البطولة السنوية الثامنة للروبوت.. أطفال بسن 6 سنوات يتقنون البرمجة وخوارزميات الذكاء الاصطناعي
دمشق – رامي سلوم
نظم الأولومبياد العلمي السوري اليوم البطولة السنوية الثامنة للروبوت، في صالة تشرين الرياضية بدمشق، بمشاركة فرق سورية ولبنانية، حيث سينتقل الفائزون للمشاركة في نهائيات البطولة في لبنان الشهر المقبل.
وشارك في الأولومبياد 39 فريقاً يمثلون 13 نادياً من خمس محافظات، إضافةً إلى فريقين من دولة لبنان، وتبدأ أعمار المشاركين من سن 6 سنوات وحتى الصف الثالث الثانوي (18 عاماً)، حيث يتنافسون على تصميم وبرمجة الروبوتات ضمن تحدٍ مشوق للغاية يظهر جلياً من خلال حماس أهالي المشاركين وتشجيعهم.
ويعتبر الذكاء الاصطناعي أبرز أدوات التكنولوجيا العصرية والقادر من خلال الإبتكار والإبداع على إيجاد الحلول للتحديات، وتطوير نماذج الأعمال، وفتح الأفق أمام الأفكار المبتكرة وتطبيقها لتسهيل الحياة والأعمال، وزيادة الكفاءة التشغيلية والتعليمية، واعتبرت مديرة الأولومبياد العلمي السوري، لين قاسم، أن تمكين الأطفال منذ سن مبكرة من أدوات الذكاء الاصطناعي سيزيد من القدرة على التطور من خلال إتاحة المزيد من سنوات التأهيل والاستمرار، مشيرةً إلى أن اختيار الأطفال وفقاً لميولهم ورغباتهم وقدراتهم الحقيقية، يُعتبر أساساً في الرهان على استمرارهم.
ولفتت إلى أن زيادة أعداد المشاركين بنحو 10 فرق جديدة عن العام الماضي يبين مدى الرغبة والجدية من قبل الأطفال والأهالي على حدٍ سواء بالتوسع في الذكاء الاصطناعي، والوعي الكبير بأهميته بوصفه لغة المستقبل، موضحةً: إن الروبوت جزء من برامج الأولومبياد، والتي تتضافر جميع الجهود لإنجاحه من خلال توفير المستلزمات الضرورية واللوجستية للبطولة، إضافةً إلى توفير المستلزمات الأساسية للتدريب، وانتقال الأطفال إلى الأندية، وتأمين المدربين الأكفاء.
والأولومبياد السوري، وفقاً لقاسم، يضم جملة من التخصصات في العلوم الأساسية “رياضيات فيزياء كيمياء معلوماتية، وعلم أحياء، بالإضافة للروبوت والمناظرات المدرسية والنمذجية الرياضية”، ويقوم على اختبارات وتصفيات وانتقاء وطني ليصل المتدرب إلى عالم، ويشارك في المسابقات العالمية، مؤكدةً أن الأطفال الذين بدؤوا في سن صغيرة تمكنوا من الوصول إلى مستوياتٍ عالية من الإبداع والإبتكار في الجامعات، وحققوا نتائج كبيرة في المسابقات المحلية والدولية.
وتحدّث مهيب النقري، مدير البطولة السنوية الثامنة، رئيس اللجنة العلمية للروبوت، عن زيادة الوعي بتقنيات الروبوت والذكاء الاصطناعي لدى الأهالي الذين يشجعون أطفالهم على متابعة أنشطتهم في نوادي الروبوت، على الرغم من اختلاف مستوى تحصيلهم العلمي، ما يدل على انتشار فكرة وتجربة الذكاء الاصطناعي وتوسعها في المجتمع، وهو الأمر الأساسي الذي تعمل عليه لجنة الروبوت.
وبين النقري أن البطولة تركز على التصميم والبرمجة، وتختلف المسابقات تبعاً للفئة العمرية، غير أنها جميعها تضاهي مستويات المسابقات العالمية بهذا المجال، وتمنح الأطفال تجربة راقية في المنافسة والخبرة، والتي تظهر في وجوههم المليئة بالحماس اليوم، لافتاً إلى أن اعتماد الأطفال على أنفسهم بعيداً عن إشراف المدربين خلال المسابقة، ووجود لجنة تحكيم مشتركة تجربة كبيرة بالنسبة للأطفال، ومبيناً أن بعض الأطفال موجود ومستمر في نوادي الروبوت منذ سنوات، وأصبحت لديه خبرات واسعة وقدرة ممتازة في علوم ومعارف الذكاء الاصطناعي على الرغم من صغر سنهم.
كذلك، لفت إلى أن الأطفال في سن 6 سنوات تقريباً يبدؤون تعلم البرمجة مع بداية تعلمهم القراءة والكتابة، كما أن بعض المشاركين الصغار قدِموا من محافظات أخرى، وهم في سن صغيرة، ما يمنحهم تجربة جديدة تضيف الكثير إلى خبراتهم، مشيراً إلى أن الأطفال الذين يتلقون المعلومات البرمجية في سن صغيرة وضمن إطار اللعب والمتعة سيصلون إلى المستويات الثانوية وهم مبرمِجين حقيقيين، ومبتكرين قادرين على التفكير الإبداعي.
وبالنسبة لعدد الأطفال المشاركين، أشار النقري إلى زيادة المشاركة عن العام الماضي، متوقعاً ارتفاع الإقبال على برامج الروبوت في المراحل المقبلة، خاصةً أن أعداد الأطفال المتدربين كانت أكبر قبل جائحة كورونا، والاضطرار إلى الانقطاع عن التدريب لفترة.
وأشاد رئيس مجلس أمناء مؤسسة الموارد البشرية، منير عباس، بجهود القائمين على نوادي الروبوتيك، والجهات المشرفة التي أوصلت المسابقة إلى هذا الحدّ من الإتقان، والمشاركة الواسعة، معتبراً أن الذكاء الاصطناعي هو أداة العصر الجديد التي لابد من امتلاكها.
وقال عباس: “نحن إحدى الجهات المنظمة للبطولة، وبدأنا مشاركتنا في التنظيم منذ العامين الماضين.. فخورون بزيادة أعداد المشاركين ومشاركة الأطفال في سن صغيرة، ما يؤشر لانتشار ثقافة الروبوتيك”.
وأوضح عباس أن “مؤسسة الموارد البشرية تعتبر بوابة سوق العمل للأشخاص الذين سيدخلون سوق العمل الرقمي، وبالتالي فإن مدراء الموارد البشرية والمتخصصين والمشاركين هم أعضاء في فريقنا بصورة مباشرة وغير مباشرة”، منوهاً بأنّ الإرادة السورية قادرة على محاكاة التطورات التقنية واستيعابها، فالعقل السوري أثبت جدارة وضعته في مصافٍ متقدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي على الرغم من الإمكانات الضعيفة نسبياً، حيث تمكن من التفوق على منافسين من دول غنية وقادرة على توفير المتطلبات بسهولة.
وبين أن نشر ثقافة الروبوتيك يعتبر واحداً من أهم واجبات المؤسسة، إضافةً إلى تهيئة الأشخاص لفرص العمل المستقبلية المرتبطة بالعمل الرقمي وريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي، حيث يعتبر توفر الثقافة والمعرفة مفتاح أساسي لقدرة الداخلين الجدد إلى سوق العمل على تلبية المتطلبات وتقدير الكفاءات المطلوبة وفهم المهام.
واعتبر سميح جابر، مدير جمعية كلمات، أن البطولة السورية في حالة تتطورٍ دائم من حيث المخرجات والتنظيم والمشاركين، مؤكداً أنه يتابع البطولة السورية منذ بدايتها، وأن التقدّم في مختلف النواحي ظاهر وبارز.
ولفت جابر إلى أن سورية ولبنان يحظيان بموقع جيد ضمن الترتيب العربي والعالمي في مجال الروبوت، كما أن الخطوات الواسعة للبلدين في المجال ستمكنهم من التقدّم بسرعة، مشيداً بالتنظيم وروح المنافسة والحماس لدى جميع المشاركين.