مجلة البعث الأسبوعية

تحديد سعر كيلو القمح بـ 2500 ليرة يحبط الفلاحين! إضافة 300 ليرة كحافز تشجيعي يثير الغرابة في زمن الغلاء الفاحش!

البعث الأسبوعية – غسان فطوم

مرة جديدة يتناقض الدعم الحكومي مع الواقع الحقيقي الموجود على الأرض فيما يخص القطاع الزراعي، ولعل تحديد سعر القمح للموسم الحالي بــ /2500/ ل.س لكل /1/ كغ، دليل واضح على ذلك، فقد كان مخيباً جداً لآمال الفلاحين والمزارعين، والمؤلم أكثر هو إضافة مبلغ قدره /300/ ل.س لكل /1/ كغ كحوافز تشجيعية لزراعة وتسليم القمح بحيث يصبح السعر الإجمالي /2800/!.

الفلاحون أكدوا أكثر من مرة أن تكلفة إنتاج كيلو غرام واحد من القمح تفوق الـ 3000 ليرة، متسائلين: عن أي حوافز تشجيعية يتحدثون؟!

الصدمة الكبرى!

والمحزن أكثر والذي شكّل صدمة كبرى للفلاحين أن اعتماد هذا السعر تم بالتنسيق التام مع اتحاد الفلاحين واتحاد غرف الزراعة السورية وكافة الجهات المعنية، بحسب ما قاله السيد رئيس الحكومة منذ يومين تحت قبة البرلمان أمام أعضاء مجلس الشعب، مشيراً إلى أنه تم حصر قائمة تكاليف الإنتاج بكل دقة وشفافية، كما تم تحديد هامش ربح “مجزٍ ” مع حوافز تضمن استدامة الإنتاج الزراعي الوطني وتثبيت الفلاحين في أرضهم.

عرض الحائط!

بشار مطلق عضو مجلس الشعب وصف قرار تسعير القمح بالقرار غير المدروس وغير المناسب لهذا المحصول الاستراتيجي والمتعلق بالأمن الغذائي وحياة ملايين الفلاحين المنتجين لأغلى محصول، مشيراً خلال مداخلته تحت القبة إلى أن الحكومة في قرارها المتعثر ضربت عرض الحائط بكل المعايير، حيث كان من المفترض أن يصب القرار في مصلحة الفلاح الذي  زرع واستثمر كل ما يملك في أرضه وحقله لا أن تكافئه الحكومة بسعر مجحف، متسائلاً عن المعايير التي اُعتمدت في التسعير وعن الدعم الزراعي الحقيقي الذي لم ينفذ منه سوى الوعود المعسولة!.

ولم يكن هذا رأي “مطلق” لوحده، بل انتقد العديد من أعضاء المجلس قرار تسعير كيلو القمح واعتبروه مجحفاً ولا يتوافق مع التكاليف الكبيرة التي يتكبدها الفلاح خلال الموسم، عدا عن التعب الذي يعانيه، واستغربوا كيف تتحدث الحكومة عن هامش ربح مجزٍ يمكن أن يضمن استدامة الإنتاج الزراعي ويثبت الفلاح في أرضه وأسعار مستلزمات الإنتاج في تزايد مستمر تدفع الفلاح لهجر أراضه دون رجعة!

مجرد أرقام!

ويرى العديد من الفلاحين أن الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة فيما يخص حجم القروض الزراعية التي زادت عن الـ /42/ مليار ليرة، و دعم أسعار بيع الأسمدة للفلاحين من صندوق دعم الإنتاج الزراعي بأكثر من/ 22/ مليار ل.س، ودعمهم بالمحروقات والتي بلغت من بداية الموسم الزراعي ولغاية نهاية الربع الأول بحدود /30.7/ مليون ليتر، منها /24.3/ مليون ليتر لمحصول القمح تبقى مجرد أرقام، لأن عدد قليل من الفلاحين استفاد منها، وخاصة ما يتعلق بالمحروقات التي لا تكفي مستلزمات المحصول، بسبب قلة الكمية وصعوبة الحصول عليها، عدا عن تلاعب رؤساء الجمعيات الفلاحية بتوزيعها، وغير ذلك من صعوبات وعقبات ناتجة عن غلاء أسعار الأسمدة والتلاعب بتوزيعها وغلاء أجور ساعات الحراثة التي تجاوزت الـ 100 ألف ليرة للساعة الواحدة، وكلها مشكلات تؤكد استمرار التقصير بحق الفلاح وهو أمر لا يمكن تجاهله من خلال عرض الأرقام، فالتقصير لا يكمن فقط بالإمكانات المادية المحدودة، بل بآلية التنفيذ من إدارات المصارف الزراعية وفروع اتحاد الفلاحين وحتى الجمعيات الفلاحية!.

السوق السواء!

وأشار عدد من الفلاحين إلى أن كميات السماد المخصص للقمح يتم توزيعه بطرق ملتوية، تماماً كما يحصل في توزيع مادة المحروقات الأمر الذي يجبر الفلاح على الشراء من السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً، واستغربوا كيف يتم تسعير بيع كيلو البصل في صالات السورية بـ 6000 ليرة، واستيراد الذرة بـ 3900 ليرة، بينما سعر كيلو القمح بـ 2800 ليرة، مع أن دورته الزراعية أطول وتكلفة إنتاجه أكبر!

الزراعة تحتضر!

التسعير الأخير لكيلو القمح برأي أهل الاختصاص سيجعل الزراعة تحتضر، وسيساهم في دفع العديد من الفلاحين عن الإحجام عن زراعة القمح، لأن التسعير المجحف يخدم الاستيراد ولا يخدم الإنتاج، مستغربين كيف يقف اتحاد الفلاحين مكتوف الأيدي أمام هذا السعر غير المنصف لجهد الفلاح وتكاليف الإنتاج التي ترتفع كل يوم  من بينها أجور الحراثة وقيمة المبيدات والمازوت الحر والسماد والبنزين وأجور الرش وحتى التسميد، وغيرها، متسائلين: لماذا حضرت أرقام “الدعم الحكومي” تحت قبة المجلس ولم تحضر أرقام التكاليف التي يدفعها الفلاح والتي لا تعوضه نصف تعبه التكاليف الباهظة؟!

فلاح يوضح!

أحد الفلاحين قال أن تكلفة كيلو القمح المزروع بعلاً ووفق تقديرات الوحدة الإرشادية وبحساب دقيق تبلغ 3100 ليرة، مشيراً إلى أن تكلفة القمح المروي أعلى من ذلك، لذلك الفلاح مظلوم بالسعر الذي حددته الحكومة آملاً بأن يتم رفعه.

وتساءل فلاح آخر: لو سلمنا أن هامش الربح 40 ٪  هل هي نسبة كافية وعادلة، ثم كيف لا يتم المحافظة على هامش الربح القديم؟، مشيراً إلى أن النسبة في الموسم الماضي تجاوزت الـ 75 ٪ مما أدى إلى زيادة المساحات المزروعة وبالتخلي عن هذه النسبة سيكون الأمر عكسي، مضيفاً.. إن أكثر ما يحزّ بالنفس ليس قيمة التسعيرة، وإنما اقتناع أصحاب القرار بأن التسعيرة عادلة ومجزية للفلاح وإعطاء الانطباع نيابة عن الفلاح بأنه راضٍ عنها!.

وأفاد أحد الفلاحين أنه خسر العام الماضي 200 ألف ليرة في كل طن بسبب التجريم (قمح مخلوط بالشعير) موضحاً أن الفلاحين يشترون بذار القمح من المؤسسة على أساس أنه قمح صافٍ لكن للأسف عند زراعته وحصده يكتشفون أنه مخلوط ببذار الشعير، وهنا يتم تجريم القمح، وهذا ما سيحصل هذا العام، لذلك السعر المحدد غير عادل لأن التجريم سيظلم الفلاح أكثر وأكثر!.

بالمختصر، الفلاح هو رأسمال البلد الحقيقي وقوته من قوة اقتصاده، وكان الفلاحين يأملون أن يخرج المؤتمر السنوي للحبوب الذي عقد أول أمس الاثنين بقرات تشجعهم على الزراعة، ولا سيما ما يتعلق برفع سعر الشراء بما يتناسب مع سعر التكلفة، هكذا علّق الكثير من الفلاحين على قرارات وتوصيات المؤتمر الذي لم ينسَ التأكيد على اتخاذ الإجراءات لتوفير مستلزمات استلام محصول القمح بأسهل طرق ممكنة!!!.