كما كل المهن الفكرية.. تبخيس جهود مصممي الجرافيك بأجور زهيدة و”تشليف” يخنق المهنة
دمشق- ريم ربيع
“تصميم بوستر بـ 5000 ليرة وبوست فيسبوك بـ 1000 ليرة”، هو إعلان ما إن نشره أحد المصمّمين على مجموعة متخصصة بالتصميم الجرافيكي على فيسبوك، حتى انهالت عليه مئات الانتقادات والتعليقات السلبية المستنكرة تبخيس قيمة التصميم لهذا الحدّ، حيث يواجه المصمّمون اليوم صعوبات كبيرة في التعامل مع الزبائن عند الحديث عن التسعيرة التي لا يمكن دائماً قياسها بأسعار الدول الأخرى من جهة، ولا يمكن تخفيضها لما يقلّل من قيمة التصميم من جهة أخرى، ليصبح “التشليف” معياراً للأسعار بغضّ النظر عن مستوى الجودة.
وكما أي مهنة فكرية وإبداعية، يواجه التصميم محلياً إشكالات عدة في تحديد الأسعار، فالمصمّم –الذي غالباً ما يكون عمله عن بعد- يحتسب تكلفة اهتلاك الكمبيوتر الذي لا يقلّ سعر النوع الجيد منه عن 7 ملايين ليرة، وتأمين الكهرباء وشبكة الإنترنت، ومن ثم تقييم الجهد المبذول لإعداد تصميم بجودة جيدة، أما الزبون فهو يقارن السعر بمتوسط الأجور محلياً، إذ يرفض الكثير من الزبائن، سواء أكانوا أشخاصاً أم شركات الأسعار التي يطلبها المصمّم بحجة أنهم زبائن محليون وليسوا أجانب، ويفترض التعامل معهم وفق متوسط الأجور محلياً دون المقارنة بدول أخرى.
وعن وسطي الأسعار التي تطلب عادة يوضح المصمّم أحمد علام أن تكلفة البوستر بين 30-70 ألف ليرة، واللوغو 100-400 ألف ليرة، والهوية البصرية 200-700 ألف، أما إن كان العمل المطلوب هو مشروع كامل لشركة ما ومكون من 15 بوستر سوشال ميديا خلال شهر، فلا يقلّ الأجر عن 600 ألف ليرة، موضحاً أن هذه الأسعار التي تطلب في العمل الحر، أما إن كان عمل المصمّم ضمن شركة وبراتب ثابت، فإن وسطي الأجور يتراوح بين 1- 1.5 مليون ليرة.
هذا بالنسبة للأسعار المحلية، أما إذا كان العمل لدولة أخرى –يضيف علام- فترتفع الأسعار للضعف تقريباً، ومع ذلك تبقى سورياً الأرخص في الأجور، لذلك تفضّل الشركات الأجنبية التعاقد مع السوريين، فيما تلقى هذه المهنة إقبالاً كبيراً من الشباب، سواء أكانوا طلاباً أو حتى موظفين لمردودها الجيد، أما ما يُنشر في بعض الأحيان من إعلانات عمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي برواتب تقلّ عن مليون ليرة فهي ظالمة ومجحفة بحق المصمم، وكذلك ما يعمد إليه بعض المصممين -المبتدئين في الغالب- لنشر عروض أسعار زهيدة، فهي تسيء لجهد المئات وتبخس من جهدهم، مطالباً بتنظيم هذا القطاع وإيجاد نقابة تضمن حقوق العاملين بهذا المجال المتسارع الانتشار.
مصدر في وزارة التجارة الداخلية بيّن أن الوزارة سمحت مؤخراً للعاملين بهذه المهنة الحصول على سجل تجاري للعمل ضمن المنزل دعماً لهم، لكن موضوع التسعيرة لا تتدخل به الوزارة فلا يوجد أسعار موحدة أو محدّدة من أية جهة رسمية، ويعود الأمر لعلاقة المصمّم مع الزبون أو الشركة.