ثقافةصحيفة البعث

“من قتل أيضاً نهلة كامل؟”

أمينة عباس 

بعد أن كانت منسجمةً مع قناعة أن الكتابة بحدّ ذاتها غاية تجوهر النفس وتتجوهر بالممارسة، وأن اللامنشور جنس أدبي أيضاً له شخصيته وقراؤه وحريته، تتابع الإعلامية والشاعرة نهلة كامل الإفراج عن شعرها الذي لم يُكتب للنشر، حيث احتفت مؤخراً بتوقيع كتابها “من قتل أيضاً نهلة كامل؟”، في فندق جوليا دومنا، وهي المجموعة الثانية من شعرها، حيث سبق وأن أصدرت كتابها الأول “الشرق الغارق المتوسط” (2019).

العنوان صادم 

تشير نهلة كامل في تصريح لـ “البعث” إلى أن ديوانها “من قتل أيضاً نهلة كامل؟” مجموعة شعرية متكاملة، هدفها واضح، وهي إطلالة شعرية على الكون والعالم وعلى قضاياه الحارّة، وأيضاً إطلالة من شرفة الإنسان السوري الذي انسكبت كلّ قضايا العالم في مجتمعه وحياته، بالإضافة إلى أنها استرجعت فيه ما يُطلق عليه اسم الزمن الجميل بإهداء أصحابه من القامات الكبيرة قصائد لأعمالهم المميزة، مثل أنسي الحاج وعادل محمود وخليل صويلح، وكذلك للقامات المشاغبة فيه كمحمد الماغوط وسعد الله ونوس وعلي الجندي وسهيل إبراهيم، موضحة أنها بعد رحيل هؤلاء شعرت بمسؤولية نشر ما كتبته عنهم، مؤكدة في الوقت ذاته أن ما نشرته هو خلاصة تجربة طويلة في الوسط الثقافي والاجتماعي الذي تمثله الطبقة الوسطى التي قُتلت بفعل الحرب والظروف الاقتصادية، وهي منها، منوهة بأن قصائدها أشجع منها، تحضر دون استئذان لتقول كلمتها وهي ضميرها المستتر ولا تصلح للغناء والتطريب والإلقاء على منبر الخطابة وإنما للقراءة في صلتها الوثيقة مع الآخر في وحدته الصافية.

وبيّنت كامل أنها لا تدّعي أن قصيدتها تُخلق من كلمات بل من معركة، أدواتها متواضعة ورموزها ضامرة ورؤاها مهزومة تشير إلى القتل لترفضه، وأن من شجعها يوماً على النشر أنسي الحاج الذي قال لها: “ينبع الشعر ممن لا يدركون معاني كونهم شعراء، ولا شيء يضاهي الكتابات والقصائد الشعرية”، وقد نصحها أيضاً علي الجندي حين قال لها وهي صبية هاوية: “عيشي الحياة قصيدة ثم اكتبيها”، في حين أيّد عادل محمود عنوان المجموعة قائلاً: “لا غيره يعبّر عن حالنا”، وقد اعتبرته نهلة كامل وصية، في حين اعتبر خليل صويلح العنوان “صادماً يصلح لرواية”.

تحية منها للزمن الجميل 

وأوضح سامي أحمد، مدير دار التكوين للنشر، أن الدار سبق وأن أصدرت كتاب “ممدوح عدوان الفارس الخاسر” لنهلة كامل، وهي اليوم سعيدة بإصدارها للكتاب الثاني، مؤكداً أن أهم ما يميّز كامل هو تاريخها المميز في عالم الصحافة وهي شخصية حرة بالمعنى الثقافي والإبداعي، تكتب ما تراه مناسباً بعيداً عن القيود والمفروضات.

ورأى أحمد أن أهمية المجموعة تعود إلى أنها تستحضر الذاكرة الثقافية، منوهاً بأن دار النشر ومنذ تأسيسها تعمل على إبراز الأصوات الشعرية الجدية، وتتبنى الأعمال التي فيها كشف شعري إبداعي، وهي اليوم تتابع إصدار سلسلة “هي” التي تضمّ شعر المرأة العربية وطريقتها في كتابة الشعر، وقد صدرت منها مجموعتان، وستتابع العمل فيها على الرغم من اعتقاد الكثيرين أن زمن الشعر ولّى، إلا أن أحمد يؤكد أن الدار لا تؤمن أن هذا الاعتقاد صحيح، وهي حريصة دوماً على إلقاء الضوء على الأصوات الشعرية والعمل على ترويج إصداراتهم بشكل دائم.