غير منسجمة ؟!
بشير فرزان
مصطلح الرؤى الجديدة يغزو جميع المؤسسات والوزارات حيث انهمك الجميع في البحث عنها خلال الاجتماعات والورشات بعناوينها المختلفة، وارتفعت وتيرة وسخونة السباق في الوزارات التي يطالها التعديل والتغيير حيث يعود الحديث من جديد عن وضع استراتيجية للعمل خلال لمرحلة المقبلة في كنف الفكر الجديد الذي تربع على عرش القرار الوزاري وطبعاًيمكن تعميم هذه الحالة على جميع القطاعات وخاصة لجهة إحراج غالبية الوزارات والمؤسسات التي وجدت نفسها في مواجهة خاسرة مع واقعها المرير، وتحديداً لعدم قدرتها على الخروج من دائرة التكرار للخطط الورقية والانزلاق في متاهة التحديات والحلول الجزئية، وضبابية الأهداف على المستويين الآنيّ والاستراتيجي، بل العجز في التخطيط لفترة وجيزة فقط!.
وإذا كان عدم تعميم هذه الحالة على جميع الوزارات والمؤسسات الصحية والخدمية والاقتصادية والسياحية والصناعية والزراعية والمعنية بالشؤون الاجتماعية والعمل، يجنّبنا المواجهة مع الكثير من الجهات، إلا أن ذلك لا يمنع من مطالبتها بتقديم دلائل فعلية ورقمية تثبت جاهزيتها للمرحلة المقبلة، بمنأى عن أساليب الإعلان عن الجاهزية عبر الشعارات والدراسات غير المنسجمة مع الواقع، وما يزيد المعاناة أن غالبية الجهات لم تستطع إلى الآن جمع البيانات وصياغة الرؤى والأهداف، بالاستناد إلى مؤشرات واقعية ومنطقية قابلة للتنفيذ، ووفق برنامج زمني محدّد وخارج نطاق البدايات والنهايات المجهولة (السرمدية والأبدية والأزلية والأمدية).
وقد يكون من السابق لأوانه إطلاق أحكام نهائية ومبرمة تمس الإمكانيات وقدرة الخبرات الموجودة في الجسم الوظيفي والتي تمتلك حق اتخاذ القرار ورسم المشهد السوري في المرحلة المقبلة، وبكل تأكيد نتمنى لهم النجاح، إلا أن ذلك لا يلغي موضوعية الحديث عن ضرورة التدقيق في إمكانيات آلاف المستشارين باختصاصاتهم المختلفة، والذين عجّت بهم مكاتب الكثير من الوزارات والمؤسسات على مدار السنوات الماضية، والتي لم تحقّق أي تقدم، وطبعاً نستند هنا إلى قاعدة (الشك بداية الحقيقة)، فقد تعوّدنا على طعم الطبخات “الشايطة” في القطاع الصناعي والزراعي والإداري.. ووو.. والتي تمّت بعملية خاطفة عابرة لأسس الانتقاء الصحيح ومجهولة النتائج إلى الآن، وهذا ما يشرعن مخاوف الشارع السوري على حياته الاقتصادية والاجتماعية والخدمية وكل ما يتعلّق بالمستقبل!.
ومابين مبشّر ومنذر بفاعلية الرؤى الجديدة على ساحة العمل والتنفيذ..
تبقى التطلعات والآمال قائمة في ميدان العمل على إخراجها من نطاق الاقتباس الخاطئ من تجارب الآخرين، وانتشال محاورها من غرف عمليات الاستنساخ الفاشلة لخطط سابقة مع بعض التغييرات في العناوين التي اعتادت الجهات على مضغ مضمونها دون تحقيق أي رصيد إيجابي على صعيد العمل الذي اعتمد حتى هذه اللحظة السياسات الجوفاء بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى!!.