اقتصادصحيفة البعث

من يخالف قانون الشاغلين؟!

علي عبود

فوجئنا مؤخراً بأن دائرة خدمات الشام الجديدة تخالف قانون هيئات الشاغلين رقم 55، لعام 2002، ونظامه الداخلي أيضاً، بموافقة محافظة دمشق على مدى العقدين الماضيين!

لقد نصّ قانون الشاغلين على إحداث لجان إدارية للأبنية السكنية، ولم يشر القانون ولا نظامه الداخلي بكلمة واحدة إلى سريانه على الأسواق التجارية، ومع ذلك فإن دائرة الخدمات في ضاحية الشام الجديدة (مشروع دمر)، أشرفت، ولاتزال، على تشكيل لجان إدارية للأسواق، وخاصة لسوق الشام المركزي. وهذا يعني أن جميع المحافظة خالفت قانون الشاغلين رقم 55 لعام 2002 على مدى العقدين الماضيين، دون أي مستند قانوني.

والملفت أن ما من رئيس لدائرة خدمات مشروع دمر سابقاً، والشام الجديدة حالياً، بادر إلى لفت نظر أي محافظ بأن اللجان الإدارية للأسواق التجارية في الضاحية تشكلت خلافاً لقانون الشاغلين، والملفت أكثر أن وزارة الإدارة المحلية لم تحرك ساكناً، وتجاهلت المخالفات القانونية بتشكيل اللجان الإدارية للأسواق التجارية، سواء في ضاحية الشام أم في أي منطقة أخرى في سورية!

ولكي نقطع الشك باليقين، راجعنا قانون هيئة الشاغلين عدة مرات، فلم نعثر على مادة واحدة تنصّ على جواز تشكيل لجان إدارية للأسواق التجارية، ولكي لا نتسرّع ونجزم بارتكاب مخالفات قانونية بتشكيل لجان للأسواق التجارية، توقّعنا أنه تمّ تعديل قانون الشاغلين ليشمل الأسواق التجارية، وخاصة في ضاحية الشام الجديدة.

تواصلنا مع المهندس إيميل حتمل، رئيس دائرة ضاحية الشام الجديدة، وطرحنا عليه سؤالاً محدداً ودقيقاً ومباشراً: ما المستند القانوني لانتخاب لجنة إدارية لسوق الشام المركزي، فالقانون 55 لعام 2002 لا يوجد فيه أي مادة خاصة بالأسواق التجارية؟

أجاب المهندس حتمل بأن اللجنة الإدارية لسوق الشام تستند إلى الفقرة ب من المادة 1 من النظام الداخلي لهيئة الشاغلين، مضيفاً: “ذكرت التعليمات التنفيذية عبارة للسكن أو لغيره”، أي أن دائرة الخدمات اعتبرت أن كلمة “لغيره” تشمل الأسواق التجارية، فهل هذا صحيح؟

ومع أننا أوضحنا لرئيس دائرة خدمات الضاحية أن عبارة “لغيره” تعني الأبنية السكنية، وليس الأسواق التجارية، لكنه لم يقتنع وأصرّ على رأيه اللامبرّر!

لقد نصّت المادة 1 من التعليمات التنفيذية للقانون 55 على التالي:

المادة 1: أ – البناء: هو الكتلة المبنية على قطعة أرض محدّدة تشكل وحدة مستقلة قائمة.
ب – الشقة: هي جزء البناء الذي يكون وحدة مستقلة ضمن كتلة البناء ووفق ما هو مسجل في القيود العقارية أو ما يماثلها، سواء للسكن أو لغيره من أقسام البناء المستفيدة من الأجزاء المشتركة أياً كانت طبيعة استعماله أو استثماره.
جـ – الأجزاء المشتركة: هي (الأرض وعلى الأخص الحدائق والوجائب، الأساسات، المداخل، الممرات والأدراج، الأقبية، الأسطح، المصاعد، الأنابيب، المناور المشتركة)، وكذلك الأجزاء أو التجهيزات المعدّة للاستعمال المشترك لجميع شاغلي البناء ما لم تكن ملكية خاصة.
د – الشاغل: هو كلّ من يشغل الشقة مهما كانت صفته بإشغالها.

كما نلاحظ أن “لغيره” هي حصرياً خاصة بالمستفيد من الأجزاء المشتركة المعرّفة في الفقرة ج، ولا علاقة لهذه المادة بالأسواق التجارية.

ولو أراد المشرّع تشميل الأسواق التجارية بقانون الشاغلين لذكر ذلك صراحة، ولكان اسمه “قانون هيئات شاغلي الأبنية والأسواق التجارية ولجانها الإدارية”! 

وكان يُمكن للمشرّع أن يضيف إلى المادة 1 تعريفاً بالسوق التجاري، لكنه لم يفعل. وإذا افترضنا أن هناك ضرورة لإحداث لجان إدارية للأسواق التجارية التي تتبع لها مرافق مشتركة كالأبنية السكنية، فلماذا لم تقم وزارة الإدارة المحلية بإنجاز مشروع قانون جديد خاص باللجان الإدارية للأسواق التجارية أو بتعديل القانون 55 ليشمل هذه الأسواق؟

الخلاصة: الإدارة المحلية ومحافظة دمشق ودوائر خدمات الشام الجديدة المتعاقبة، خالفت وما زالت تخالف قانون هيئات شاغلي الأبنية بتطبيقه قسراً على الأسواق التجارية، وهذه الحالة الشاذة لا نجدها في أي قانون آخر، ولو أن هذه الأسواق انتخبت لجاناً إدارية بمبادرة منها بمعزل عن دوائر الخدمات لكانت حرة، مثلما هي حرّة مثلاً المنشآت الخاصة كالفنادق بتطبيق قانون العاملين، أما المخالفة الجسيمة فهي أن يشرف ويبارك مخالفات قانون الشاغلين الإدارة المحلية من خلال محافظة دمشق ودوائر خدمات الشام.