الهيمنة والعسكرة لن يحققا السلام لأوكرانيا
عناية ناصر
يواجه الاتحاد الأوروبي والناتو وضعاً عصيباً، حيث لم يدرك الاتحاد الأوروبي أبداً مغزى معاهدة لشبونة في مجال العلاقات الخارجية بشأن صنع السلام والتحدث بصوت واحد، بل على العكس من ذلك كان يقوم بانتهاك معاهدته على مدار الساعة لأنها أساساً نسخة من ميثاق الأمم المتحدة، إلا أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أظهرا مواقف مختلفة وقدرة على الاستماع خلال زيارتهما الأخيرة للصين، لكن كلاهما ناشد الصين للمساعدة في حل النزاع الروسي الأوكراني، بينما رفضت الولايات المتحدة كل المفاوضات وتدخل الوسطاء والمبادرات الدبلوماسية لدرجة أصبح رفض أية فكرة جيدة الآن معياراً أمريكياً.
الصراع القائم بين الناتو وروسيا، ومحاولة الغرب استخدام أوكرانيا لإضعاف روسيا، ومن ثم الانقلاب على الصين هو أبعد من أن يمكن حله فكرياً واقتصادياً، حيث لم يقم الاتحاد الأوروبي – الناتو بأي شيء سوى سياسات ردود الفعل السريعة، ولم يقوموا بأي تحليلاً للعواقب، وجادلوا بقوة بأنه لن تكون هناك مفاوضات وأن أوكرانيا ستفوز في هذه الحرب.
لا أحد يتساءل: ماذا يعني الفوز؟ ومن سيدفع ثمن هذه السياسة العسكرية المناهضة للفكر، والتي لا تحظى بـأي فرصة للنجاح بسرعة، أو بعد سنوات من القتال؟ فالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يتسببان في إلحاق ضرر أكبر بالمواطنين الأوكرانيين أكثر من الضرر الذي يلحقه النزاع نفسه. وكان من الممكن منع حدوث أمرين وإيقافهما، وهما الإعلان أن أوكرانيا ستؤمن بالحياد الإبداعي وليس من خلال عضوية الناتو، وأن الدبلوماسية وليس الأسلحة ستكون الأداة الرئيسية للتعايش.
إن رواية الاتحاد الأوروبي – الناتو الزائفة تعفي الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا من المسؤولية، وتلقي باللوم كله على روسيا وتجعلها المدانة بكل شيء، ولذلك فإن تطبيق سياسات بمثل هذه التفاهة الفكرية وخداع الذات لا يمكن أن تنجح.
كما أظهرت جميع استطلاعات الرأي الأوكرانية قبول قلة صغيرة جداً الانضمام لعضوية الناتو، حيث أراد الأوكرانيون التعاون مع روسيا، وأن يتم تحديد التوجه المستقبلي للبلاد عن طريق الاستفتاء. لقد بات واضحاً أن اتفاقية مينسك كانت مجرد وسيلة لخداع روسيا وكسب الوقت لإعادة تسليح أوكرانيا، ثم جاء الميثاق الأمريكي الأوكراني الخاص بشأن الشراكة الإستراتيجية اعتباراً من تشرين الثاني 2021. وتنشأ المأساة الغربية من مزيج خطير من نزع السلاح الفكري والأخلاقي إلى جانب إعادة التسلح الشديد. وإذا انتهى المجمع العسكري الصناعي الإعلامي الأكاديمي الخطير، يمكن القول عندئذ إنها أدت غرضاَ. لكن مع انحطاط العالم أحادي القطب وسقوطه، سيصبح حلف الناتو، والمجمع العسكري الصناعي الإعلامي الأكاديمي الوطني في جميع أنحاء العالم لا حاجة لهما ويمكن الاستغناء عنهما.
وعلى النقيض من الغرب، تعد مبادرة الأمن العالمي للصين واعدة من وجهة نظر سلام مهنية، فمبادرة الحزام والطريق لها فلسفة الربح المتبادل. وفي هذا الإطار يجب أن يكون النهج القائم على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة للوساطة وحل النزاعات هو الأساس للنقاشات وتبادل الأفكار في جميع أنحاء العالم حول مستقبل أفضل. ولذلك يجب أن تبني أي مبادرة أمنية على أساس عسكري دفاعي بحت مع التركيز الشديد على حل النزاعات المدنية بهدف التعايش في إطار التنوع.