء ودعم المبادرات المحلية وإيصالها إلى أهدافها التنموية بأمان، وبالشكل الأمثل، ولابد من التأكيد على مدى حاجة الناس اليوم إلى تنظيم العمل المجتمعي بمساراته التطوعية والإغاثية من أجل إحداث التغيير المطلوب في بنية المجتمع وتوحيد الجهود التي من شأنها صناعة عمل جماعي محكم البناء والمعايير، وذلك ضمن مشروع وطني كبير يقوم على إشراك المجتمع المحلي في مختلف المجالات، فتكاتف جهود كافة الفعاليات الشعبية والأهلية والرسمية ضمن هذه الحاضنة سيكون له ارتدادات ايجابية كبيرة على مهام ومسؤوليات مؤسسات الدولة بما ينتج ثقافة تطوعية إنتاجية غير محصورة في الجانب الإغاثي فقط، بل في المجال الخدمي والصحي والاقتصادي واستثمارذلك في مشاريع مشتركة ذات فاعلية عالية.
ولاشك أن الأيام القادمة تبشر بالكثير من المستجدات على الصعيد الإيجابي، والتباطؤ في هذا الملف ليس في مصلحة أحد، ولابد أن يكون هناك خطة شاملة لاستثمار كافة طاقات المجتمع المحلية والحكومية بشكل يؤمن أبسط مستلزمات البنية التحتية والخدمية، ويولد مجتمعا محليا أكثر تماسكاً وقربا من آمال الناس وتطلعاتهم، وأكثر قدرة على تنفيذ برامج ذات عائديه كبيرة على المجتمع ومفهوم المواطنة والمنظومة المؤسساتية التي تمثل الدولة والمجتمع .