عشية عيد الفطر.. جنون الأسعار يسرق فرحة الأطفال ونسبة ربح التجار تتجاوز الـ 300%!!
لم يكن الخروج بسلام من شهر نيسان للكثير من الأهالي أخف وطأة من شهر آذار وما حمله من أعياد وبداية لشهر رمضان ومستلزماته الكثيرة، ليأتي نيسان مكملاً لحاجات شهر رمضان وما يتبعها من مستلزمات عيد الفطر التي هي الأخرى جرى عليها تعديلات كبيرة وخصومات كثيرة من قبل الأهالي لاسيمّا ممن لديهم أطفال صغار لا زالوا يبحثون عن فرحة العيد بالكعك واللباس واللهو بالألعاب.
ارتفاع مفاجئ
حال الأسواق في أواخر شهر رمضان كان تطبيقاً فعلياً لمقولة “غبرة وقلة واجب” فعجقة السير وما رافقها من ازدحام خانق في أسواق الحلويات والألبسة لم يأت بالثمار التي عزم عليها التجار المترصدون للربح لتعويض خساراتهم المتلاحقة –حسب زعمهم- سواء بالموسم الشتوي أو بموسم التنزيلات، ليأتي عيد الفطر المُنتظر من قبل التجار بجيوب كبيرة لملأها، إلّا أن جيوب المواطنين لم تستطع محاكاة الأسعار التي تغيرت أصفارها خلال الأسبوع الأخير من شهر رمضان، ليؤكد الأهالي أن الكثير من الألبسة والأحذية ارتفعت أسعارها بين ليلة وضحاها بمجرد صدور المنحة واقتراب العيد، وكأن التجار على موعد قريب بقبض منحة الموظف أضعاف مضاعفة عمّا قبضها هو.
ترويح عن النفس!
وفي جولة قصيرة على الأسواق عشية عيد الفطر ستلحظ أن أغلب رواد الأسواق ممن قصدوا الترويح عن النفس بعد الإفطار لا التسوّق خاصّة مع الأسعار المخيفة التي يبدأ فيها سعر بنطال الجينز أو البلوزة للكبار بـ 100 ألف ليرة، ناهيك عن أسعار الأحذية والتي هي الأخرى لم تخرج من دائرة المئة ألف ليرة وما فوق، الأمر الذي يدعو لإلغاء فكرة الشراء للكبار، في حين يبقى الاتجاه لشراء الألبسة لأطفالهم والذي هو الآخر يحتاج لتقديم أكثر من سلفة على الراتب الشهري بعد أن تجاوز سعر الأطقم الولادية حاجز الـ 200 ألف في الأسواق المعروفة، الأمر الذي يحتّم الاتجاه إلى الأسواق الشعبية لشراء كسوة العيد لأكثر من طفلين إلّا أن ارتفاع الأسعار ترك بصمته الواضحة على هذه الأسواق بعد أن كانت تشكل ملاذاً لأكثر من 90% من المواطنين الذين تصل تكلفة تأمين لباس العيد لأبنائهم إلى مليون ليرة كحد متوسط.
عروض حقيقية
وفي المنحى الآخر لم تكن شكوى الصناعيين و تجار المحال أقل من المواطنين، فحديثهم المتكرر بأن الغلاء يطبّق عليهم أولاً قبل أن يصب في جيب المواطن، وشجونهم الكثيرة بارتفاع كلف الإنتاج عليهم مقارنة بالدول الأخرى وضعهم في موقف التشكيك بمصداقيتهم وإطلاق أحكام مسبقة –برأيهم- عن طمعهم والسعي للربح الكثير في الوقت الذي يعاني به المواطنين من ضعف في القدرة الشرائية، في المقابل لم يجد الصناعي عماد قدسي أي مبرر لارتفاع الأسعار خلال فترة العيد لافتاً إلى أن البضاعة تخرج من المعامل بسعر وتُطرح في الأسواق بأسعار خيالية، فإلقاء اللوم هنا لا يكون على الصناعيين الذي يحاولون تقديم سلعة جيدة بسعر مقبول وبإمكانيات محدودة، ويرى قدسي ضرورة إيجاد صيغة مناسبة ترضي التجار والمستهلك خلال فترة المواسم لكسر جمود السوق فعلاً لا بكثرة الازدحام فقط، فتقديم عروض حقيقية في هذه الفترة مع تشديد عمل لجان الرقابة بأخذ عينات من الألبسة ومقارنتها مع بيانات التكلفة، بالتالي مراقبة هامش الربح للتجار سيلبّي حاجة المستهلك نوعاً ما.
تلاعب بالسعر
من جهته تحدث الخبير الاقتصادي إسماعيل مهنا عن عدة جوانب تخص أسعار الألبسة بشكل خاص، مستنكراً عبث التجار بأسعارها قبيل العيد وفي فترات زيادة الرواتب أو صدور المنح، فسعر السلعة يكون ثابت وموضوع من قبل المعنيين بحسب كلفة المنتج مع هامش ربح لكل من الصناعي والتاجر، إلّا أن التحايل على السعر في هذه المواسم بات سمة لجميع تجار المحال بدءاً من الماركات وانتهاءً بالسلع المُباعة على البسطات والتي تكون حتماً ذات جودة أقل، ولفت مهنا إلى أهمية المنح التي تصدر في فترات الأعياد كون هذه الكتلة النقدية ستتوجه باتجاه تلبية الاحتياجات الخاصة بالغذاء واللباس بالتالي ستؤدي إلى زيادة في حركة السوق وكسر جمودها شريطة أن يقابل هذه المنحة العمل على تخفيض الأسعار لتكون آثارها ايجابية لكل الأطراف منتجين وتجار ومستهلكين، إلّا أن ما يحصل هو العكس تماماً لاسيّما مع عدم اكتفاء التجار بهامش ربح بسيط وتجاوز نسبة ربحهم الـ 300% حتى للبضائع ذات الجودة العادية، وتحميل المستهلك أعباء الصناعة والاستيراد والنقل وأجرة المحل، ونوّه الخبير الاقتصادي إلى أن الصناعي والتاجر لا يمكن أن يعرض نفسه للخسارة وفي حال خسارته فإغلاق مصنعه أو محله التجاري هو الحل فوراً، ويبقى المواطن هو الخاسر في لعبة السوق الذي هو اليوم مرهون للأسف بضمائر القائمين عليه لا بالرقابة وقوة القانون المطبّق على المخالفين!.
ميس بركات