جمعية الصحة العالمية تعتمد قراراً حول الأوضاع الصحية في الأرض المحتلة والجولان
جنيف – سانا
اعتمدت جمعية الصحة العالمية في جنيف اليوم القرار المعنون “الأوضاع الصحية في الأرض المحتلة بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل”، حيث أكّد عدد من مندوبي الدول الأعضاء تضامن بلدانهم مع الشعب الفلسطيني ومع أهلنا في الجولان المحتل، بمواجهة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحقّهم.
ويطلب القرار الذي اعتمد خلال الدورة الـ76 للجمعية من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إرسال بعثة تقييم ميداني للوقوف على الأوضاع الصحية لأهالي الجولان السوري الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي، بمن في ذلك الأسرى في معتقلاته وتقديم تقرير لجمعية الصحة العالمية بهذا الشأن.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف السفير حيدر علي أحمد أن السياسات التمييزية الممنهجة التي تفرضها سلطات الاحتلال في الجولان السوري المحتل، وممارساتها لتغيير الطابع الجغرافي والديمغرافي، وفرض احتلالها من خلال الاستيلاء على الأراضي وتهجير أصحابها السوريين وحرمانهم من الموارد المائية لمصلحة الاستيطان، وزرع الألغام في المناطق الزراعية ومحيط المناطق المأهولة تشكل أنموذجاً آخر للانتهاكات الممنهجة للسلطة القائمة بالاحتلال، ومخالفة لمبادئ دستور منظمة الصحة العالمية، التي أكّدت الحق الأساسي للشعوب والأفراد بالتمتع بالصحة دون تمييز، وأهمية تمتّع جميع الشعوب بالصحة في سبيل تحقيق السلم والأمن.
وأعرب علي أحمد عن استغراب سورية من إصرار منظمة الصحة على تهميش موضوع الأوضاع الصحية في الجولان المحتل في تقاريرها، واستمرارها بجعل تلك التقارير أسيرة إملاءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي وألاعيبه السياسية، مبيّناً أن سورية رحّبت باعتزام المنظمة إجراء تقييم ميداني للحالة الصحية في الجولان السوري المحتل، وقدّمت من جانبها كل التسهيلات بما يضمن إجراء هذا التقييم دون أي قيد من القوة القائمة بالاحتلال، وفقاً للالتزامات القانونية المترتبة عليها، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وكذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرار رقم 497 لعام 1981 الذي نصّ على أن قرار “إسرائيل” فرض قوانينها وولايتها على الجولان السوري المحتل باطل ولا أثر قانونياً له.
وأشار علي أحمد إلى أن رفض الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود السماح لمنظمة الصحة العالمية بالوصول إلى الجولان السوري المحتل، منع المنظمة هذا العام أيضاً من تنفيذ قرارات ومقرّرات جمعية الصحة العالمية، وبالتالي لم تتمكّن المنظمة من إرسال فريقها وتقييم الأوضاع الصحية في الجولان، ولم يُشِر المدير العام في تقريره إلى سبب عدم تمكّن بعثة التقييم من الوصول، لافتاً إلى ضرورة منح منظمة الصحة العالمية وصولاً غير مشروط ودون عوائق وغير مقيّد إلى الجولان المحتل، لإجراء التقييم الميداني للأحوال الصحية لأهلنا هناك، واقتراح السبل والوسائل لتزويدهم بالمساعدة التقنية الإنسانية والصحية والأخذ بالاعتبار غياب وكالات الأمم المتحدة الإنسانية في الجولان السوري المحتل.
وأكّد مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف ضرورة فتح معبر القنيطرة الذي يربط أبناء الجولان السوري المحتل بأهلهم في الوطن، وخاصةً الطلاب الراغبين بمتابعة تعليمهم في الجامعات السورية، لما لإغلاقه من أثر اجتماعي ونفسي سيئ على أهالي الجولان المحتل وذويهم في سورية على حدٍ سواء.
وبيّن علي أحمد أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل اعتداءاته الوحشية على الفلسطينيين التي نتج عنها مؤخراً العديد من الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ في مخيّمات جنين وبلاطة، ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ بل صعّد المستوطنون بدعم قوات الاحتلال اعتداءاتهم على الفلسطينيين على مرأى المجتمع الدولي ومسمعه، مجدّداً إدانة سورية بأشد العبارات لهذه الاعتداءات وقصفها المتعمّد والممنهج للمستشفيات ومنشآت الرعاية الصحية والعاملين فيها، والتي تم توثيقها في تقرير المدير العام.
وأوضح علي أحمد أن هذه الانتهاكات تؤكّد طبيعة جرائم الاحتلال الإسرائيلي وحجم المأساة الإنسانية التي تتسبّب بها ممارساته العدوانية، الأمر الذي يتطلّب من الجميع توفير الحماية للشعب الفلسطيني، وحشد الدعم الدولي للقطاع الصحي الفلسطيني المنهك أصلاً نتيجة سياسات وممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي وحصارها الخانق لقطاع غزة.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف إلى أن القرار الذي تم اعتماده يتماشى مع ولاية منظمة الصحة العالمية ودستورها وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وقواعد القانون الدولي، مشدّداً على وجوب عدم السماح للاحتلال الإسرائيلي بتبييض جرائمه وانتهاكاته للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وقرارات ومقرّرات الأمم المتحدة وجمعية الصحة العالمية، من خلال الترويج لحملات واتهامات مضللة لا أساس لها من الصحة خلال اجتماعات الجمعية.
.. والغباش: استراتيجية لصحة المرأة والطفل والمراهق في سورية بما يتوافق مع الأهداف العالمية
إلى ذلك، تطرّقت جلسات أعمال الجمعية المخصّصة إلى الاستراتيجية العالمية لصحة المرأة والطفل والمراهق.
وفي كلمة سورية أكّد وزير الصحة الدكتور حسن الغباش أنه تم إعداد استراتيجية صحة المرأة والطفل والمراهق في سورية بما يتوافق وتتلاقى أهدافه مع أهداف الاستراتيجية العالمية، وشملت المرحلة 2022-2025 كمرحلة أولى مع وضع أهداف حتى عام 2030.
وشملت الاستراتيجية وفق الوزير الغباش كل البرامج الصحية المعنية من برنامج اللقاح الوطني ورعاية الوليد والرعاية المتكاملة للطفل وبرامج التغذية ورعاية الوليد في المنزل ومكافحة التدخين وصحة المراهقين وصحة الفم والأسنان والصحة النفسية والصحة الإنجابية، مشيراً إلى أنه يتم حالياً إعداد استراتيجية الرعاية الصحية الأولية بما يحقق أهداف التغطية الصحية الشاملة، ومنها صحة المرأة والطفل والمراهق.
وبيّن الدكتور الغباش أنه تم الاعتماد في وضع الاستراتيجية على دراسة أسباب الوفيات عند الأطفال دون الخمس سنوات 2018 وعلى التقارير الإدارية للبرامج التي تُعنى بصحة المرأة والطفل والمراهق، حيث التزمت سورية بتخفيض نسبة وفيات الأمهات في عام 2030 إلى 45 لكل 100 ألف، مروراً بمرحلة الوصول إلى نسبة 52 وفاة لكل ألف ولادة حيّة عام 2025.
وأشار الغباش إلى أنه يتم العمل حالياً من خلال تنفيذ دراسات ومسوح لمعرفة الوضع الحالي، إضافة إلى وضع استراتيجية الرعاية الصحية الأولية للوصول لأهداف التغطية الصحية الشاملة والعمل على تكاملية الخدمات بشكل يتواءم مع الدول وبناء على حزمة الخدمات الأساسية التي يتم وضعها من الدول والعناية بمرحلة المراهقين من خلال خدمات الصحة النفسية والإنجابية والتوعية وبرنامج مكافحة التدخين والتركيز على البرامج الصحية التي تُعنى بصحة المرأة والطفل والمراهق للمساعدة في الوصول إلى الجميع وخاصة الفئات الضعيفة.