آثار الزلزال المدمر وضعف التمويل يهددان الموسم السياحي في حلب!
على مدى السنوات السبع الماضية، تتالت زيارات الحكومة إلى حلب مجتمعة ومنفردة، بهدف وضع الرؤى والأفكار والخطط والبرامج الخدمية والتنموية والاقتصادية لإزالة آثار الإرهاب عن المدينة، وإطلاق مشروع إعادة الإعمار والبناء وتسريع دورة العملية الإنتاجية لتعويض ما خسرته حلب خلال سنوات الإرهاب.
وبكل تأكيد لم تكن المهمة سهلة بالنظر إلى حجم ما خلفه الإرهاب من أضرار جسيمة في البنية التحتية لمختلف القطاعات، ومنها القطاع السياحي، إذ تعرّض لأضرار جسيمة مباشرة وغير مباشرة قُدّرت بعشرات المليارات.
وعلى الرغم من الصعوبات الفنية والتقنية والمالية، والتي زاد من تعقيداتها زلزال 6 شباط المدمّر، لم تتوقف عجلة العمل السياحي في حلب ولو بالحدود الدنيا، إذ بدأ هذا القطاع بالتعافي تدريجياً وفق خطط وبرامج مدروسة منها ما نفذ، ومنها ما ينتظر التمويل ليكتمل المشهد.
تعثر وتأخر
في لقاء مع المهندسة نايلة شحود مديرة السياحة بحلب أشارت إلى أن المديرية تعتمد خطة سنوية لتنشيط الحياة السياحية، تتضمن بالإضافة إلى خطط التأهيل والترميم للمواقع المتضررة، إطلاق حزمة من المشاريع السياحية للاستثمار، والعديد من الفعاليات المتنوعة، إلا أنه في هذا العام تعثر وتأخر تنفيذ الخطة نتيجة تداعيات الزلزال الذي ضرب المدينة في وقت يتمّ التحضير والاستعداد فيه للموسم السياحي، ومع ذلك يتم حالياً التواصل مع وزارة السياحة والتي بدورها تولي حلب كل الدعم والاهتمام المطلوبين، لإجراء تقييم للواقع الراهن، وإعداد الدراسات والخطط القابلة للتنفيذ لرفع مستوى العمل السياحي، وتحقيق مردود نوعي يتناسب مع غنى حلب السياحي والثقافي.
صعوبات إضافية
وبيّنت شحود أنه بالإضافة إلى ما سبق شكلت التقلبات في المشهد والمتبدلات السلبية الناتجة عن الحصار الاقتصادي وضعف القدرة الإنتاجية والشرائية على السواء حالة غير مستقرة، وأنتجت واقعاً صعباً ومعقداً انعكس سلباً على الواقع الحياتي برمته، ما أثر على تنفيذ البرامج والخطط، وكنتيجة طبيعية أدى ذلك إلى تراجع واضح في مؤشرات نمو القطاع السياحي شأنه شأن باقي القطاعات، وبالتالي لا بد من إعادة قراءة المشهد وفق رؤية واضحة قابلة للتنفيذ ترتكز على أسس ومعايير منطقية تنسجم مع الواقع الراهن المعاش.
تفاؤل!
وتبدي المهندسة شحود تفاؤلها بالمرحلة القادمة، مشيرة إلى أن الجهود على مستوى الوزارة والمديرية بحلب مستمرة وبالتعاون مع كافة الشركاء، لرسم خريطة سياحية طموحة وشاملة، ستسهم لاحقاً في خلق بيئة مثالية وناضجة للنهوض بالقطاع السياحي وستساعد على تذليل كافة العقبات التي تعترض الجانب الاستثماري على وجه الخصوص، موضحة أن حلب تملك مقومات ومحفزات سياحية عدة ما يجعلها مركزاً مهماً للاستثمار السياحي بمختلف صنوفه وأشكاله.
خطوات متقدمة وطموحة
وتضيف المهندسة شحود أن القطاع السياحي في حلب شهد مؤخراً نشاطاً ملحوظاً ومتنامياً وبدعم واهتمام -من وزارة السياحة- لجهة تنظيم آليات العمل وتحفيز المستثمرين في هذا المجال وعلى مستوى جودة المنتج والالتزام بالمعايير والمواصفات والأسعار وبكل ما يتعلق بتطوير العمل السياحي.
وخلال الفترات السابقة تمّ منح عشرات الاستمارات للتأهيل السياحي لمنشآت من سويات مختلفة وبفعاليات سياحية متنوعة (فنادق- مطاعم- مطاعم وجبة سريعة- صالات شاي- مقاهي) ومنح رخص تشييد وتوظيف سياحي لمنشآت إقامة وإطعام وترخيص مكاتب سياحة وسفر جديدة، وتأسيس وإشهار جمعيات سياحية للبدء بإجراءات الترخيص، وكلّ ذلك يعطي مؤشرات مهمة وإيجابية على استعادة القطاع السياحي في حلب لحيويته ونشاطه .
وبما يخصّ آلية العمل الرقابي، أشارت المهندسة شحود إلى أن المديرية تتابع يومياً عمل ومنتج المنشآت السياحية بمختلف تصنيفاتها، وذلك وفق القوانين الناظمة، وبالتعاون والتنسيق مع لجان الضابطة العدلية والمشتركة، والتي تقوم بدوريات وقائية ومشتركة وسرية للحفاظ على السوية السياحية، كما يتمّ التصديق على الأسعار المعتمدة من قبل الوزارة، والتأكيد على إعلانها للزبون، كما يناط بهذه اللجان مهمة التفتيش والتدقيق بموضوع النظافة والجوانب المتعلقة بإجراءات السلامة العامة والبطاقات الصحية للعمال، إذ يتمّ التعامل مع أي مخالفة وفق القانون /23/.
التركيز على الجودة
وبما يخصّ عمل دائرة القياس والجودة، أوضحت المهندسة شحود أن هذا الجانب يأتي في مقدمة أولويات عمل المديرية، إذ يتمّ وضع خطة سنوية، يتمّ من خلالها تقسيم المدينة إلى محاور أساسية، تغطى رقابياً من الضابطة العدلية والمشتركة وبالتناوب، بالإضافة إلى تعاملها الفوري مع أي حالة طارئة أو شكاوى واردة من المواطنين، ويناط باللجان أيضاً إعلام أصحاب المنشآت بالقرارات والتعاميم الصادرة عن الوزارة ليصار إلى تنفيذها بشكل فوري ويتمّ توثيق جميع الجولات بشكل إلكتروني من حيث نتيجه الزيارة وموعدها ومجرياتها بالاضافه لجولات سرية وفق القانون 23 لضمان جودة العمل السياحي، كما يتمّ تكثيف الجولات في أيام الأعياد والمناسبات حسب المحاور الأكثر اكتظاظاً، ويتمّ توجيه الملاحظات والإنذارات وتحرير الضبوط اللازمة في حال وجود مخالفة، وقد بلغ عدد الجولات الرقابية خلال العام الماضي /147/ وحُرّر 67 ضبطاً.
أخيراً..
ما نودّ التأكيد عليه هو أن العمل السياحي لا يقوم على جهة محدّدة دون أخرى، وهو عمل متكامل وتشاركي بين كافة الجهات المعنية وذات الاختصاص، والمطلوب لإنجاح الموسم السياحي الصيفي في حلب الإفراج عن خطة المديرية السنوية والتصديق عليها وتمويلها، وتكاتف الجهود وتوظيف واستثمار الإمكانات والدعم المتاح في مكانه وزمانه الصحيحين، ودعم المبادرات المجتمعية والأهلية الجدية ذات الطابع الوطني وبما يعزّز العملية التنموية والإنتاجية ويدفع بحلب نحو النهوض المتوازن والمستدام.
معن الغادري