بورصة التعليم الخاص
معن الغادري
لا شكّ أن الامتداد العمودي والأفقي للجامعات والمدارس والمعاهد التعليمية الخاصة، سواء المرخص منها أو غير المرخص، على حساب التعليم الحكومي، وارتفاع رسوم تسجيلها إلى حدّ الجنون، متفوقة بدرجات كثيرة خدمات النجوم الخمسة، شكل ظاهرة غير صحية وأنتج حالة غير مسبوقة من الفوضى التعليمية، جاء تأثيرها السلبي مباشراً على سير العملية التعليمية ليس في حلب وحسب بل في باقي المحافظات، وهو ما نبّهنا إلى خطورته غير مرة قبل استفحاله وانتشاره على هذا النحو الذي ضرب أركان المؤسّسة التربوية والتعليمية على السواء!.
أمام هذه المعضلة ومعطياتها وتداعياتها وما نتج عنها من انعطافات حادة غير محسوبة على صعيدي الكمّ والنوع، والتي أدت كنتيجة طبيعية إلى دخول التعليم بورصة المضاربات، مثلها مثل أي سلعة تجارية، ينبغي إعادة قراءة مفردات المشهد التعليمي بصورة متأنية وأكثر توازناً للخروج بأقل الخسائر، ووضع رؤية شاملة لموضوع التعليم الخاص بجامعاته ومدارسه ومعاهده، بعيداً عن المعايير التجارية والتسويقية وما يُسمّى برفاهية التعليم، تفضي إلى حالة من الانضباط والالتزام بجودة التعليم ورسومه المالية والتي تفوق قدرة أي أسرة على تحمّله، في ضوء الحاجة المتزايدة لتعويض الفاقد من تراجع مستوى التعليم الإلزامي الحكومي.
وبما أننا على أبواب نهاية العام الدراسي الحالي واستقبال الموسم الدراسي الجديد، نجد لزاماً على المعنيين تصحيح مسار هذا الملف والتعامل بكلّ حزم مع حالة الشطط والفوضى التي يشهدها التعليم الخاص، وعلى الأقل تنفيذ مخرجات الاجتماعات الدورية للمكتب التنفيذي لمجلس المحافظة في حلب على وجه التحديد، بما يتعلق بآليات عمل المعاهد والمدارس الخاصة، لعلها تنجح ولو بالحدّ الأدنى في ضبط التجاوزات والمخالفات الإدارية والمالية، وتمنع التدخلات الشخصية من بعض المستفيدين والمنتفعين من هذه الفوضى التي تهدّد العملية التعليمية برمتها.
خلاصة القول وفي ضوء السباق المحموم لكسب أكبر قدر من الربح من تجارة التعليم الخاص، بعد أن تجاوزت كلفة العام الدراسي لطالب البكالوريا أكثر من 10 ملايين ليرة، يتضح أن التعليم في وضع يستدعي تصويب مساره وتمتين أواصره، وهو ما يدعونا إلى المطالبة باتخاذ خطوات إيجابية وبنّاءة تضمن سلامة الجسم التربوي والتعليمي بكل مكوناته إيماناً بدور هذه المؤسّسة في بناء الإنسان البناء الصحي.