إكرام الميت…!
وائل علي
ماذا يعني أن يترك المنتجون محصول البطاطا في الحقول، لأنهم سيتكبدون المزيد من الخسائر بعد أن وصل كيلو البطاطا إلى ستمئة ليرة وهي في أرضها، كما يُقال، بينما التكاليف لامست الألف ليرة وما فوق؟.. وماذا يعني أن يباع الثوم في الأسواق خارج الموسم بعشرة آلاف ليرة وأكثر ولدينا من الثوم ما يفيض؟.. وماذا يعني أن يهبط البصل الفريك في الأسواق إلى “دوار” الألف ليرة بعد أن نضج الموسم، في الوقت الذي بيع البصل المصري بالبطاقة الذكية بستة آلاف ليرة؟.. والحال ذاتها تنطبق على زيت الزيتون الذي قفز بيدون العشرين ليتراً من ربع مليون في أوج الموسم إلى نصف مليون ليرة بعد ثلاثة أشهر على انتهائه، وكذا الحال لمنتجات البندورة التي وصلت إلى أربعة آلاف ليرة، والخيار البلدي إلى ثمانية آلاف، والحمضيات واللوزيات وباقي الأشجار المثمرة والخضار والحشائش المختلفة من البقدونس والنعنع والهندباء والبصل الأخضر، وكلها سجلت أرقاماً خيالية يعرفها الجميع؟!.
من الواضح أن هناك خللاً تنسيقياً وتخبطاً تسويقياً بيناً على صعيد الروزنامة والخارطة الزراعية، وضبط الأسواق التموينية ومتابعتها، والتدخل الإيجابي الذي لا حسّ له ولا خبر، على وقع نظرية العرض والطلب التي تفعل فعلها بتحديد مسار وتقلبات الأسعار ووفرة وطرح المنتجات!.
نعتقد أنه آن الأوان لنعرف كيف ننتج دوراً فاعلاً لأذرع التدخل الإيجابي التي تعدّ السورية للتجارة أحد ركائزها المهمة، ويفترض أنها تخبئ القرش الأبيض لليوم الأسود لحماية الثنائية البسيطة التي طرفاها المنتج والمستهلك معاً، لأنها -أي مؤسسات التدخل الإيجابي- يفترض أنها تدرك وتعرف كيف تستثمر وتدير أدواتها المتاحة من وحدات خزن وتبريد عملاقة ومشاغل وصالات بيع وأسواق ومعارض ومسالخ لحوم ودجاج ومسامك بحرية ونهرية وكوادر إدارية خبيرة، وأسطول نقلي لا مثيل له ورأسمال ضخم بتصرفها، لتسخرها وتناور بها لتتعامل مع متغيّرات الأسواق ومستجداتها وتوقعاتها لكسر طوق الاحتكار الذي يمارسه البعض… إلخ، حينها فقط نتمكّن من حماية مستهلكينا ومنتجينا، ونضمن استقرار أسواقنا وتدفق السلع والمنتجات، وإلا فعلى الدنيا السلام، وإكرام الميت دفنه!!.
ALFENEK1961@YAHOO.COM