“المفتاح”..!!
معن الغادري
نسمع كثيراً عن عشرات القصص اليومية في أروقة الإدارات والمؤسّسات، ذات الطابع الخدمي على وجه التحديد، بوجود علاقات وارتباطات خاصة، وخاصة جداً، بين عدد محدود، سواء من داخل هذه المؤسسات والمديريات، أم من خارجها مع المتنفذين وأصحاب القرار، مهمتها تبسيط وتسهيل إنجاز مختلف التعاملات الإدارية والمالية والتموينية والعقارية والضريبية والمصرفية، وغيرها من التعاملات، دون أي تعقيدات أو حواجز مانعة، مقابل إكرامية أو أجور وأتعاب أو حصة نقدية.. سمّها ما شئت، المهمّ أنها تفي بالغرض والحاجة لطرفي المعادلة.
وبعيداً عما يُطلق على هذه الشريحة من تسميات عدة، منها السماسرة أو معقبو معاملات أو “المفتاح”، تعدّ هذه الظاهرة، التي باتت تقليداً في العديد من المؤسّسات العامة والخاصة، عملاً غير أخلاقي وإخلالاً بواجبات العمل والقسم الوظيفي، وهي اعتداء صارخ على الحقوق، وإضعاف لثقة المواطنين بمؤسّساتهم، كما هي إخلال بمبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
ولعلّ الانعطافة الأخطر في هذه الظاهرة تتمثل في اليد الطولى للبعض ممن هم محسوبون على “المعلم”، أو ضمن الدائرة الضيّقة جداً للمدير المباشر، وهو ما يطلق عليهم “الخط الأحمر” الذي لا يمكن تجاوزه أو تفاديه خشية من فرض العقوبات والتهميش والإبعاد والامتعاض والاستياء والتوبيخ والتأنيب المستمر، ما يشكل عبئاً إضافياً وضاغطاً على العمل والموظفين، وعلى العملية الإدارية والإنتاجية على السواء. وهو أمر على قدر كبير من الخطورة يفضي إلى الكثير من الضغائن والأحقاد، وإلى تكتلات وحالات غير صحية في العلاقة بين زملاء العمل، والتي يفترض أن تكون متوازنة وعلى قدر كبير من الاحترام لإنجاح العمل بكل تفاصيله وأبعاده.
وفي الواقع، ما دفعنا إلى الإشارة مجدداً إلى هذا الملف هو كثرة وتنوع “المفاتيح” في مديريات ومؤسّسات حلب، والسعي المستمر لتعزيز مكانة وموقع صاحب الحظوة “الخط الأحمر”، المفترض أن يكون خطاً فاصلاً لمنع تجاوز القوانين وارتكاب المخالفات وعاملاً مساعداً لتغليب المصلحة العامة على أي اعتبار آخر.. وحينها يمكننا القول جميعاً – وبالفم الملآن – هذا “خط” ممنوع الاقتراب منه، أو تجاوزه، وليس الخط الذي يرسمه البعض على مقاسه ومزاجه وهواه.. وفهمكم كفاية!!.