أخطاء تحكيمية بالجملة تشهدها الملاعب الأوروبية والمتضرر الأكبر هم المشجعون
البعث الأسبوعية – سامر الخيّر
تقترب الدوريات الأوربية الخمسة الكبرى لكرة القدم من نهايتها، وتشتد المنافسة في أغلبها كالدوريين الألماني والانكليزي حيث تشتعل جولات البوندسليغا بين الغريمين التقليديين بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند فيما يبقي أرسنال على ملاحقته اللصيقة لمانشستر سيتي في البريميير ليغ بينما يبقى تتويج برشلونة بالليغا ونابولي بالسيري آ مسألة وقت أما باريس سان جيرمان فهو مرتاح لصدارته بفارق 5 نقاط عن مارسيليا، ومع جنون المواجهات ظهرت إلى الواجهة عدة اتهامات حول فساد الأندية المتنافسة على الصدارة وطواقم الحكام.
والغريب أن أغلب هذه الدوريات يعتمد فيها أحدث التقنيات التي يقرها الاتحاد الدولي من أجل المساعدة في تقليل الأخطاء التحكيمية! فما الذي يجري على أرضية الملاعب الأوروبية؟ وهل له أبعاد تتجاوز المستطيل الأخضر؟
يعدّ التحكيم واحداً من أهم العوامل لإنجاح المسابقات الكروية، وعمل الفيفا في السنوات الأخيرة على إيلائه اهتماماً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، وبدأ التطور في عالم التحكيم بكرة القدم يأخذ منحنى تصاعدياً، إذ تم استحداث العديد من التقنيات، سواء تقنية الفيديو أو تقنية خط المرمى، إضافة إلى تقنية التسلل التي ظهرت خلال كأس العالم الأخير وكأس العالم للأندية، فضلاً عن طريقة احتساب الوقت بدل الضائع في المباريات، ليقلّ شيئاً فشيئاً التدخل البشري، وعلى رغم كل هذا التطور إلا أن الأخطاء لا تزال موجودة في ملاعب كرة القدم، وآخرها هو ما فجرتها مواجهة “أرسنال” و”برينتفورد” في إياب الدوري الإنكليزي هذا الموسم، إذ شهدت المباراة خطأ كارثياً من طاقم التحكيم، سقط على إثره الغانرز في فخ التعادل بهدف لمثله، إذ كشفت التقارير بعد المباراة أن حكم الفيديو نسي رسم الخطوط في الهدف الذي سجله المنافس، ما أفسد على أرسنال الحصول على نقاط المباراة الثلاث.
كما شهدت بطولة كأس العالم الأخيرة للأندية ظهور تقنية جديدة في التحكيم، وهو أن يفسر الحكم للجماهير ما دار بينه وبين طاقم تحكيم الفيديو خلال اتخاذ أي قرار عند العودة للتقنية، وقال الحكم الإيطالي الأشهر ورئيس لجنة التحكيم في الاتحاد الدولي بيير لويجي كولينا عن هذه التقنية “قررنا إجراء هذه الاختبارات لأننا تلقينا بعض الطلبات لكي نجعل القرار الذي يتخذه الحكم، بعد تدخل حكم الفيديو، مفهوماً بشكل أكبر للمهتمين بكرة القدم، وبالتحديد المتفرجون الموجودون في الملعب أو أمام شاشة التلفزيون”.
لكن ما يحصل حقيقةً مختلف ولا علاقة له بتطور التكنولوجيا المستخدمة في كرة القدم، فمن المعلوم أن الحكم يملك إلى الآن صلاحية عدم الرجوع إلى الفار وبالتالي هو العامل المؤثر الأول والأهم في الحالات التحكيمية الحساسة، ما يعيدنا إلى نقطة فساد الحكام وصحة الاتهامات الموجهة لهم في الأشهر الماضية، فها هو الحكم الإسباني السابق إيتورالدي غونزاليس يدّعي أن رئيس نادي ريال مدريد فلورنتينو بيريز طلب لقاءه في غرفة منفصلة داخل ملعب “سانتياغو برنابيو” للضغط على قراراته، ولكنه رفض الأمر، وطالب بوجود مساعده في الاجتماع مع رئيس الملكي.
وأوضح غونزاليس في مقابلة مع “كادينا سير” أنه بعد المباراة التي أدارها بين ريال مدريد وديبورتيفو دي لاكورونيا (6-1) موسم 2011، طلب بيريز من غونزاليس أمراً واحداً وهو أن يعامله معاملة برشلونة.
وسأل الحكم بيريز إن كانت هذه مزحة ليكون جواب رئيس الريال “كلا”، وبعد نصف ساعة أخبر الحكم اللجنة الفنية للتحكيم في الاتحاد الإسباني التي لم تتحرك أو تفرض أي عقوبات، بحسب غونزاليس، وجاء الرد سريعا من الريال عبر عرض فيديو على قناة النادي الرسمية استعرض خلالها ما اعتبره الريال “الأخطاء التي ارتكبها الحكم ضد ريال مدريد أثناء مسيرته”.
وكان القضاء الإسباني اتهم نادي برشلونة ورئيسين سابقين له والمسؤول التحكيمي السابق خوسيه ماريا إنريكيس نيغريرا بـ”الفساد” و”إساءة الأمانة” و”تزوير سجلات تجارية” في قضية الدفعات المالية المشبوهة من النادي الكتالوني لنيغريرا، وفق ما أعلنت محكمة في برشلونة يوم الجمعة الماضي.
وتستهدف ملاحقات النيابة العامة في برشلونة النادي بصفته المعنوية، بالإضافة إلى رئيسيه السابقين جوزيب بارتوميو وساندرو روسيل، كما وجهت الاتهامات إلى أوسكار غراو وألبرت سولر، وهما عنصران سابقان في فريق بارتوميو، وتتعلق القضية بمدفوعات مزعومة دفعها برشلونة إلى نيغريرا نائب رئيس لجنة التحكيم الفنية السابق، لتزويد النادي بنصائح ومشورة شفوية حول مواضيع متعلقة بالحكام.
وأشار الادعاء إلى أن النادي الكتالوني دفع ما مجموعه أكثر من 7 ملايين يورو لنيغريرا بين عامي 1994 و2018، وتأتي الاتهامات بعد أيام فقط من تأكيد رئيس برشلونة الحالي جوان لابورتا أن ناديه لم “يشتر قط حكاما”.
مما ذكر يمكننا القول إن الأخطاء التحكيمية لهذا الموسم في الدوريات الأوربية تنقسم لشقين الأول يتعلق بجدوى تقنية الفيديو المساعد في المواعيد الكبرى وربما تكشف السنوات القادمة أن أخطاء الفار مقصودة وتم التلاعب بها، والثاني يخصّ الحكام الذين تسول لهم أنفسهم إفساد متعة المشاهدة مقابل حفنة من المال أو في بعض الأحيان التعاطف مع نادٍ أو نجم ما.
وفي السياق نفسه نذكر أسوأ خطأين تحكيميين خلال تاريخ كرة القدم، الأولى حدث عام 1986 وتحديداً في نصف نهائي كأس العالم حيث تواجه منتخبا الأرجنتين وانكلترا في مباراة اعتبرت الأجمل في تاريخ المونديال إذ حملت هدفين مميزين بتوقيع الأسطورة الراحل دييغو مارادونا، الهدف الثاني الذي سجله من مجهود فردي رائع كان الأجمل في تاريخ المونديال إلا أن الهدف الأول الذي سجله دييغو كان بالفعل مميز، فبعد أن اعاد المدافع الانكليزي الكرة باتجاه حارس مرماه الفارع الطول بيتر شيلتون انطلق مارادونا بسرعة وسدد الكرة برأسه داخل المرمى مسجلا الهدف الاول.
حكم اللقاء احتسب الهدف مؤكداً أن الكرة سددها مارادونا برأسه وسط احتجاج انكليزي كبير إلا أن الإعادة أكدت أن مارادونا سدد الكرة بيده وباعتراف منه بعد اللقاء.
ويعتبر الحكم الإنكليزي غراهام بول من أبرز الأسماء التي أدارت مباريات حساسة في كرة القدم وبين أكثر من ناد أو منتخب إلا أن اللقاء الذي قاده في مونديال 2006 بين استراليا وكرواتيا لم يكن فأل خير عليه وأنهى مسيرته التحكيمية التي استمرت 26 عاماً في المستطيل الأخضر، بعد أن أشهر البطاقة الصفراء بوجه اللاعب الكرواتي جوسيب سيمونيتش في الدقيقة 61 ثم بعد ربع ساعة وجه له بطاقة صفراء ثانية ولم يشهر البطاقة الحمراء بوجهه واستمر اللاعب داخل الملعب، وفي الدقيقة 89 وجه له الحكم بطاقة صفراء ثالثة وطرده وهكذا يكون تلقى 3 بطاقات صفراء في لقاء واحد.