ظاهرة الدروس “الفيس بوكية” من التعليم إلى الاستعراض والتسويق
ازدادت ظاهرة تسجيل الدروس ضمن الصفوف المدرسية وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة وصلت حدّ التسابق بين المدرسين باستخدام “الفيس بوك”، كمنصة لنشر خبراتهم وطرائقهم التدريسية.
ومع التأكيد على أهمية تلك الطرائق التدريسية في المناهج المطورة إلا أن هناك من دخل في متاهة الاستعراض على حساب الفائدة المرجوة من هذه الدروس، فمن يتابع بعض من صفحات المدارس ومديريات التربية سرعان ما يلحظ فوضى نشر الدروس وبشكل غير ممنهج وبعيد عن الغاية الأساسية التي عملت عليها وزارة التربية من أجل الارتقاء بالتعليم من خلال تطبيق أربع ركائز متمثلة بـ “تعلم لتعرف” (التعلم المعرفي)، وذلك من خلال كيفية استخدام المعرفة ونقلها إلى خبرة تطبيقية عملية حياتية، و”تعلم لتكون” (التعلم لبناء الشخصية) من أجل تعزيز الذات والثقة بالنفس، و”تعلم لتعيش مع الآخرين” (التعلم الوجداني الاجتماعي) لتطوير الأداء الفردي أو الجماعي الناجح، وكيفية التواصل والتفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي، و”تعليم دخول سوق العمل” لربط التعليم بمتطلبات الحياة الاقتصادية والمهنية بما يخدم المجتمع والوطن.
موجهون تربويون اعتبروا أن الدروس التوضيحية تحفز التلميذ على المشاركة وتساعده في فهم الدرس بشكل سلس ومبسط، رافضين الإغراق وإقحام وسائل استعراضية لا تخدم العملية التعليمية، فالغاية ليست مسابقة بين المدرسين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل إيصال المعلومة بطريقة حديثة والخروج من الطرق الكلاسيكية الجامدة.
ويرى متابعون أن الظاهرة تجاوزت حد التعليم إلى رغبة المدرسة أو المدرس في تسويق نفسه أمام المعنيين في مديريات التربية والوزارة، ولاسيما أن وزارة التربية انتهجت سياسة التكريم للمدرسين الفاعلين ضمن الشعبة الصفية، إضافة إلى رغبة المدرسين إظهار قدراتهم أمام أصحاب المدارس والمؤسسات التعليمية الخاصة التي تعلب على وتر المدرس المعروف أو المحبوب في الوسط التربوي وبين التلاميذ.
ولم ترق هذه الظاهرة لمدرسين ومختصين معتبرين أن المدارس ليست مكاناً للعرض والاستعراض، متهمين هؤلاء المدرسين “المتأستذين” بحفظة السطور المحدودة مما جعلهم يهربون إلى استخدام هذه الطرق من التدريس “الفيس بوكي” وإقحام أحياناً الغناء والرقص مما يذهب القيمة العلمية من المادة، علماً أن هناك حصصاً للموسيقى كافية للترفيه عن الطلاب، فالطالب يجب أن يبقى على مسافة من المعلم لسنه ولمهنته كائناً من كان.
ويحمل مدرسون وزارة التربية مسؤولية السماح لهذه الظواهر بالانتشار والتفشي، لاسيما أن البعض منهم أصبح له مواقع خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي.
المعنيون في وزارة التربية رحبوا بفكرة الخروج عن الطرق التقليدية النمطية وباستخدام وسائل إيضاحية ولو كانت غناءً أو رقصاً شرط ألا يخرج عن سياقه التربوي وأن يؤدي الغاية المطلوبة بغض النظر عن الأسلوب.
علي حسون