كيف نكون أمة واحدة بقلب واحد؟
غالية خوجة
لسيادة الرئيس بشار حافظ الأسد تألق قيادي محصّن بالله والحق والوطن، والحق يحصن من يحصنه، وهو حالنا وطناً وقيادة وجيشاً وشعباً وشهداءَ وجرحى وطن وجنوداً مجهولين على كافة الجبهات الحياتية، وهذه الأشعة المحقة تضيء العروبة بروحها وشمسها العربية السورية لأنها كما قال وفعل الأسد: “قلب العروبة وفي قلبها”، ولذلك تجاوزت كلمته الزمان والمكان لتقيم في قلب كلّ مواطن عربي.
وهذا ما تلألأ به حضوره المشرق بالحق دائماً في الجامعة العربية، معبّراً عن أصالة العروبة الأخلاقية الحضارية وجذورها الثقافية وهويتها الواحدة التي تجمعها عناصر وعوامل جذرية متعدّدة.
وحدث ما كان يجب أن يكون قبل الحرب الظلامية الإرهابية التدميرية لوطننا العربي السوري، أو ما كان يجب أن يكون أثناء تلك العشرية الدموية، وعادت النبضات في القمة 32 إلى قلبها الواحد، قلبها البوصلة والسفينة والبحر والمرساة والفضاء الكوني، في آنٍ معاً.
ولا أجمل من كلمة الرئيس الأسد إلاّ دلالاتها القريبة والبعيدة، واختزالها المكثّف والعميق لكلّ ما حدث، ويحدث، وسيحدث، بدءاً من السؤال الإجابة: “من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة؟ يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل، وعندما تتراكم العلل يمكن للطبيب أن يعالجها فرادى شرط أن يعالج المرض الأساسي المسبّب لها”؛ ولا انتهاءً بإشراقات الدالاّت والدلالات والمدلولات والدليل النذير والدليل البشير، وجميعها تدور مع الانتماء ولأجل الانتماء كما تدور الكواكب حول نجمها الشمس لتحافظ مجرتنا على كينونتها، وذلك انطلاقاً من البحث “عن العناوين الكبرى”.. لماذا؟.
تجيبنا كلمات سيادته الكاشفة عن جوهرية البحث: كونها “تهدد مستقبلنا”، وفي ذلك بصيرة عابرة للزمان تكشف عن النتائج “كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب”.
ولا بد أن تبدأ الأمة العربية بمعالجة الأسباب، كي لا تترك لأجيالها معالجة النتائج.. لكن، كيف؟
تجيبنا كلمة السيد الرئيس بشار الأسد بالكثير من الحلول الواقعية، منها انتزاع الفرص المتوالية من التهديدات والمخاطر، ومنها “فرصة تبدل الوضع الدولي الذي يتبدى بعالم متعدّد الأقطاب”، والفرصة التاريخية “لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الأجنبي، وهو ما يتطلب إعادة تموضعنا في هذا العالم الذي يتكوّن اليوم، كي نكون جزءاً فاعلاً فيه مستثمرين في الأجواء الإيجابية الناشئة”.
أمّا متى وكيف نكون كما يجب، أمة واحدة بقلب واحد وروح واحدة وجسد واحد، فهذا ما توضحه كلمته البصيرة المركّزة على الانتماء ودوره الثقافي الحضاري وهويته العربية الأخلاقية الفاعلة بإيجابية كونها هدفاً رئيسياً للّيبرالية الحديثة بكافة الوسائل والاتهامات والشائعات “فتموت وتموت معها مجتمعاتنا بصراعها مع ذاتها لا مع غيرها”.
لكن، ما المنهجية المتناغمة المستدامة لمجمل هذه العناوين والعمل من أجلها بأمل محقق؟..
ترى كلمات سيادته الناطق بلسانٍ مبين والناطق بقلبِ كلِّ عربي مكين، عدة محاور أساسية، أولها “العمل العربي المشترك بحاجة لرؤى واستراتيجيات وأهداف مشتركة نحولها لاحقاً إلى خطط تنفيذية، بحاجة لسياسة موحدة ومبادئ ثابتة وآليات وضوابط واضحة عندها سننتقل من ردّ الفعل إلى استباق الأحداث وستكون الجامعة متنفساً في حالة الحصار لا شريكاً به، ملجأً من العدوان لا منصة له”، وثانيها “استعادة الجامعة لدورها كمرمّم للجروح لا كمعمّق لها، والأهم هو ترك القضايا الداخلية لشعوبها، فهي قادرة على تدبير شؤونها وما علينا إلا أن نمنع التدخلات الخارجية في بلدانها ونساعدها عند الطلب حصراً”، وثالثها “الأمل يرتفع في ظلّ التقارب العربي العربي، والعربي الإقليمي والدولي” كـ “بداية مرحلة جديدة للعمل العربي للتضامن فيما بيننا للسلام في منطقتنا للتنمية والازدهار بدلاً من الحرب والدمار”.