مجلة البعث الأسبوعية

استخدم التحقق والتهديد وامنحه المزيد من الوقت!! لماذا يكذب أطفالنا.. وما هي الأسباب.. وكيف نساعددهم على تجنب الكذب؟  

“البعث الأسبوعية” ــ لينا عدرا

يعتقد معظم الآباء أن الأطفال يكذبون أحياناً للحصول على ما يريدون، أو لتجنب المتاعب، أو للتملص من أمر لا يريدون القيام به.. وتلك دوافع شائعة. ولكن قد يكذب الأطفال ليروا ما سيحدث، وقد يكذب الأطفال الذين يشعرون بالسوء تجاه أنفسهم ليبدوا أكثر تقبلاً، وقد يكذب الأطفال المكتئبون أو القلقون لأنهم لا يريدون إقلاق الآخرين. وفي بعض الأحيان، يتكلم الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه قبل أن يفكروا.

وفي بعض الأحيان يكون الكذب مفاجئاً ومريعاً، وكما يقول الدكتور علي إبراهيم، طبيب علم نفس الأطفال: “.. كانوا صادقين جداً قبل ذلك، ثم فجأة يكذبون بشأن الكثير من الأشياء”. هذا، بالطبع، يهم الآباء. ولكن إن استطعنا فهم سبب كذب الأطفال وتهيأنا للتعامل مع المشكلة، يمكن للحقيقة أن تظهر. والحال، فإن ما يجب على الآباء فعله يعتمد على مدى سوء الكذب، ومن أين تأتي الكذبة. فإن كان الطفل يكذب كثيراً لجذب الانتباه، فإن من الأفضل تجاهله والمضي قدماً. وإن استمر تكرار ذلك، يمكنك التواصل معه برفق. قل له مثلاً: “مرحباً.. يبدو وكأن القصة طويلة.. لم لا تحاول مرة أخرى وتخبرني بما حدث بالفعل؟”.

ولكن هناك بعض الأسباب الأقل وضوحاً التي قد تجعل الأطفال لا يقولون الحقيقة – أو على الأقل الحقيقة الكاملة.

 

اختبار سلوك جديد

يتمثل أحد أسباب كذب الأطفال باكتشافهم فكرة جديدة وتجربتها، تماماً كما يفعلون لمعرفة ما سيحدث، وسوف يتساءلون: “ماذا سيحدث إذا كذبت بشأن هذا الأمر؟”.. “ماذا سيحصل لي؟”.

 

تعزيز احترام الذات

قد يطلق الأطفال الذين يفتقرون إلى الثقة بأنفسهم أكاذيب كبيرة ليجعلوا أنفسهم أكثر إثارة للإعجاب، أو لتضخيم احترامهم لذاتهم وجعل أنفسهم يبدون في حالة جيدة في عيون الآخرين. يتذكر أحد الأطباء حالة طالب في الصف الثامن كان يبالغ بشدة في حوالي 80 في المائة من الوقت: “كانت أكاذيبه نوعاً من التجارب المذهلة الخارجة عن حدود المعقول”. على سبيل المثال، كان يقول إنه أمضى يومه في عراك خارج الحي الذي يسكن فيه ليبدأ الجميع يهتفون له عندما يدخل من الباب.

 

التقليل من أهمية مشكلاتهم

قدد يكذب الأطفال الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب بشأن الأعراض التي يعانون منها لتسليط الضوء عليهم. أو قد يقللون من أهمية مشكلاتهم، ويقولون شيئاً مثل: “لا.. لا، لقد نمت جيداً الليلة الماضية”، لأنهم لا يريدون أن يقلق الأهل بشأنهم.

 

يتحدثون قبل أن يفكروا

وقد يكذب الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بسبب الاندفاع، ويشكل التحدث قبل التفكير إحدى السمات المميزة للنوع المندفع من اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط، لذا في كثير من الأحيان يكذب بعض الأطفال بوجود هذه المشكلة.

وفي أحيان أخرى، يمكن للأطفال أن يعتقدوا حقاً أنهم فعلوا شيئاً ما، وأن يقولوا ما يشبه الكذب. وفي بعض الأحيان ينسون حقاً. وهناك أطفال يقولون: “.. ظننت أنني قمت بواجبي المنزلي. اعتقدت حقاً أنني فعلت ذلك.. أتذكر أنني قمت بهذا العمل الإضافي”. وهم عندما يحدث هذا يحتاجون إلى المساعدة لاستكمال ذاكرتهم.

 

.. ثم هناك أكاذيب بيضاء

فقط لجعل الأمور أكثر تعقيداً، قد يشجع الآباء في بعض المواقف الأطفال فعلياً على قول كذبة بيضاء لتجنيب مشاعر شخص ما. في هذه الحالة، تقع الكذبة البيضاء ويقع توقيت استخدامها تحت مظلة المهارات الاجتماعية.

 

مستويات الكذب

يقول الدكتور علي إبراهيم إن من المهم أولاً التفكير في وظيفة الكذب.. عندما أقوم بإجراء تقييم، توجد أسئلة في نماذج الاستيعاب الخاصة بنا بحيث يمكن للوالدين التحقق مما إذا كان الطفل يكذب. إنه شيء قد أقضي وقتاً لا بأس به للخوض فيه: ما هي أنواع الأكاذيب، وما هي ظروف الأكاذيب؟ وهو يوضح إن العلاجات السلوكية تعتمد على وظيفة الأكاذيب وخطورة المشكلة.. ويؤكد: “لا توجد إرشادات صارمة وسريعة”. “المستويات المختلفة تعني تداعيات مختلفة”.

 

المستوى الأول

عندما يتعلق الأمر بالكذب الهادف للفت الانتباه، يقول إبراهيم إن من الأفضل تجاهله. وبدلاً من القول بقسوة: “هذه كذبة. أعلم أن هذا لم يحدث لك”، نقترح أسلوباً لطيفاً لا ينطوي بالضرورة على التهديد بالعواقب، ولكنه أيضاً لا يحاول تحريك الاهتمام. وهذا صحيح بشكل خاص إذا كان الكذب يتأتى عن تدن في احترام الذات. “إذا كانوا يقولون: لقد سجلت 10 أهداف، اليوم، في فترة الاستراحة، في كرة القدم، وحملني الجميع على أكتافهم وكان ذلك رائعاً”، وتعتقد أن هذا ليس صحيحاً، فعليك ألا تسأل حيال ذلك”. وبالنسبة إلى هذا النوع من الأكاذيب منخفضة المستوى، والتي لا تؤذي أي شخص، ولكنها ليست سلوكاً جيداً، فإن التجاهل وإعادة التوجيه إلى أمر تعرف أنه أكثر واقعية، هو السبيل للتعامل مع الموضوع.

 

المستوى الثاني

يقول الدكتور إبراهيم إنه إذا لم يفلح ذلك، يمكن للوالدين أن يكونوا أكثر شفافية من خلال تقديم توبيخ لطيف: “هناك حالات يكون فيها الكذب نوعاً مضخماً من الخيال”. “ويمكن أن نطلب من الآباء حينها وصف ذلك بأنه قصة طويلة. وإذا كان الطفل يروي إحدى هذه القصص، على أحد الوالدين أن يقول بلطف: “مرحباً، هذا يبدو وكأنه حكاية طويلة، لماذا لا تحاول مرة أخرى وتخبرني بما حدث بالفعل؟”.. يتعلق الأمر بالإشارة إلى السلوك وتشجيع الأطفال على المحاولة مرة أخرى.

 

المستوى الثالث

إذا كان هناك شيء أكثر خطورة، مثل كذب الأطفال الأكبر سناً بشأن المكان الذي كانوا فيه، أو ما إذا كانوا قد قاموا بواجبهم المنزلي، فيمكن للوالدين التذكير بوجود عواقب. وهنا يجب أن يكون واضحاً لدى الأطفال أنه ستكون هناك عقوبة لهذا النوع من الكذب، وهي عقوبة لن تأتي من فراغ. ويوصي الأطباء بأنها يجب أن تكون عقوبة قصيرة الأجل، وليس مبالغاً فيها، ما يمنح الطفل فرصة للعودة إلى ممارسة سلوكيات أفضل.

أيضاً، واعتماداً على درجة الخطورة، يجب أن يكون هناك أيضاً مكون لمعالجة ما كانوا يكذبون بشأنه. إذا قال الطفل إنه ليس لديه أي واجبات منزلية طوال الأسبوع، ثم اكتشف الوالد أنه كان لديه واجبات منزلية كل يوم، فيجب أن يكون هناك عواقب، وعليه أيضاً الجلوس والقيام بكل العمل. إذا ضرب طفلاً آخر وكذب بشأنه، فهناك عاقبة للكذب وأيضاً على الضرب. وفي هذه الحالة، ستطلب منه أيضاً كتابة رسالة اعتذار إلى الطفل الآخر.

 

 

ما لا يجب على الآباء فعله

لا تحاصر طفلك أبداً

إذا كان الأهل يعرفون القصة الحقيقية، فعليهم التوجه مباشرة إلى القضية ومناقشتها. وبدلاً من سؤال الطفل عما إذا كان أدى واجبه المنزلي، يمكن للوالد فقط أن يقول: “أعلم أنك لم تفعل ذلك.. لن تحدث عن سبب عدم اعتبار هذه الفكرة جيدة”.

 

لا تصنف طفلك بأنه كاذب

يجادل الدكتور إبراهيم بأن من الخطأ الكبير وصف الطفل بأنه كاذب، فالجرح الذي تسببه هذه العبارة أكبر من التعامل مع ما كذب بشأنه.. وهو سيعتقد أن أهله لن يصدقوه ما يجعله يشعر بالسوء تجاه نفسه، وقد يلجأ إلى نمط آخر من الكذب.

 

ما لا يجب على الآباء قوله

في المرة الأولى التي كذب فيها ابني عليّ، أخذت الأمر على محمل شخصي. وعلى الرغم من علمي أن ذلك كان سيحدث يوماً ما، إلا أنه لم يسعني سوى أن أشعر بالغضب.

ثم بدأت في الإمساك به متلبساً في المزيد من الأكاذيب وبدأت أتساءل: “هل هناك شيء خاطئ؟”. ومع ذلك، كان علي أن أذكّر نفسي أن الأطفال بشر، وفي بعض الأحيان، البشر يكذبون. والآن، أدركت مبكراً أن أسلوبي كان خاطئاً منذ البداية، وأن الفرق سيحدث اعتماداً على كيفية تعاملك مع طفلك عندما يكذب.. وتلك أربعة أشياء يجب أن نتحاشى قولها عندما نمسك بأطفالنا في حالة الكذب.

 

. سأصدقك.. فقط لا تكرر ذلك مرة أخرى!!

لقد استخدمت هذه العبارة كثيراً في البداية حتى أدركت أن هذه الإستراتيجية لن تنجح. فأنت عندما تقول هذا، فإنما تعبر عن شك، لكنك لا تعالج المشكلة. عندما يكذب طفلك، عليك مواجهته وجهاً لوجه.

 

. اشرح لي ذلك!!

كانت نيتي في قول ذلك هو محاولة جعله يساعدني على الفهم. ومع ذلك، فإن طفلي ذكي وكان يعرف كيف يخبرني بالضبط ما أحتاج إلى سماعه. بدلاً من ذلك، اطلب منهم أن يكونوا صادقين وأخبرهم أنك تدرك أنهم يكذبون.

 

. هل تقول الحقيقة؟

كنت أقول ذلك دائماً عندما كان لدي شعور بأنه يكذب علي، ولكن بمجرد أن أعربت عن شكوكي بأنه كان يكذب، استمرأ ذلك. وعندما تطرح هذا السؤال، فأنت تقوم بالتسهيل عليه وتشجيعه. بدلاً من ذلك، حاول اتباع نهج أكثر مباشرة.

 

. لن أصدقك مرة أخرى!!

عندما تقول هذا بدافع الإحباط، فأنت تهيئ أطفالك للفشل في المستقبل. قد يتساءلون: “إن لم يصدقوني مرة أخرى، فما الفائدة من قول الحقيقة؟”، وسوف تثق بهم مرة أخرى.

 

كيف نساعد أطفالنا على تجنب الكذب؟

دع الأطفال يعرفون أنهم سيكونون في مأزق أقل إذا قالوا الحقيقة واستمروا بذلك. ويمكنك أيضاً منح طفلك فرصة ثانية لقول الحقيقة. ابتعد لبضع دقائق ودعه يجيب مرة أخرى. إن وضع الطفل في موقف مناسب يمكن أن يجعله يكذب. وإذا كنت تعرف ما حدث بالفعل، فانتقل إلى محاصرته.

أخيراً، لا تصرخ في وجه طفلك بأنه كاذب أبداً، فذلك يسبب المزيد من الأذى ويجعله يعتقد أنك لا تثق به.

دع أطفالك يعرفون أن الحقيقة تخفف من العواقب السيئة. وعلى سبيل المثال، إذا كان المراهقون يدخنون مع أصدقائهم، فسوف يريد الأهل التحدث معهم بشأن ذلك. لكن الأطفال يعرفون أيضاً أنه يجب أن تكون هناك عواقب للتدخين. يقول الدكتور إبراهيم: “هناك توازن صعب بين إجراء حوار مفتوح، ولكن أيضاً وضع حدود مناسبة عند الضرورة”.

في هذه الحالة، حيث يكون الكذب أسهل عندما يتكبد الوالدان العواقب، يمكن أيضاً مدح الطفل لقوله الحقيقة وإخبارهم بأن ذلك يجعله أكثر جدارة بالثقة..

يحذر الدكتور إبراهيم: يجب ألا يعتقد الأطفال والمراهقون أن العواقب قابلة للتفاوض. ويتابع: “أحياناً سيقول الطفل “لكنني أخبرتك بالحقيقة”.. “سيصبحون متلاعبين”.. وهذا فقط يجعلهم راغبين في عدم قول الحقيقة مرة أخرى.. يجب على الآباء ألا يستسلموا في هذه المرحلة.

 

استخدم عمليات التحقق

لنفترض أن المعلم أخبر الآباء بأن طفلهم لم يؤد واجباته المدرسية. يقترح الدكتور إبراهيم أن يمنح الطفل فرصة لقول الحقيقة. فإن لم يقر بذلك، يمكن للوالد أن يقول: “سأذهب بعيداً وأعطيك 10 دقائق وبعد ذلك سأعود وأسألك مرة أخرى. إذا غيرت رأيك وأردت إعطائي إجابة مختلفة، فهذا مجرد فحص للحقيقة ولن تقع في مشكلة”.

بهذه الطريقة، إذا أعطى الطفل إجابة سريعة لأنه خائف من العواقب أو لأنه لا يريد أن يخيب آمال أحد الوالدين، فلديه الفرصة للتفكير حقاً فيما إذا كان يريد الكذب أو الاعتراف بدون العواقب. يلاحظ الدكتور إبراهيم أن هذه التقنية ليست لطفل يكذب بشكل مزمن.

 

استخدم التهديد

يمكن للوالدين أيضاً تهيئة الأطفال لقول الحقيقة من خلال تذكيرهم بأنهم لا يتوقعون الكمال. ويمكن للوالدين أن يقولا: “سأطرح عليك سؤالاً، وربما تخبرني بشيء لا أريد حقاً سماعه. لكن تذكر، أنا أحبك مهما حدث، وأحياناً يرتكب الناس أخطاء. لذلك أريدك أن تفكر في إعطائي إجابة صادقة”.. قد يؤدي إعطاء الأطفال فرصة للتفكير في هذا الأمر إلى قول الحقيقة.

 

امنحه المزيد من الوقت

يقول الدكتور إبراهيم إن الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والذين يميلون إلى إعطاء إجابات متهورة تظهر على أنها أكاذيب، يحتاجون إلى وقت إضافي للتفكير في الأمور قبل التحدث. يمكن أن يكون الاندفاع مشكلة في كل من المنزل والمدرسة عندما يسأل المعلم ما إذا كان الطفل قد أنهى مهمة ما ويجيب الطفل بنعم دون حتى النظر إلى ورقته. هذا هو الوقت الذي يحتاج فيه إلى أن يتعلم كيفية الإبطاء والتحقق من عمله.