أيضاً في الموسم الدّرامي.. وداعاً “تجميل” ولا كوميديا!!
نجوى صليبه
هل انتهى زمن الكوميديا؟
أما وقد انتهى الموسم الدّرامي الرّمضاني، فبإمكاننا القول بغياب الكوميديا عنه محلياً، وعربياً أيضاً، فعائلة النّجوم الخمسة والسّتة والسّبعة التي جمعها ممدوح حمادة وهشام شربتجي فرّقتها هموم الحياة والموت والسّفر والأهداف، و”جميل وهنا” انفصلا في الواقع كما في التّمثيل، وكأنّما زياد الرّيس عندما كتب العمل تنبّأ بنهاية الثّنائية الجميلة أيمن زيدان ونورمان أسعد، وذلك على خلاف ما قدّمه في “أنت عمري” فربّما عندما كتبه لم يخطر في باله أنّ قحطاً قادماً سيعيشه المشاهد السّوري على جميع الصّعد بما فيها العاطفي، فالزّوج الذي تطالبه زوجته، اليوم، بأن يتغزّل بجمالها بعبارات من شاكلة عنوان العمل يردّ عليها: “لقد أحضرت أسطوانة الغاز وربطة الخبز واللباس المدرسي وفاتورة الاتّصالات، وإليك الليرات المتبقية من الرّاتب”، وأمّا مغامرات “بطل من هذا الزّمان” – أيضاً كتبه ممدوح حمادة – فما عادت غريبة أو مميزة لأنّنا جميعاً أصبحنا أبطالاً في سعينا إلى قوت يومنا ولقمة عيشنا.
أعمال كوميدية كثيرة حفرت في ذهن المشاهد السّوري، طبعاً منها “ضيعة ضايعة” و”الخربة” و”بقعة ضوء” و”مرايا”، لن نقول: لن تتكرر، لكن من الصّعب كتابة مثيل لها على الأقل في المرحلة الحالية، وعلى ما يبدو فإنّ كتابة الكوميديا تتطلّب روحاً مرحة، وهذه لا تكون من دون نفسية مرتاحة مادّياً ومعنوياً، وذلك على خلاف ما قيل سابقاً حول أنّ من يكتب في هذا المجال غالباً ما يكون متجهماً عابساً في حياته اليومية، طبعاً ومن البدهي أن نقول إنّ نصّاً كوميدياً جيّداً يحتاج ممثلين مميّزين ويتمتّعون بقدرات خاصّة، ولأنّ الجيل السّابق وبحكم السّن لم يعد قادراً على تلبية هذه الحاجات، يبقى الأمل بجيل شاب من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية الذي نرى نسبةً غير قليلة منهم تتّجه فور التّخرّج إلى أعمال البيئة الشّامية بحكم أنّها دارجة وكثيرة، وطبعاً لا يمكننا أن نلوم أحداً هنا لأنّ من حقّهم استغلال فرص العمل المتاحة مثلهم مثل أيّ خريج جامعي.
شباب..
كما المواسم الرّمضانية السّابقة، قدّمت المخرجة رشا شربتجي والمخرج سيف سبيعي في هذا الموسم ممثلين شباباً وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية على اختلاف دفعاتهم، وكذا فعل المخرج سامر برقاوي هذا الموسم في “الزّند- ذئب العاصي”، ويحسب له أيضاً أنّه أخرج إمكانيات وقدرات لممثلين شباب كان لهم حضور عادي في أعمال درامية سابقة، لذا لا بدّ لنا من أن نعيد القول بخطورة تنميط الممثّل وتحجيمه في أدوار وشخصيات بعينها.
لا تجميل..
ما شاهدناه في “الزّند” هذا العام من وجوه عادية وطبيعية تحديداً للممثّلات يضعنا أمام نظرية جديدة في الظّهور التّلفزيوني عموماً، تدحض ما درج في السّنوات السّابقة أو حاول الكثيرون ترسيخه في أذهاننا وهو أنّ الإعلام والدّراما يتطلّبان جمالاً باهراً مع العلم أنّ بعض الممثلات ومقدّمات البرامج –وللأسف- بعد خضوعهنّ لعمليات تجميل كثيرة صرنَ أقلّ جمالاً وجاذبيةً وحتّى قبولاً من المشاهد، ونخصّ بالذّكر تلك التي لم تعد تشبه نفسها!.
الحديث عن الحفاظ على الشّكل الطّبيعي للممثلات ليس جديداً بل قديم جداً، طرحه في السّابق المخرج نجدت أنزور عندما تحدّث عن اختياره لممثلات “ما ملكت أيمانكم”، على الرّغم من أنّ الـ”بوتوكس” والـ”فيلر” لم يكن موجوداً آنذاك بالشّكل والكمّ والطّلب اليوم.
ديمة وكاريس..
بعد مشاركتها الباهتة والتّقليدية في المسلسل التّلفزيوني المشترك “ستيليتو” تعود الفنّانة كاريس بشار في “النّار بالنّار” إلى سابق عهدها، أي إلى أدائها المميز الذي اعتدنا عليه شكلاً ومضموناً، ومثلها الفنّانة ديمة قندلفت التي قدّمت في “العربجي” دوراً مختلفاً ليس فقط عن “ستيليتو” بل عن أدوارها جميعاً، فهي الدّاية “بدور” التي تنتقل من بيت إلى آخر وتنفث السّم كما يُطلب منها، وتحتال على الجميع لكي تصل إلى مرادها وتتزوّج من ابن “درية خانم” (نادين خوري) التي تغدر بها فتنقلب عليها وتنتقم منها وتفشي أسرارها، أمّا الهدف الثّاني الذي كانت تسعى إليه فهو الانتقام من “عبدو العربجي” (باسم ياخور) لأنّه لم ينقذ والدها من الموت، فتوصله إلى حبل المشنقة، وتتسبّب بمقتل ابنته بعد اتّهامها بشرفها، وتحاول قتل الثّانية بناءً على طلب “درية خانم”، إلى أن يتحوّل كرهها وحقدها إلى حبّ لم تعد تستطيع إخفاءه على “العربجي” الذي يبادلها المشاعر ذاتها في الحلقة الأخيرة.
هذا الحديث ينطبق على عدد لا بأس به من الممثلين السّوريين الذين يشاركون في أعمال مشتركة ويقدّمون أداءً دون المعهود ولن نقول دون المستوى.