“جهنم” الأسواق!
غسان فطوم
تأتي أيام الأعياد حزينة على السوريين، بعد شهر من الصيام استنفذ كل قدرتهم الشرائية، فباتت العين بصيرة واليد قصيرة لا تقوى على الشراء، فكل شيء غالٍ ولا قدرة للجيوب الخاوية على تحمل الأسعار الكاوية وسط واقع مرير تلاشت فيه أمنية الصغار والكبار بقضاء عطلة عيد غنية كما كانت أيام زمان!
ويا له من ألمٍ عندما يخجل الآباء من أبنائهم لعجزهم عن شراء ما يحتاجونه، أو على الأقل إعطاءهم “خرجية العيد” التي كانت من التقاليد الجميلة؛ ويا له من ألمٍ أن يتجول المواطن في أسواق العيد ليتفرج ولا يستطيع الشراء، والمؤلم أكثر أن “حماة المستهلك” يراقبون من بعيد “جهنم” الأسواق، وإن تحمسوا يسجلون عدة ضبوط بحق المخالفين، لكن ليس لها أي تأثير رادع.
ولا شك أن حال الأسواق والفوضى التي تعمها يدل بوضوح أن “تشميع” المحال وإغلاقها بات من الماضي. ويبدو أن “تحرير الأسعار” بات الشماعة الجديدة التي يعلّق عليها المعنيون تقصيرهم في ضبط الأسعار، بدءاً من أسعار المواد الداخلة في الإنتاج وصولاً إلى سعر المنتج النهائي، حيث من المفترض أن تكون ناظمة لحركة السوق من بيع وشراء.
بالمختصر.. احترقت بهجة العيد بنار الأسعار واندثر الكثير من تقاليده الاجتماعية الجميلة. وفي لغة الأسواق بات ما كان يسمى أسعاراً شعبية “مصطلحاً” لا وجود له، فأسعار “الخمس نجوم” طغت وغطت في ظل غياب عين الرقابة التي أصابها الرمد، بل العمى!، فالتجار والباعة – كبيرهم وصغيرهم – يتسابقون في رفع الأسعار، والغريب أن الجهات المعنية تقول أنها لا تستطيع التدخل دون وجود شكوى رسمية، محملة المسؤولية للمواطن لتقصيره في الشكوى ضد كل من يرفع الأسعار، دون أن تنسى الدعوة لتعزيز ثقافة الشكوى!.