بانتظار الأثر الاقتصادي بعد العودة.. التعويل على الدعم العربي لتجاوز العقوبات
دمشق – ريم ربيع
تتوالى اللقاءات والاجتماعات المنعقدة على هامش مؤتمر القمة العربية سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي، حيث شهدت الأيام الأخيرة زخماً كبيراً في الوفود العربية التي التقت الوفد السوري لطرح رؤى وآمال جديدة بعد العودة السورية للجامعة، فيما يتركز اهتمام الشريحة الأوسع من السوريين على الأثر الاقتصادي لعودة العلاقات، ومنه على مستوى معيشتهم الذي انحدر بشكل كبير خلال سنوات الحرب العسكرية والاقتصادية.
وما بين متفائل بانفراجات سريعة، ومتشائم بواقع العقوبات والمناخ الاستثماري، رأى الخبير المصرفي الدكتور علي محمد أن التعويل يتركز على القدرة والنية العربية على تجاوز العقوبات الاقتصادية، فهل سيكتفي العرب بالمصالحات السياسية، أم ستُفتح أبواب الاقتصاد مجدداً، عبر تجاوز العقوبات أو محاولة الضغط لرفعها، معتبراً أن التحالفات الإقليمية الجديدة يمكن أن تكون بداية تغيير بالاصطفافات العالمية، وهو ما سيتبين خلال الأيام المقبلة.
وبيّن محمد أن أي تحركات اقتصادية تحتاج مدة زمنية، وعام من الاستقرار على الأقل، وضخ كتلة مالية أو وضع ودائع بالمركزي، وأن يعاود المستثمرون العرب تفعيل وتنشيط استثماراتهم التي كانت قائمة قبل الحرب، بعدها يمكن لمس آثار جديدة، أما على المستوى المحلي فالبيئة الاستثمارية من الناحية التشريعية والقانونية ملائمة ومتكاملة، بينما المشاكل المطروحة حول النفط والكهرباء، فلا قدرة للحكومة على معالجتها وهي أساساً أبرز القطاعات التي تحتاج الاستثمار بها، فلا ننكر وجود روتين وبيروقراطية في الجانب الإداري، لكن هناك إمكانيات لا يمكن تجاوزها، وعلى المستثمرين التركيز على هذه القطاعات تحديداً.
بدوره أكد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفي الكفري أن المنطقة العربية هي الحضن الطبيعي للنشاط الاقتصادي في سورية، فالدول تفضل التعامل الاقتصادي مع الأخرى المجاورة لها، بغية تخفيف التكاليف من نقل وغيرها، وكمثال على ذلك فقد كانت نتيجة المبادلات التجارية السورية مع المحيط العربي في اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية حوالي 2.5 مليار يورو عام 2010، لتنخفض عام 2021 إلى 450 مليون يورو.
ولم يخفِ الكفري أن العقوبات المفروضة من العرب والغرب على سورية، هي العامل الرئيس الذي يمكن أن يعيق تحقيق نتائج للاقتصاد السوري بهذا الانفتاح على الوسط العربي، لذلك فإن النتائج الاقتصادية مرتبطة بقدرة الدول العربية على تجاوز العقوبات الغربية، لتستطيع الاستثمار، ولزيادة معدلات التبادل التجاري، مع التأكيد أن التعاون العربي والعمل الاقتصادي المشترك بين الدول العربية، سيكون بمصلحة كافة الدول وليس فقط سورية، فلا يجب أن تكون العقوبات عائقاً أمام الانفتاح الاقتصادي.
وأشار الكفري إلى عدة محاور للتعاون إذا أراد العرب دعم الاقتصاد السوري، بداية بدعم الليرة التي خسرت خلال الحرب الكثير من قيمتها، وذلك عن طريق ضخ ودائع في المركزي كواحد من الحلول، إضافة إلى زيادة المبادلات التجارية، ورفع معدلات التبادل بين سورية والعرب، وتفعيل منطقة التجارة العربية الحرة، وأخيراً بزيادة حجم الاستثمارات العربية محلياً.
وأوضح الكفري أن البيئة الاستثمارية في سورية جيدة، وكان هناك دعوة مباشرة من وزير الاقتصاد في المنتدى الاقتصادي للاستثمار في سورية، مع التأكيد أن القوانين والأنظمة يجب أن تخلق بيئة جاذبة للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، مبيناً أن ما يهم المواطن اليوم من النشاط الاقتصادي هو مستوى معيشته المرتبط مباشرة بسعر الصرف وإمكانية التشغيل.