عندما ينعق الغراب الأمريكي!
علي اليوسف
إشارات استفهام كثيرة يثيرها الموقف الأوروبي والأمريكي من عودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، إذ ما معنى أن يؤكد المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، أن الاتحاد يتمسّك بموقفه بعدم “التطبيع” مع سورية، وعدم رفع العقوبات ضدها، أو المشاركة في إعادة إعمارها.
المعنى الحقيقي للتصريحات الأوروبية أنها ليست سوى أداة في يد السيد الأمريكي، وأن ما تتغنّى به عن استقلالها الاستراتيجي عن أمريكا ليس إلا كذبة كبيرة يتشدق بها زعماء الاتحاد الأوروبي الشركاء الحقيقيون في الدم والنار، وفي مأساة الشعب السوري. ولعلّ الدليل الذي لا يدع مجالاً للشك في مواقفهم العدائية ضد الشعب السوري أن تصريحات قادة الاستعمار القديم أتت متناسقة مع الموقف الأميركي أيضاً، حيث قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لن تطبع العلاقات مع سورية، وستظل عقوباتها على سورية سارية المفعول، بل وانتقدت قرار عودة سورية لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية.
وفي إجراء من شأنه وضع العصي في عجلات مساعي المصالحة العربية – العربية، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن قراراً يمدّد فيه العقوبات اللاشرعية المفروضة على سورية عاماً آخر، وقال في بيان، إنه طبقاً لسلطته بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، وقانون ما يُسمّى “محاسبة سورية”، أصدر أمراً بتمديد حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بإجراءات الحكومة السورية، وأضاف أنه اتخذ هذه الإجراءات للتعامل مع التهديد الاستثنائي وغير العادي للأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد للولايات المتحدة.
صحيح أن هذا الخطاب الكاذب حفظته الدول المستهدفة بالعقوبات الأمريكية ظهراً عن قلب، وأنه ليس إلا سيناريو وحجة فارغة لإيجاد مسوغات العقوبات، لكن ما هو غير صحيح أن الدولة السورية لم تعرّض شعبها للخطر، لأن من عرّضه للخطر الذي يدعيه العجوز بايدن هو الإرهاب المدعوم أمريكياً وأوروبياً، والأموال التي سرقت من الشعب الأمريكي لتمويل الإرهابيين وعملياتهم الإرهابية في سورية وغيرها من الدول الرافضة للإملاءات الأمريكية.
أما فيما يتعلق بزعزعة الاستقرار العالمي والأمن القومي الأمريكي، ألم يدرك الرئيس بايدن أنه بات مضحكة، وقزماً في عالم السياسة، إذ كيف لسورية أن تزعزع الأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد دولة عظمى مثل أمريكا؟!
إن من ارتكب العنف الوحشي، وانتهك حقوق الإنسان هو أنت يا سيد بايدن ومن وراءك الاتحاد الأوروبي، العبد المطيع، وليس من دافع عن وحدة بلده وحافظ على مؤسساتها. وإن من أوصل سورية إلى هذا المستوى من الحالة الاقتصادية هو شاحنات النفط الأمريكية التي تسرق وقود الشعب السوري، وتسرق قمحه وسلته الغذائية، ولا تدع فرصة لإيقاف هذه الحرب العبثية، ولا تساعد في تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع السوريين المحتاجين.
يبدو أن هذا السعار، وموجة القلق التي اجتاحت مسؤولي الإدارة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي مرشحة للتصاعد، خاصةً إذا ما أخذنا في الاعتبار تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان حين قال إن القوات الأمريكية والدبلوماسيين الأمريكيين يتعرضون للضغوط في الشرق الأوسط، ما يعني بالتأكيد أنه سيعيد ترتيب خطة شيطانية لقوات بلاده المحتلة، وتشجيع القوى الانفصالية، لكن من المرجح أن تفشل محاولاته بعد أن عزمت دول المنطقة على الاستغناء عن اللحاق بالغراب الأمريكي الذي لا يدلّ أحداً إلا على الخراب.