زاخاروفا: الغرب يقف وراء التخطيط العسكري الكامل للحرب في أوكرانيا
موسكو – واشنطن – تقارير:
كل ما يتعلّق بالأزمة الأوكرانية منذ بدايتها قبل عدّة أعوام يؤكّد أن الغرب كان يحضّر لاستخدام أوكرانيا مسرحاً لاستهداف روسيا واستنزافها، ابتداء من الخداع الغربي المعترف به من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والنظام الأوكراني فيما يتعلّق باتفاق مينسك، وليس انتهاء بما اكتشفه الجيش الروسي في أوكرانيا من مختبرات أمريكية لتطوير أسلحة بيولوجية لاستهداف روسيا، والعقوبات الغربية الممنهجة ضدّ موسكو التي كان الغرض منها خنقها وهزيمتها استراتيجياً، ولكن القيادة الروسية تنبّهت منذ البداية لهذه المحاولات الغربية وتمكّن الاقتصاد الروسي من الصمود في وجه الحصار، فضلاً عن دينامية الدبلوماسية الروسية التي مكّنتها من الحصول على أصدقاء كثر حول العالم، وهذا بالضبط ما بات يمثّل عنصراً مستفزّاً للغرب الذي شعر بفشل جميع إجراءاته المعادية لموسكو وانقلاب السحر على الساحر، فظهر الحنق الأمريكي واضحاً مؤخراً من خلال رفض واشنطن منح الصحفيين الروس تأشيراتٍ لمرافقة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى نيويورك لحضور جلسة مجلس الأمن بعد ترؤس بلاده مجلس الأمن هذا الشهر.
وفي التفاصيل، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الغرب يقف وراء التخطيط العسكري الكامل في أوكرانيا، وليس فقط التخطيط التكتيكي.
ونقلت وكالة سبوتنيك عن زاخاروفا قولها اليوم: إن “الغربيين يعلنون صراحة أنهم سيفعلون كل ما في وسعهم لضمان نجاح هجوم القوات الأوكرانية، الذين يقولون إنه سيحصل في المستقبل القريب كما أنهم لا يخفون وقوفهم وراء كل هذا التخطيط العسكري وليس فقط التوجيه التكتيكي الذي تحدّثنا عنه مراراً وتكراراً سابقاً”.
وحول تصريح مستشار الرئيس الأوكراني ميخائيل بودولياك بأن من حق أوكرانيا تدمير كل شيء، قالت زاخاروفا: “لقد فهم الجميع بالفعل أن منطق نظام كييف النازي هو تدمير كل ما هو متمرّد ولا يمكن السيطرة عليه، وهذه هي أيديولوجية نظام كييف، وهنا أودّ أن أشكر سلطات كييف على الاعتراف علناً بذلك”.
وكان بودولياك قال في وقت سابق: إن لأوكرانيا الحق في تدمير كل ما هو موجود في شبه جزيرة القرم، وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، ومنطقتي زابوروجيه وخيرسون.
من جهة ثانية، وصفت زاخاروفا مقتل الأشخاص في حريق مجلس النقابات العمالية في مدينة أوديسا الأوكرانية عام 2014، بأنه تكرار لجرائم مدينة خاتين البيلاروسية قبل 80 عاماً خلال الحرب العالمية الثانية.
وأشارت زاخاروفا إلى أنه لم يتم إجراء أي تحقيقات في هذه القضية حتى الآن، كما لم تتم معاقبة مرتكبي الجريمة، وعلاوة على ذلك فإن عدداً ممن اعتقلوا أمام الكاميرات وأسروا بشكل واضح، وقتلوا أشخاصاً أحياء لم يبقوا طلقاء فحسب، بل إنهم يشاركون ببساطة في أنشطة عامة فيما يسمّى الدولة الأوكرانية.
وفي سياق آخر، دعت زاخاروفا الأطراف السودانية إلى إيجاد حل سلمي للخلافات من خلال المفاوضات واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار.
وقالت زاخاروفا: “نشعر بقلق بالغ إزاء الأحداث المأسوية الجارية في السودان، وندعو أطراف النزاع لإبداء الإرادة السياسية وضبط النفس واتخاذ إجراءات عاجلة تجاه وقف إطلاق النار، وانطلاقاً من هذا الموقف يمكن حل أي خلافات عبر المفاوضات”.
وأضافت زاخاروفا: إن عدداً من الدول طلبت من روسيا المساعدة في ضمان سلامة رعاياها في السودان.
إلى ذلك، استدعت وزارة الخارجية الروسية اليوم كبير موظفي السفارة الأمريكية في موسكو احتجاجاً على عدم منح تأشيرات للوفد الصحفي الروسي المرافق لوزير الخارجية سيرغي لافروف في رحلته إلى نيويورك قبل أيام.
ونقلت نوفوستي عن الوزارة قولها في بيان: “تلقّى كبير موظفي البعثة الدبلوماسية الأمريكية في موسكو إخطاراً رسمياً بالاحتجاج على الإجراءات الاستفزازية للبعثة التي عطّلت إجراءات منح التأشيرات لممثلي وسائل الإعلام من الوفد الصحفي المرافق لوزير خارجية روسيا الذي كان من المفترض أن يرافقه في رحلة إلى نيويورك في إطار تولّي روسيا رئاسة مجلس الأمن الدولي”.
وأكد البيان أن “مثل هذا التخريب الذي يهدف إلى منع العمل الصحفي العادي لن يمرّ دون ردّ”.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أكدت أمس الأول أن موسكو ستقابل الموقف الأمريكي بعدم إصدار تأشيرات دخول إلى أراضيها للصحفيين الروس بردّ مناسب.
السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف أكّد ضرورة الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة بين موسكو وواشنطن.
ونقلت وكالة نوفوستي عن أنطونوف قوله للصحفيين أمس: “تحت أي ظرف يجب أن نُبقي على قنوات مفتوحة للاتصال، لأن روسيا والولايات المتحدة دولتان نوويتان كبريان، وعضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي، ولذلك لا تزال السفارة الروسية على اتصال بالخارجية الأمريكية والبيت الأبيض”.
وأضاف أنطونوف: “رغم ذلك فإن الاتصالات نادرة جداً، وهي تقتصر على الخطوات السلبية تجاه السياسات الروسية، ولكنها مستمرة ونحن نستخدمها بأكبر قدر ممكن لإطلاع الجانب الأمريكي على المواقف الروسية”.
وأوضح أنطونوف أن واشنطن تتبع سياسة مطاردة الروس في جميع أنحاء العالم، حيث يوجد أكثر من 100 مواطن روسي محتجزين في السجون الأمريكية.
ولفت السفير الروسي لدى واشنطن إلى أنه لا يمكن الحديث عن أي عزلة عاناها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والوفد المرافق، خلال زيارته لمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وقال أنطونوف: “إن الأمريكيين كانوا يريدون تهيئة أجواء باردة أثناء استقبال لافروف، ورغم ذلك كانت كل المقاعد في القاعة التي جرى فيها المؤتمر الصحفي مشغولة، وكان من الممكن أن يستمرّ هذا المؤتمر يومين لو كان بإمكان الصحفيين طرح كل الأسئلة التي كانوا يريدون طرحها على لافروف”.
وأشار إلى أن المندوبين الغربيين تصرّفوا بشكل متكبّر وغير لائق تجاه لافروف خلال جلسات مجلس الأمن الدولي التي حضرها، ولكن على الرغم من هذا السلوك جرت كل الفعاليات خلال زيارة لافروف للولايات المتحدة بشكل ناجح ومثمر.
يُذكر أن وزير الخارجية الروسي زار نيويورك يومي الـ24 والـ25 من نيسان الجاري في إطار رئاسة روسيا لمجلس الأمن الدولي، حيث ترأس جلستين للمجلس وعقد عدداً من اللقاءات الثنائية، بما فيها مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
من جهة ثانية، اعتبرت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو أن بلادها تعزّز موقعها على الساحة الدولية، وتكسب حلفاء جدداً على الرغم من هجمات الغرب الشعواء ومحاولاته بشتى السبل عزلها.
ونقلت وكالة تاس عن ماتفيينكو قولها بمناسبة يوم النظام البرلماني الروسي: “تزامناً مع تشكّل هيكلية جيوسياسية جديدة في العالم أصبح تفاعل النواب الروس مع زملائهم في الدول الصديقة والبلدان التي لا تقبل الهيمنة والإملاءات الخارجية أحد أهم التوجّهات في سياستنا الخارجية”.
وأشارت ماتفيينكو إلى أن هذا يتجلى بوضوح بعدد الطلبات الدولية لعقد اجتماعات بصيغ مختلفة مع البرلمانيين الروس، وأجندة الفعاليات المقبلة.
وشدّدت على أهمية تطوير الدبلوماسية البرلمانية الدولية وتكثيف الاتصالات، وتحقيق نتائج ملموسة في العمل البرلماني الدولي.