فلاحو الحسكة يعانون من قلة الدعم.. ورئيس اتحاد فلاحي المحافظة يحذر!!
يعاني أغلب فلاحي الحسكة، وخاصة في منطقة القامشلي، من صعوبة تأمين مستلزمات الزراعة من بذار وأسمدة، فضلاً عما شهده الموسمان الماضيان انحساراً في الهطولات المطرية، ما تسبّب بتراجع الموسم الزراعي للمحاصيل الزراعية الشتوية، وبالتالي زيادة معاناة سكان المنطقة.
سوق سوداء!
وفي لقاءات مع بعض الفلاحين أكدوا أنهم يعانون صعوباتٍ عدة في زراعة الأرض بالمحاصيل الشتوية (القمح والشعير) بسبب غلاء أسعار بذار القمح، مع عدم توفره في فرع مؤسسة إكثار البذار، واضطراهم لشراء حاجتهم من البذار من التجّار الذين يتحكّمون بالأسعار ويحتكرونها فيما يشبه “السوق السوداء”، إذ وصل سعر الكيلو الواحد لبذار القمح إلى 3500 ليرة، على الرغم من تحديده حكومياً بـ2200 ليرة!.
وأشار أحد الفلاحين في ريف القامشلي إلى معاناته الشديدة، ولاسيما مع تأخر الأمطار، وغلاء الأيدي العاملة وصعوبة تأمينها بسبب هجرة العديد من الشبان، وأجور النقل المرتفعة، وبعض المصاريف النثرية المرهقة، مؤكداً أن توقف المصارف الزراعية عن تقديم الخدمات للفلاحين زاد الطين بلةً وأثقل كاهل الفلاح بالديون والقروض، عدا عن قيام ميليشيا “قسد” العميلة بفرض أسعار مرتفعة لبذار القمح، والسماد الذي ناهز الـ2 مليون ليرة للطن الواحد.
وبيّن فلاحون آخرون أن هناك مصاريف وصعوبات أخرى تواجه الفلاح كأجور الحراثة المرتفعة جداً، وأجور العمال، حيث وصلت إلى أكثر من 45 ألف ليرة للدونم الواحد، مع تحكم أصحاب الجرارات بالفلاحين، إضافةً إلى تأخر توزيع مادة المازوت الزراعي، وارتفاع أسعارها في “السوق الموازية”.
دعم شحيح
رئيسُ اتحاد الفلاحين في الحسكة، عبد الحميد الكركو لم ينفِ الصعوبات التي تواجه الفلاحين، بل أكد وجودها لجهة شراء مستلزمات الزراعة (بذار القمح والسماد) من “السوق السوداء”، إضافةً إلى النقص الحاد في كميات بذار القمح، مبيناً أنه خلال الموسم الحالي كان المتوفر لدى فرع مؤسسة الإكثار 18062 طناً من القمح، مع تحديد سعره بـ2200 ليرة للكيلو، موضحاً أن تلك الكميات كانت قليلة جداً مقارنة مع الطلب والحاجة المرتفعين، فحاجة الفلاحين من بذار القمح نحو 145 ألف طن.
وأضاف الكركو: إن فروع المصرف الزراعي في المحافظة لا تمنح قروضاً للفلاحين، ولا تقدّم أية كمية من الأسمدة منذ سنوات عديدة، وتقدّم المبررات ذاتها والمتمثلة بالحرب المستمرة على البلاد والحصار المفروض عليها، مؤكداً في الوقت نفسه وجود صعوبات أخرى تواجه فلاحي المحافظة، ومنها عدم تأمين المحروقات، وحوامل الطاقة الكهربائية للري، ووجود الاحتلال الأمريكي ومرتزقته الذين منعوا فلاحي المحافظة من تسويق محاصيلهم وإنتاجهم من القمح إلى مراكز التسويق في القامشلي والحسكة خلال المواسم الماضية، فلم يتجاوز ما تمّ تسليمه من القمح الـ18 ألف طن، وهي كميات قليلة جداً مقارنة مع المواسم السابقة والتي كانت تصل إلى 180 ألف طن.
زراعات غير إستراتيجية
وحذّر رئيس اتحاد فلاحي الحسكة من أن غياب الدعم المقدّم للفلاحين سيؤدي إلى تراجع زراعة القمح، مع ظهور زراعات بديلة غير إستراتيجية، كالنباتات الطبية والعطرية، كونها قليلة التكلفة وتلائم الظروف المناخية وتحقق هامش ربح جيداً للفلاحين. ولفت إلى مشكلة “قديمة جديدة” تتمثل في المطالبة بإلغاء ديون الفلاحين تجاه المصارف الزراعية، وإعادة النظر في تحويل الفلاحين إلى القضاء، في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المحافظة في الفترة الراهنة على الأقل، مؤكداً رغبة الفلاحين الصادقة بتسديد الديون، والتي يحول دون تحقيقها مواسم الجفاف، وتكبدهم خسائر مالية كبيرة ومتلاحقة.
وطالب الكركو بإنشاء مركز حبوب في الحسكة في منطقة كوكب، نظراً لتوفر فرن آلي ومطحنة، وذلك لتخفيف العبء عن الأهالي في السفر إلى القامشلي وتجنيبهم مضايقات حواجز ميليشيا “قسد”. ولم يخفِ رئيس الاتحاد تفاجأ الفلاحين بسعر الحكومة للمحاصيل الزراعية الشتوية لهذا العام، حيث تمّ تحديد سعر القمح بـ٢٣٠٠ ليرة للكيلو غرام الواحد وسعر الشعير بـ ٢٠٠٠ ليرة للكيلو غرام الواحد والتي لا تتناسب مع أسعار التكلفة الحقيقية.
أمطار مبشرة
من جهته مدير زراعة الحسكة، المهندس علي خلوف الجاسم، بيّن أن المحاصيل الحقلية، سواء القمح والشعير أو العدس، بعد الهطولات المطرية التي شهدتها المحافظة تبشّر بموسم جيد، مشيراً إلى الخطة الزراعية للموسم الشتوي والصيفي للموسم الزراعي 2022-2023 الخاصة بمحافظة الحسكة، والتي تستهدف فيما يتعلق بالقمح البعل زراعة 424 ألف هكتار، المزروع منها 296 ألف هكتار، وبالنسبة للقمح المروي فالمخطط زراعة 290 ألف هكتار، زُرع منها 127 ألفاً في المناطق الآمنة وغير الآمنة. في حين بلغت مساحة الشعير البعل وفق كامل المخطط في المحافظة 274 ألف هكتار، إضافة إلى الشعير المروي المقرّر بـ28 ألف هكتار، زرع منها 9 آلاف هكتار.
ولفت الجاسم إلى تحسّن واقع المساحات البعلية من القمح والشعير، وتغيّر الحالة من متوسطة إلى أكثر من جيدة، في أغلب مناطق المحافظة، مؤكداً أنه ولغاية تاريخه لا يوجد أي إصابات حشرية أو مرضية أو آفات ضمن المساحات المزروعة، باستثناء إصابات فردية تكاد لا تذكر، مشيراً إلى تشكيل لجان من قبل المحافظة ومديرية الزراعة للوقوف على تقدير الأضرار التي خلفتها الهطولات المطرية الغزيرة التي شهدتها المنطقة، وألحقت الضرر في بعض الأراضي الزراعية في مناطق عدة.
الحسكة- كارولين خوكز