المقداد: جرائم الاحتلال في فلسطين لا تنفصل عن اعتداءاته في الجولان
نيويورك – سانا
أكّد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تنفصل عن ممارساته في الجولان السوري المحتل، مشيراً إلى أن أزمات الكيان المتكرّرة تدفع قادته الفاشلين إلى تصدير هذه الأزمات من خلال شنّ اعتداءات على الشعب الفلسطيني وعلى الأراضي السورية في تكريس لنهج قانون القوة وشريعة الغاب.
وقال المقداد في بيان أمام الاجتماع الوزاري لمجلس الأمن الدولي ألقاه بالنيابة مندوب سورية الدائم السفير بسام صباغ: يشهد شهر رمضان في كل عام تصعيداً إجرامياً إسرائيلياً وممارساتٍ عدوانية ضد الشعب الفلسطيني يندى لها جبين الإنسانية، والمؤسف أن مجلس الأمن يقف شاهداً على هذه الجرائم ضد الإنسانية دون أن يحرّك ساكناً أو لا يُسمح له بذلك نتيجة الحصانة والدعم غير المحدود اللذين توفرهما بعض الدول الدائمة العضوية لـ”إسرائيل”، مجدّداً إدانة سورية بأشدّ العبارات لاعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى وتدنيسها للحرم القدسي الشريف واستنكارها استمرار الصمت الدولي حيال جرائم الاحتلال الهادفة إلى إشعال المنطقة ودفعها إلى مستويات أعلى من التوتر وعدم الاستقرار.
ولفت المقداد إلى أن الدول الداعمة لـ”إسرائيل” تتحمّل مسؤولية هذا التصعيد وتداعياته، مطالباً الأمم المتحدة بإدانة هذه الانتهاكات والعمل على وقفها وضمان عدم تكرارها والعمل على إلزام “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من التمتع بحقوقه الوطنية المشروعة وغير القابلة للتصرّف، موضحاً أن الأزمات السياسية المتكرّرة داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي تدفع قادته الفاشلين إلى تصدير هذه الأزمات من خلال شنّ اعتداءات على الشعب الفلسطيني، وممارسة العدوان على سورية وشعبها وعلى أهالي جنوب لبنان في تكريس واضح لنهج قانون القوة وشريعة الغاب، حيث ميّزت هذه الممارسات تصرّفات الكيان منذ عام 1948 حتى الآن، ومعرباً عن الأسف أن قضية فلسطين وشعبها الذي يعاني يومياً منذ عقود من أبشع أنواع الجرائم باتت مسألة روتينية دون أن يكون هناك جهد ملموس لإلزام القوة القائمة بالاحتلال بوقف عدوانها المتعدّد الأوجه ومساءلتها عن أفعالها، ومن المؤسف أكثر أن البعض يساوي بين القاتل والضحية.. بين قوة احتلال وشعب واقع تحت الاحتلال ومحروم من أبسط حقوقه كالحق في الحياة ثم يُطلب من الطرفين “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس”.
كذلك لفت وزير الخارجية والمغتربين إلى أن “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال كانت ولا تزال السبب الوحيد وراء استمرار مأساة الشعب الفلسطيني، فهي هجّرت الفلسطينيين من أرضهم تحت وطأة القتل والمجازر والترهيب والاستيلاء على الممتلكات وهدم المنازل وحوّلتهم إلى لاجئين في شتى أصقاع الأرض، مشدّداً على أن المسؤولية عن قضية اللاجئين الفلسطينيين مسؤولية دولية سياسية وقانونية وأخلاقية قبل أن تكون مجرّد مسؤولية إنسانية أو خدماتية، كما جدّد المقداد التأكيد أن استمرار عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” ودعمها للاجئين لا غنى عنه ولا سيما في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، منوّهاً بضرورة استمرار الأونروا في القيام بولايتها وتأمين التمويل اللازم لميزانيتها من الأمم المتحدة وتبرّعات الدول المانحة وبشكل كافٍ ومستدام.
وشدّد المقداد على أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تنفصل عن ممارساته في الجولان السوري المحتل منذ عام 1967 التي تتجلّى في مواصلة “إسرائيل” سياساتها العدوانية بحق أهلنا في الجولان وممارستها أبشع الانتهاكات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني من اعتقال وقتل وتهجير، كما تُمعن في سياستها الاستيطانية التوسّعية الممنهجة في الجولان المحتل بهدف تكريس الاحتلال وزيادة أعداد المستوطنين وفرض التغيير الديموغرافي، فضلاً عن سرقة موارده الطبيعية والاستيلاء على الأراضي وإقامة مخططات عليها تتسبّب بآثار كارثية على حياة السوريين في الجولان.
وبيّن وزير الخارجية والمغتربين أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم أرض الجولان المحتل منصّةً لشنّ اعتداءات متكرّرة على الأراضي السورية، حيث استهدفت في الـ22 من آذار الماضي مجدّداً مطار حلب الدولي المدني ما أدّى إلى خروجه من الخدمة وتوقّف خدمات الأمم المتحدة للنقل الجوي وعمليات إيصال المساعدات الإنسانية للمتضرّرين في المحافظات المتضرّرة بسبب الزلزال لأن هذا المطار كان بوابة أساسية لإيصال المساعدات الإنسانية، لافتاً إلى أن قيام “إسرائيل” بشنّ هذا العدوان بالتزامن مع زيارات مسؤولين أمميين إلى سورية لمتابعة جهود التخفيف من الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعيشها البلاد بعد سنوات الحرب والزلزال المدمّر ليس بغريب عن كيان إرهابي تزامنت نشأته المشبوهة مع جرائم اغتيال المسؤولين والوسطاء الأمميين.
وجدّد المقداد تحذير سورية لـ”إسرائيل” ورعاتها من مخاطر هذه السياسات العدوانية التي تدفع المنطقة نحو تصعيد شامل ومرحلة جديدة من غياب الأمن وعدم الاستقرار، مطالباً مجلس الأمن بالتخلّي عن صمته وتحمّل مسؤولياته بشكل عاجل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وتطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وفي مقدّمتها قرارا مجلس الأمن 242 و338 والقرار 497 الذي اعتبر قرار “إسرائيل” فرض ولايتها على الجولان باطلاً وملغى ولا أثر قانونياً له، معرباً عن الشكر لروسيا رئيسة مجلس الأمن لهذا الشهر ووزير خارجيتها سيرغي لافروف على تنظيم هذه الجلسة المهمّة حول الحالة في الشرق الأوسط، ومبيّناً أن مواقف موسكو كانت على الدوام إلى جانب الشعوب التي تعاني من الاستعمار والظلم.
واستنكر المقداد استغلال وفد الاتحاد الأوروبي الجلسة حول الحالة في الشرق الأوسط لإثارة مسائل تتعلق بالوضع في سورية لا صلة لها بموضوع الجلسة، وذلك في مسعى مكشوف لحرف الانتباه عن مناقشة الجرائم التي ترتكبها “إسرائيل” في المنطقة، كما يدل على تمسّكهم بسياسات غير واقعية تجاوزتها التطوّرات والأحداث في وقت تحتاج فيه سورية إلى تضافر جميع الجهود الدولية لمساعدتها على تجاوز التداعيات السلبية الناجمة عن السياسات الخاطئة التي اتبعتها دول الاتحاد على مدى أكثر من عشر سنوات، وخاصة قيام هذه الدول والولايات المتحدة بفرض إجراءات اقتصادية قسرية غير شرعية على الشعب السوري.