أمريكا تشدّد حرب المضائق في الهادئ.. وتأهبٌ روسي بالمرصاد
تقرير إخباري
اعتمدت الإدارة الأمريكية على قواتها البحرية بشكل أساسي في حروبها وبسط سيطرتها حول العالم وبشكل خاص للهيمنة على تجارة حوامل الطاقة, ومؤخراً تكثّف تحركاتها في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي بالتزامن مع تطورات عدّة، أبرزها الحرب الأوكرانية ورغبتها الجامحة في جعل المحيط الهادئ منطقة نفوذ لها بالقوة ضدّ سياسة الأسواق المفتوحة الصينية الروسية.
وعلى المقلب الروسي نلحظ سرعة الاستجابة لحجم الخطر الجديد مهما سبقه من أخطار وجبهات واستفزازات حرّكها “الناتو”، حيث تأخذ تحركات أمريكا شكلاً متصاعداً يهدد المصالح الروسية الصينية كما يهدد استقرار كامل منطقة آسيا – الهادئ، بالتزامن مع معركة إرساء وإشهار العالم الجديد المناهض للقطبية الواحدة، وتركز موسكو حالياً على تطوير أسطولها البحري وتعزيزه وخاصةً أسطول المحيط الهادئ وجعل ذلك في قمة الأولويات الحالية، مع الأخذ بالحسبان أنه قد تستخدم أساطيلها في أي نزاع محتمل وفي أي منطقة قد تشهد تهديداً لها.
إن مناورات الأسطول الروسي تتزامن مع زيارة وزير الدفاع الصيني إلى موسكو من جهة، ومع قيام “الناتو” بأكبر تدريبات بحرية في بحر البلطيق بمشاركة 14 دولة وعدد هائل من القوات، وبالتزامن أيضاً مع جنوح اليابان نحو العسكرة فيما يشبه تحذيرها من عدم الانخراط في أي صراع ضدّها أو ضدّ الصين على اعتبارها تتبع الإدارة الأمريكية في سياساتها الخارجية، وتهويس بعض الدول الغربية بإنشاء “ناتو عالمي” مذكرةً بالتحالف الألماني الإيطالي الياباني في الحرب العالمية الثانية، ناهيك عن التحالفات المقامة في المنطقة لتطويق الصين مثل “كواد” و “أوكوس”، حيث توجه روسيا رسائل بأن هذا الأسطول هو الضمانة لأمن روسيا العسكري في شرقي الهادئ، كما أن تدريباتها لم تكن مجرد تدريبات روتينية بدليل المشاركة من الغواصات النووية والقاذفات الإستراتيجية فوجود المكون النووي يذكر جميع قوى “الناتو” بأن روسيا دولية عالمية نووية وليس من السهل التغلب عليها مهما زادت ضدها الاستفزازات أو حتى الصراعات سواء في أوكرانيا أو غيرها من المناطق، أيضاً أراد الأسطول الروسي إثبات أن تواجده لم يعد مرتكزاً في الأطلسي والقطب الشمالي بل في الهادئ وكل مكان آخر يقتضي تواجده فيه، أيضاً يشير تأهب الأسطول في الهادئ إلى أن روسيا قادرة على السيطرة ومواجهة الأعداء ليس فقط في جبهة الحرب الأوكرانية بل في جبهات متعددة، أما الرسالة الأهم التي أرادت توجيهها للغرب فهي تتضمن التأكيد على الوقوف مع الصين بقوة في ظل تزايد الاستفزازات الأمريكية لها وخاصة مع عبور إحدى مدمرات الأمريكية لمضيق تايوان.
وبالنهاية نجد أن خطوات الاستفزاز والتوتر التي تنتهجها الولايات المتحدة وأدواتها تجابه بردٍّ سريع سواء من روسيا أو الصين أو أي من القوى الصاعدة، فيما يؤشر إلى أن سيطرتها البحرية نحو انحسار مع تواجد بحري لافت لنظرائها على المقلب الآخر من هذا العالم، إضافةً لانتهاجهم طرقاً بحرية جديدة حتى لو كلف ذلك شقها عبر كاسحات جليد نووية.