مجلة البعث الأسبوعية

اتحاد كرة القدم يطلق مبادرته لتطوير الفئات العمرية.. مشروع رائد بآليات جيدة والأهم حسن التطبيق والابتعاد عن المصالح الشخصية

البعث الأسبوعية- ناصر النجار

أعلن اتحاد كرة القدم عن مشروع تطوير اللعبة والذي يهدف إلى استكشاف المواهب والخامات وتطويرها لتكون مستقبل كرة القدم السورية في السنوات القادمة، ورأى اتحاد كرة القدم أن شخصية كرة القدم السورية وهويتها لن تكون متواجدة بقوة على الساحة الكروية إن لم يتم إعداد الفئات العمرية بشكل علمي وصحيح وتقديم كل الرعاية والاهتمام لهذا النشء، وهو بطبيعة الحال أفضل بكثير من الاعتماد على الأندية في ذلك، فبعضها كما تبين لا يبالي بقواعد كرته أو إنه لا يقدم لها الدعم المطلوب، أو إن العوز والفقر يمنعان بعض الأندية من رعاية المواهب وخصوصاً الأندية الريفية ومن في حكمها، لذلك جاء هذا المشروع كحل دائم من اتحاد الكرة ولن يكون مقتصراً على هذا الموسم بل سيكون ملحوظاً في كل المواسم وسيكون موعده في الصيف في العطلة الصيفية حتى لا يتأثر الطلاب بدراستهم، وللمشروع مراحل متعددة، وخطة هذا الموسم هي المرحلة الأولى وسيتم تقييمها ودراسة العثرات التي تعتريها قبل انطلاق المرحلة الثانية في الموسم القادم.

فرصة للمواهب

المشروع يبدأ من خلال العناية بالفئات العمرية عبر استقطاب اللاعبين النخبة من مواليد تحت 16 سنة وتحت 14 سنة أي ما يعادل فرق الناشئين والأشبال، وقدم اتحاد كرة القدم برنامج عمل المشروع وآلياته الكاملة وشكّل لذلك اللجان الخاصة بالمشروع من الاختصاصيين الفنيين في الفئات العمرية ومن الأكاديميين المشهود لهم بالكفاءة والخبرة، وسيطلق دوري كامل لاختبار اللاعبين وانتقاء الموهوبين منهم بالفئات العمرية المرصودة في هذا المشروع.

المشاركون في هذا الدوري سيتجاوز عددهم ثلاثمئة لاعب من كل فئة وهذا يمنح الفرصة لأغلب اللاعبين الموهوبين في القطر ليكونوا تحت أنظار اللجان المشكلة لانتقاء اللاعبين الأبرز، الجيد في الموضوع أن مساحته الجغرافية تشمل كل المحافظات السورية دون استثناء وهو أمر إيجابي فربما هناك لاعب هنا أو هناك غائب عن الأنظار لوجوده بمكان بعيد فالأنظار ستكون موجهة إلى الجميع دون محاباة لناد على حساب آخر ولمحافظة على حساب محافظة أخرى.

من آليات المشروع أن اتحاد كرة القدم سينتقي الكوادر التي ستعمل في هذا المشروع، أي إن القائمين على المشروع في اتحاد كرة القدم سينتقون مدرب وكوادر منتخبات المحافظات وليس القائمين على كرة القدم في هذه المحافظة أو تلك وذلك درءاً للمحسوبيات والمجاملات، فانتقاء الكوادر سيكون وفق شروط معينة ومحددة من خلال السيرة الذاتية للمدرب وغيره من الكوادر إضافة للشهادات العلمية والفنية وانجازات هذا المدرب، وبالفعل رفعت قوائم بأسماء الكوادر إلى اتحاد كرة القدم ليتم دراسة ذاتياتها ومؤهلاتها لاختيار الأنسب من المدربين بكل الاختصاصات وكذلك الإداريين والمنسقين الإعلاميين.

اتحاد كرة القدم سيتكفل بالإنفاق على المشروع من بابه إلى محرابه دون أن تتكفل به أي محافظة أو ناد وقد تم تخصيص ميزانية كبيرة من أجل نجاح هذا المشروع على الصعيد المالي على الأقل بحيث يتم تجاوز كل العقبات من رواتب وتجهيزات وألبسة ونقل وإقامة وإطعام ورعاية صحية.

المشروع سيشرف عليه بشكل مباشر نائب رئيس اتحاد كرة القدم عبد الرحمن الخطيب وهناك لجان من اتحاد كرة القدم مختصة بالعمل الفني بالبراعم والفئات العمرية سيكونون مشرفين فنياً على كل المباريات وكل فرق المحافظات.

نظام الدوري

سيتم إقامة بطولة المحافظة بين فرقها المختلفة حسب نظام الدوري، وهذه البطولات تنظمها اللجان الفنية في المحافظات من مرحلتين ذهاباً وإياباً وبعد نهاية المباريات سيتم انتقاء منتخب المحافظة وفق هذه المباريات بحيث سيتم اختيار الأفضل عبر لجنة مخصصة لهذا الموضوع، بعد ذلك ستوزع المحافظات إلى مجموعتين جنوبية وشمالية جغرافياً، كل مجموعة تضم سبعة منتخبات تلعب فيما بينها دوري كامل من مرحلتين ذهاباً وإياباً، بواقع 12 مباراة لكل منتخب، وتقام المباريات على أرض هذه المحافظات كما هو معمول به في الدوري، يضم كل منتخب 23 لاعباً بينهم ثلاثة حراس للمرمى، وكل منتخب يتألف جهازه الفني من مدرب ومساعد مدرب ومدرب حراس وإداري ومنسق إعلامي، بعد نهاية الدوري سيتم انتقاء منتخبين من المجموعة الجنوبية ومثلهما من المجموعة الشمالية من ضمن اللاعبين الذين شاركوا مع منتخباتهم في الدوري، الغاية من هذا الانتقاء اختيار اللاعبين الأفضل فقد تربح محافظة ما بطولة المجموعة الشمالية لكن ليس بالضرورة أن يكون كل لاعبي هذا المنتخب هم الأفضل، لذلك سيتم اختيار منتخبين من أفضل اللاعبين حسب المراكز من المحافظات السبع في المجموعة الشمالية والكلام نفسه ينطبق على الجنوبية وللفئتين تحت 16 سنة وتحت 14 سنة.

الدور الثاني من البطولة سيقام بدمشق بين المنتخبات الأربع من دوري ذهاب وإياب يتم من خلاله انتقاء منتخب تحت 14 سنة ومنتخب تحت 16 سنة بإشراف المدربين الهولنديين اللذين سيكونان على رأس قائمة اختيار اللاعبين.

المشروع سينطلق في بداية الشهر السادس، وحسب البرنامج الموضوع فإن المدربين المختارين سيخضعون لدورة تدريبية تصقل من معارفهم ومن خبرتهم في تدريب الفئات العمرية وسيتم منح كل منتخب فرصة شهر للاستعداد قبل انطلاق الدوري، وهذه الفقرة مهمة جداً وهي متابعة المدربين، ونحن كما نعلم أن التدريب في بلدنا هو عبارة عن جهد شخصي من المدرب، فمن سنحت له الفرصة ليلتحق بدورة مفيدة ليتابع خبرته مع مدربين أصحاب خبرة هم المدربون المحظوظون، وكما نعلم أن التدريب بحاجة إلى متابعة وإلى تواصل دائم مع كل متغيرات الكرة التي تشهد تطويراً واضحاً بالعملية الفنية من خلال طبيعة التمارين وأسلوب اللعب والخطط وكيفية تأهيل اللاعبين وتوظيف إمكانياتهم، فكل يوم هناك شيء جديد في عالم الكرة، ولا يكفي المتابعة والمراقبة عن بعد من خلال شاشات التلفاز ومراقبة المباريات الدولية، فمن هذه الناحية كل مشجع ومتابع للكرة العالمية سيصبح مدرباً!

الفكرة المهمة في هذا الجانب من المشروع أن يتم تطوير العملية الفنية، فدورة تدريبية بسيطة لا تكفي أبداً، ونحن نعرف أننا في بداية الطريق ومن الصعب تأهيل خمسين مدرباً دفعة واحدة، ونحن نقول لا جود بالموجود ولا بأس بهذه الدورة من مبدأ الخطوة الأولى، لكن من المستحسن مستقبلاً أن يتم اختيار المدربين الأفضل والأكثر خبرة وموهبة والحاقهم بدورات عالية المستوى لمتابعة فنون اللعبة واسرارها وكل تفاصيلها عبر ما يسمى  (فترة تعايش مع مدرب عالمي) ويمكن تحقيق ذلك من خلال المعاهدات والتعاقدات مع الدول الشقيقة والصديقة فموضوع تأهيل المدربين ورفع كفاءتهم أمر ضروري وحيوي ويعتبر من أحد أهم مفاصل تطوير كرة القدم وتأهيل المواهب والخامات الواعدة.

محاذير عديدة

هذا المشروع مهم وجيد ولا بد له من الانطلاق والتجربة خير برهان ومن الطبيعي ألا يبلغ المشروع الكمال في مرحلته الأولى وسيشهد الكثير من العثرات والعقبات التي يمكن دراستها والعمل على معالجتها، كذلك سنشهد الكثير من الأخطاء الصادرة عن أي شخص ينتمي لهذا المشروع وقد يكون الخطأ فردياً أو جماعياً، المهم في الأمر أن نراقب كل خطوات المشروع خطوة خطوة وأن نسجل كل الملاحظات السلبية والايجابية ليتم العمل على تدارك السلبيات وتعزيز الإيجابيات.

لكن غير المقبول تلك الأخطاء المقصودة التي يمكن أن تستغل هذا المشروع لمصالح شخصية ضيقة فهنا يقع المحظور وكثرة الأخطاء من هذا النوع قد تهدد المشروع بالفشل أو إن نسبة نجاحه ستكون أقل من المتوقع.

من هذه الأخطاء المتعمدة مثلاً اختيار كوادر أقل كفاءة من غيرها، فما دام أن العمل مأجور فسنجد أن الكثير من الكوادر قد تبحث عن مكان ليس مكانها بأساليب ملتوية بحثاً عن المال أو الشهرة، وإذا كان الانتقاء يخضع للخيار والفقوس فلن نجد أن العمل صحيح، لأن من جاء على المنتخب بالواسطة سينتقي لاعبيه بالواسطة وهنا لن نجد أن المشروع يسير بالاتجاه الصحيح.

لذلك فإن اختيار الكوادر الإدارية والفنية وحتى المنسقين الإعلاميين يجب أن يتم بعناية وبتجرد بعيداً عن الطلبات والمجاملات واستناداً إلى الكفاءة والخبرة والسيرة الذاتية الجيدة، الكلام نفسه ينطبق على اللاعبين الذين سيتم اختيارهم، فإذا كان الاختيار كما يجري في الأنية هذا ابن فلان وهذا مدعوم من فلان وهكذا فإنه سينطبق على المشروع مقولة: (يا أبو زيد كأنك ما غزيت) وسنجد أن كل ما صرفناه على هذا المشروع هباء منثوراً لم نحقق منه الفائدة ولم نصنع منه هوية كرتنا السورية، فصناعة هويتنا الكروية يجب أن تبدأ بالفكر والثقافة التي ليست على ما يرام عند الكثير من الكرويين، لذلك على القائمين على هذا المشروع تأسيس ثقافة كروية تستند على مبدأ المصلحة العامة، فهذا المشروع لا يخص اتحاد الكرة ولا يخص ناد معين أو محافظة بعينها بل يخص الكرة السورية من أقصاها إلى أقصاها.

الناحية الأخيرة التي من الممكن أن نلقي الضوء عليها هي الدعم الإعلامي، نحن نصفق للفكرة وندعم خطواتها وأهدافها النبيلة وسنجتهد في المتابعة والدعم الإعلامي، لكننا لن نقف مكتوفي الأيدي عند وجود أخطاء مرتكبة، وواجبنا المهني أن نشير إلى هذه الأخطاء من باب الشراكة الرياضية ليتم تجنبها وتصحيح اعوجاجها، نحن مع النقد الإيجابي البناء، ومع المشروع بالكامل ليسير خطواته الصحيحة نحو تحقيق أهدافه الكثيرة التي تصب في النهاية بمصلحة كرتنا الوطنية على أمل أن يثمر هذا المشروع فنرى المواهب وقد رفعت من شأن كرتنا وأعلت رايتها في كل المحافل الكروية الخارجية.

أخيراً اتحاد كرة القدم لم يقتصر اهتمامه على هاتين الفئتين فقط، فقد أعلن عن بطولة كأس الجمهورية للبراعم مواليد 2012 – 2013، ودعا إليه كل الأندية والأكاديميات المختصة والرخصة رسمياً من أجل متابعة البراعم واختيار الأفضل منهم وربما تم إشراكهم بالمشروع في الموسم القادم، كما أعلن عن بطولة مماثلة للبراعم بالكرة الأنثوية من أجل توسيع قاعدة هذه اللعبة وجذب المزيد من العنصر الأنثوي للمزيد من الانتشار وبناء قاعدة عريضة لكرة القدم الأنثوية.