صحيفة البعثمحليات

“تخوف مشروع..”!

معن الغادري

لا شكّ أن الإصلاح الاقتصادي ضرورة وحاجة ملحّة لمواجهة مجمل التحديات التي تواجه اقتصادنا الوطني وصناعتنا على وجه التحديد، وهنا يتجدّد السؤال الأهم في هذه المعضلة حول أسباب عدم تنفيذ وتطبيق توصيات ومقررات المؤتمر الصناعي الثالث، والذي عُقد قبل أربع سنوات في حلب بزخم كبير وبرعاية وحضور رئيس الحكومة وكامل أعضاء الفريق الحكومي الاقتصادي، بالإضافة إلى عدد من الوزارات المختصة والمعنية.

وأياً كانت المبررات طوال هذه الفترة، سواء أكانت مقنعة أم غير مقنعة، يرى المختصون أن سبب عجز الحكومة عن تنفيذ مقررات المؤتمر، يعود إلى عاملين اثنين: أولهما الظروف الاقتصادية الضاغطة الناتجة عن الحصار الاقتصادي وهو أمر يمكن تفهّمه، والثاني، وهو الأكثر تأثيراً في هذه المعضلة، يرجع إلى انعدام الرؤى والخطط الفاعلة، وإلى الفشل الواضح في إدارة الموارد المتاحة، وعدم توظيف الموارد البشرية على وجه التحديد بالشكل الأمثل، يضاف إلى ذلك الإجراءات المصرفية الخانقة، واتباع سياسة الجباية والتحصيل، والتي أضعفت دورة الإنتاج، وتسبّبت في ارتفاع مؤشرات الغلاء والتضخم وانخفاض سعر الصرف، وهو الخطر الذي هدّد اقتصادنا الوطني وما زال.

وبصرف النظر عن التأثيرات الاجتماعية، وما يقع على كواهل المواطنين من أعباء يومية ومعيشية، جراء مجمل التجارب الفاشلة السابقة، يبقى الخيار الوحيد للخروج من هذا المأزق، هو استثمار الأجواء الإيجابية التي عكستها القمة العربية سياسياً واقتصادياً، والتركيز حالياً على إنشاء قاعدة عمل تتوافر فيها كلّ شروط الاستثمار المباشر كخيار استراتيجي تفرضه المرحلة الراهنة والتي تستدعي من الفريق الحكومي الاقتصادي العمل على الفور لإزالة كلّ القيود، أولها الإفراج عن مقررات وتوصيات المؤتمر الصناعي الثالث، وإيجاد الصيغ والآليات لتنفيذها وتطبيقها كمخرج لحالة الكساد والانكماش والركود والثبات والمراوحة في المكان. ونجد أن الأمر يحتاج إلى اتخاذ قرارات جريئة تخضع لسياسات التشغيل والرعاية قبل التحصيل والجباية، ومحاربة التهريب وتهيئة البيئة الناضجة للصناعة الوطنية، وبما يمكنها من المنافسة في الأسواق المجاورة والعالمية، كما كانت عليه الحال سابقاً.

مما تقدّم، وفي ضوء تخوّف الصناعيين المتزايد من السياسات الاقتصادية الخانقة والمعطلة والتي لا تتواءم مع المتبدلات والمتغيّرات، وفق ما تمّ تداوله من نقاشات صريحة وشفافة خلال أعمال مؤتمر غرفة صناعة حلب الأخير، أعطى وزير الصناعة بشائر أمل جديدة لجهة انتهاج فكر وأسلوب جديدين في التعاطي مع القطاع الصناعي ومتطلبات المرحلة الراهنة والقادمة، إذا ما تحقّقت في ميادين العمل، ستفضي إلى نتائج إيجابية وستعطي دفعاً للعملية الإنتاجية، وستؤثر إيجاباً في قاعدة العمل الاستثماري وفق معايير وشروط وتشريعات جديدة أكثر جذباً للاستثمار وعودة رؤوس الأموال المهاجرة، وهو ما يأمله الجميع كخطوة أولى على طريق تعافي اقتصادنا الوطني.