شبكات منظمة تدير تهريب الأشخاص إلى الدول المجاورة.. وتعاون دولي للحد منها
دمشق- ريم ربيع
نشطت ظاهرة تهريب الأشخاص ممن لم يحققوا الشروط الكافية أو القدرة المادية للهجرة بشكل شرعي، حيث تعمّقت هذه الطريقة بمغادرة البلاد بشكل كبير خلال الحرب العسكرية ومن ثم الاقتصادية، فرغم تراجع التهريب الناجم عن الخوف من الحرب، يتزايد اليوم في المقابل تهريب الأشخاص بحثاً عن معيشة أفضل في ظلّ تردي الظروف الاقتصادية لمعظم فئات المجتمع.
وعلى إيقاع سعي الكثيرين للهجرة نشطت شبكات تهريب الأشخاص، وأصبحت على مرّ سنوات الحرب شبكات منظمة ومنتشرة في الداخل وفي البلدان المجاورة أو البلدان المقصودة، يعمدون لتصيّد الأشخاص الأكثر حاجة، وإغراقهم بوعود الأمن والحماية طيلة الطريق، ليعرضوهم لاحقاً إلى مخاطر جمّة تهدّد حياتهم، فضلاً عن العنف الذي يتعرّض له الأشخاص من قبل المهربين الذين يستغلون عجز ضحاياهم عن اللجوء لأية جهة تحميهم، فيحرمونهم من أدنى حقوق الحماية أو السفر الآمن.
المحامي العام بدمشق القاضي زياد شربجي أوضح أن حركة تهريب الأشخاص من حيث عدد القضايا في المحاكم لا تزال ذاتها، سواء في ذروة الحرب أو حتى الآن، إلا أن الدافع أصبح اقتصادياً لمعظم الأشخاص، معتبراً أن جريمة تهريب الأشخاص من أخطر الجرائم جنائية الوصف، لما تتسبّب به من أذى قد يصل إلى الموت للأشخاص المهرَّبين، فضلاً عن أثرها السلبي على المجتمع محلياً، وحتى على المجتمعات الأخرى المقصودة.
ورغم الانتقادات الكثيرة التي تسبّب بها تأخر صدور قانون خاص بتهريب الأشخاص –القانون 14 لعام 2021- إلا أن شربجي أكد أن القانون لحظ جميع الحالات التي أفرزتها الحرب وحدّد العقوبات المناسبة، ونظر إلى الشخص المهرَّب على أنه ضحية، وضمن له العودة الآمنة، وفرض على المهرِّب تأمين معيشة وإقامة الضحية لحين انتهاء الإجراءات القانونية والإدارية، إضافة لنفقات إعادته لبلده، وهنا تقتصر عقوبة الشخص المهرَّب على جرم مغادرة البلاد بشكل غير شرعي، والتي تعدّ عقوبة جنحوية وليست جنائية كما المهرِّب، فيما لفت شربجي إلى أن قوانين العفو التي تصدر، دائماً ما تشمل هؤلاء الأشخاص وتعفيهم من العقوبة.
وبيّن شربجي أن الجريمة جنائية الوصف أي أن عقوبتها السجن 5-15 سنة، وغرامة 6 ملايين ليرة إذا نفذت من قبل جماعة إجرامية منظمة –وهو الغالب- حيث تكون العقوبة مشدّدة كما في حالة استغلال الوظيفة العامة، أو استخدام الأطفال في ارتكاب الجريمة، وتصل العقوبة إلى السجن المؤبد وغرامة 10 ملايين ليرة، إذا أدّت الجريمة إلى وفاة الشخص المهرَّب، أو إصابته بعاهة دائمة، أو إذا استخدم الجاني القوة والعنف والسلاح في ممانعة الجهات المختصة والسلطات، بالإضافة إلى ذلك تصادر الأموال والممتلكات الناجمة والمتحصلة عن عملية تهريب الأشخاص.
من جهة أخرى، لفت شربجي إلى أن الناقل -أي سائق السيارة مثلاً- يترتب عليه عقوبة 500 ألف ليرة عن كل شخص يغادر بلا أوراق رسمية، أو بوثائق مزورة، لذلك يجب على أي سائق التحقق من كافة الثبوتيات للأشخاص الذين ينقلهم، حتى لا يكون شريكاً في جرم التهريب، كما أن السلطات المختصة تدقق مشروعية وصلاحية وثائق السفر، فإن كانت الوثائق مزوّرة يبقى جرم التهريب ويلاحق في الوقت ذاته الشخص المزوّر.
وفيما تتكشّف الكثير من حالات التهريب في دولة أخرى أو مثلاً في المياه الإقليمية، أشار المحامي العام إلى التعاون الدولي وتبادل المعلومات عبر جهات قضائية وغيرها للقبض على شبكات التهريب وإعادة المهرَّبين إلى بلدانهم وحفظ حقوقهم، حيث يوجد تسهيل للتعاون المشترك بين المنظمات والحكومة وبلدان العبور والدول المقصودة وأجهزة مراقبة الحدود، ويضمن القانون الدولي للبحار عودة المهرّبين وحمايتهم، كما ينص القانون 14 على تشكيل لجنة وطنية من الوزارات المختصة لوضع البرامج واللوائح التنظيمية والإجراءات المتعلقة بمكافحة تهريب الأشخاص وضمان تنفيذ القانون.