مشاكل وأخطاء التحكيم متى تنتهي.. ولماذا زادت في مباريات كرة القدم والسلة؟
البعث الأسبوعية – عماد درويش
عندما نتحدث عن اللعبتين الأكثر شعبية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي كرتي القدم والسلة، لابد أن نذكر الإثارة والتشويق والحماس وخلق روح المنافسة القوية وتعزيز الأساليب الحديثة المبتكرة من أجل جذب الجماهير الرياضية الى المدرجات التي أصبحت شبه خاوية في كرة القدم على وجه التحديد (بسبب قرار اتحاد كرة القدم بمنع الجماهير من حضور المباريات، فيما عدا بعض الحضور الذي لا يتجاوز العشرين متفرج) في الوقت الذي نجد فيه صالات السلة تغص بالجماهير الكبيرة مضيفة الحماس والمتعة.
وفي ظل الحاجة لوجود الجماهير لأسباب مادية ومعنوية يجب البحث في طريقة لتطوير المفاصل الفنية من لاعبين ومدربين والأهم الحكام الذين يعانون على أكثر من مستوى.
أين الخلل؟
لعلّ المتابع لما تطرحه وسائل الإعلام يُلاحظ بأنها لا تتطرق كثيراً إلى المشاكل والأخطاء التحكيمية التي تحدث بين الحين والآخر، فالمتعارف عليه جيداً بأن الحكم في النهاية بشر ومعرض للخطأ حاله حال اللاعب، حيث المهاجم غالباً ما يخطئ المرمى وتسجيل الأهداف، واللاعب المدافع يتعرض للأخطاء الفادحة التي تكلف الفريق الكثير، وكذلك حارس المرمى أحياناً يخطئ في صد الكرات الخطيرة ويتسبب في إحراز أهداف في مرمى فريقه بل ويخسر الفريق المباراة بسبب تلك الأخطاء، نفس الأمر ينطبق على لاعب السلة فالنجم قد يخطئ في عدم تسجيل رمية حرة بأخر المباراة تؤدي لخسارة فريقه أو في رمية ثلاثية، أو حتى في الانفراد بالسلة ولا يسجل منها، وكذلك المدرب والإداري الذين قد يصيبون أو يمكن يخطئون في اتخاذ قراراتهم أو في أساليب عملهم وادائهم.
إذًا أين الخلل؟ الخلل الواضح للعيان وللمتابعين الجيدين لمسابقاتنا الكروية “بكافة الفئات”، وأيضًا دوري الدرجة الأولى لكرة القدم والثانية للسلة، هو تكرار واستمرار الأخطاء الواضحة والفادحة من (بعض) الحكام وبالذات مع (بعض) الفرق!
وهذه الأخطاء تكلف تلك الفرق الكثير والكثير من ضياع الجهد والإعداد الطويل للموسم الرياضي الذي صُرف عليه المال الكثير، وتتسبب في التعب النفسي للاعبي الفريق (المظلوم) وذلك ينعكس على أدائهم في الملعب بشكل سلبي، وكذلك يؤثر على انفلات الأعصاب في الكثير من الاحيان ويحدث ما لا نتمنى حدوثه ولا يُحمد عقباه من مشاجرات من اللاعبين والكثير من الجماهير التي تصب جام غضبها على أولئك الحكام الذين تتكرر منهم الأخطاء، بل وتبدأ الأغلبية في التشكيك في شفافية وعدالة لجنة الحكام.
مسؤولية مشتركة
لم ينف أحد من المسؤولين عن اللعبتين (القدم والسلة) وجود أخطاء تحكيمية في مباريات المسابقات المحلية، بل اعترفوا بوقوع بعض أخطاء التحكيم، وأنها لا يمكن أن تختفي من ملاعبنا وصالاتنا طالما هي تعتمد على التقديرات الخاصة بالحكم للخطأ، والكثير من المتابعين استشهدوا بما حصل بالجولتين الماضيتين لدوري القدم ما رافقها من أخطاء تحكيمية أثرت على نتائج بعض الفرق وترتيبها، وكذلك بالمرحلة الأولى من إياب دوري السلة والدليل العقوبات الاتحادية التي طالت بعض المدربين واللاعبين والأندية بسبب الاعتراض على التحكيم.
إذاً أخطاء الحكام تتحملها لجنتهم من جهة، وهناك أخطاء يتحملها الحكم بمفرده حتى وان كانت غير مقصودة، وقد يكون سببها تحركه الخاطئ أو ابتعاده عن موقع الخطأ ويتحمل مساعدو الحكم المسؤولية معه (بكرة القدم) بعد ان أعطاهم الفيفا صلاحية مساعدة الحكم في اتخاذ القرارات، وفي كرة السلة يتحمل الحكم الرئيسي أي خطأ من قبل بقية الحكام.
للأندية نصيب
جزء من حل مشكلة أخطاء التحكيم يأتي من مسؤولي الأندية الذين يهاجمون الحكام قبل وبعد المباراة، وهجومهم لا يتوقف عند الأخطاء بل يتجاوزها لما فيه إساءة مباشرة للحكم، ولهذا فالمعالجة الحقيقية لأخطاء الحكام تبدأ من الأندية ومسؤوليها الذين عليهم احترام الحكم وتعويد لاعبيهم على ذلك، وإذا كانت لهم آراء يكون اتجاهها للأخطاء التي يرون أن الحكم قد وقع فيها دون تجاوز الى ما فائدة منه غير الاساءة للحكم، وإذا أحسن مسؤولو الاندية الظن بالتحكيم فهي خطوة أولى مهمة نحو توفير حكم ناجح مهيئ لقيادة أي مباراة بعيداً عن مؤثرات التوتر والشحن الذي لابد أن يظهر عليه، بعد ذلك تأتي مهمة لجنة الحكام التي عليها إلغاء صفة التمييز والتعامل مع جميع الحكام بنظرة واحدة بحيث يأخذ كل حكم فرصته كما هو حال غيره، بعد ذلك عليه مواجهة الحكم بعد كل مباراة بأخطائه وسماع مبرراته وتوجيهه التوجيه الصحيح، وإن كانت أخطاء الحكم تستوجب العقوبة فيتم الرفع بها لاتخاذ القرار المناسب.
الإعداد النفسي
لقد طالبنا في الإعلام مراراً وتكراراً بضرورة العمل على رفع وتطوير المستوى التحكيمي، من خلال وضع برنامج احترافي متكامل لجميع الحكام وطوال الموسم، وضرورة توفير مدرب محترف مختص في اللياقة البدنية يعمل بشكل ممنهج لرفع مستوى اللياقة لدى جميع الحكام، وكذلك يجب عمل دورات أكاديمية في التحضير الذهني والنفسي لجميع الحكام بمختلف فئاتهم ودرجاتهم، وكيفية التعامل مع اللاعبين داخل الملعب وخارجه بمختلف أعمارهم وفئات فرقهم العمرية، تحت إشراف المعدين والمحاضرين المختصين في الإعداد النفسي والذهني ، خاصة وأننا نلاحظ أن هناك خلل ما في الناحية الذهنية والضغوط النفسية التي أحياناً تُسير قرارات بعض الحكام وتأثرهم بأهمية بعض المباريات المهمة المحلية، بالرغم من نجاح (بعضهم) في إدارة المباريات الخارجية والتي يديروها بدون ضغوطات إعلامية أو جماهيرية (وهنا مربط الفرس)!
ضرورة ملحة
ففي كرة القدم تكررت المطالبة بأهمية تقنية الـVAR (التي بدأ بتطبيقها لأول مرة في كأس العالم 2018) والضرورة الملحة لتواجدها في مسابقاتنا الكروية المحلية خاصة في دوري كرة القدم حتى لا تتعرض الأندية “للغبن” كما حصل في المرحلة الماضية والتي قبلها حيث اشتكى فريق الجيش من تلقيه خسارتين بأخطاء الحكام مبتعداً عن المنافسة على لقب الدوري، أما في دوري السلة وبعد أن طبقت تقنية الإعادة في بعض المباريات سابقاً غابت هذا الموسم دون أي سبب؟
دخول تقنية الـVAR ستسهم في تهدئة الجماهير وسوف تحل الكثير من المشاكل التحكيمية وبنسبة تصل إلى أكثر من 80%، بالرغم من التكلفة الباهظة لتوفير تلك التقنيات “للعبتين”، ولكن بالاستثمار والتسويق الصحيح لمسابقاتنا حتمًا سوف تجلب العديد من الشركات الراعية لأنشطة لاتحادي القدم والسلة.
إصرار غريب
السؤال المهم الذي يفرض نفسه لماذا الإصرار من قبل لجنة التحكيم في الاتحادين معاً على تكرار تعيين (بعض) الحكام التي تتكرر أخطائهم الفادحة والمكلفة لمباريات بعض (الأندية) التي خسرت الكثير من النقاط والمراكز المتقدمة في الترتيب العام للدوري بسبب (أولئك) الحكام لمواسم عديدة؟! ولماذا لا نبعد أولئك الحكام (المخطئين) عن إدارة مباريات الفرق التي دائمًا تُظلم من نفس الحكام؟!
حتى تسير مباريات مسابقاتنا بالشكل الصحيح المطلوب، ومعه نحقق النزاهة والعدالة والشفافية المطلوبة من أجل تحقيق التطور المنشود لكرتي القدم والسلة، فإن التحكيم جزء مهم لا يتجزأ من تلك المنظومة الكبيرة، وحتى تبتعد لجنة الحكام من وضع نفسها تحت ضغوطات التشكيك.