داء الانسداد الرئوي المزمن.. الرابع عالمياً في الوفيات..والتدخين المسبب الرئيسي
البعث الأسبوعية _ لينا عدره
الانسداد الرئوي المزمن من بين الأسباب الأربعة الأولى في حدوث الوفيات و90% من مرضاه مدخنين، ومن المتوقع أن يصبح في عام 2030السبب الثالث عالمياً للوفيات بعد القلبية والأورام، وفق ما بين رئيس شعبة الصدرية في مستشفى المواساة الجامعي أ. د. عمار الزين.
د. الزين أكد في حديثه لـ”البعث” أن مشكلة التدخين تكمن بأنه أحد أهم أسباب الموت البطيء كون الأمراض الناجمة عنه، وعلى رأسها داء الانسداد الرئوي تتطور تدريجياً و بشكلٍ بطيء جداً خلال مدةٍ زمنية تتراوح ما بين عشر إلى عشرين سنة، يعاني خلالها المريض من قصور تنفسي مزمن قد يضطره لاحقاً للبقاء في المنزل لحاجته للأوكسجين، وعلى الرغم من أن معظم مرضى ذلك المرض لا يولونه أهمية لاعتقادهم أنه ضيق تنفس عادي وطبيعي يحدث مع معظم الناس خلال مراحل حياتهم ومع تقدم السن، إلا أن ضيق التنفس الطبيعي والعادي بنظر البعض !! و المُترافق مع سعالٍ صباحي دائم عند الاستيقاظ يتطور ليزداد الأمر سوءاً مع الوقت.
التدخين في سن مبكرة!!.
ويؤكد د. الزين أن خطورة التدخين في سنٍ مبكرة تكمن بتسريعها ومن دون أدنى شك في ظهور داء الانسداد الرئوي، لافتاً إلى أن هذا المرض لم يكن يُلحظ إلا بعد تجاوز المريض الخمسين من عمره لأن معظم المرضى كانوا يتأخروا في التدخين، إلا أن الأمر اليوم قد اختلف وبتنا نلحظه بعد عمر الأربعين.
مشيراً إلى الدور الكبير للعامل الوراثي في الإصابة بسرطان الرئة أو الانسداد الرئوي، محذراً الأشخاص المدخنين الذين أُصيب أحد أقربائهم من الأصول أو الفروع بسرطان الرئة أو الانسداد الرئوي بالتوقف مباشرةً عن التدخين لأن احتمالية إصابتهم بالمرض تفوق 50% !!
وأشارإلى أن سرطان الرئة هو من أكثر الأورام المميتة بالنسبة للذكور في سورية، كون عادة التدخين الأكثر شيوعاً عند الذكور، منوهاً بأن 85% من المرضى المشخصين بذلك الورم مصيرهم الحتمي الموت كونه ورم سيء الإنذار، حيث تتراوح مدة بقائهم على قيد الحياة مابين ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين حسب نوع الورم، معرباً عدم استغرابه في حال أصبحت نسب الإصابة به بين الذكور متساوية مع الإناث في السنوات المقبلة لانتشار التدخين بشكلٍ كبير بين الإناث.
وبيّن د. الزين أن التدخين إضافةً لكونه مشكلة منهكة اجتماعياً واقتصادياً، فهوسببٌ أساسيٌّ في حدوث مشاكل وأمراض كثيرة، حيث تبين أنه السبب الأول لأورام المريء في سورية إضافة للمثانة، وأحد أهم الأسباب المؤدية لنقص التروية القلبية خاصةً وأن المرض القلبي هو المرض القاتل الأول، بسبب تأثيره على ارتفاع الضغط الشرياني وجميعنا لاحظ في السنوات الأخيرة الارتفاع الملحوظ في الوفيات الناجمة عن أزمات قلبية.
بدائل السجائر التقليدية
أما بالنسبة لظاهرة انتشار بدائل جديدة للسجائر التقليدية التي بتنا نراها بين أوساط الشباب والمراهقين خصوصاً، والتي يطلق عليها “فايب” ويُرَّوج لها على أنها أقل خطورة من السجائر العادية و يؤكد د. الزين أنها لا تختلف في مخاطرها عن النرجيلة أو السيجارة التقليدية خاصة وأنها تحوي مواد غير معروفة وبأشكال ونكهات مختلفة لتجذب الفئات الصغيرة،مشيراً إلى أن مصطلح مدخن يشمل أيضاً أولئك الذين يدخنون تلك البدائل، منوهاً بالأثر النفسي السلبي الذي يسببه التدخين، ومشدداً في الوقت نفسه على ضرورة تفعيل المرسوم رقم 62 لعام 2009 لأهميته الكبيرة في التخفيف من آثار التدخين المميتة، لافتاً إلى ضرورة حظر التدخين في الأماكن العامة والتشدد في تطبيق القوانين خاصةً مع ارتفاع أعداد الأطفال المدخنين بسبب غياب الرقابة الأسرية والمجتمعية والقانونية، إضافةً إلى نقطة أخرى هامة أشار إليها د. عمار تتعلق بأنواع المعسل المستخدم خاصة الرخيصة المجهولة المصدر المنتشرة بشكلٍ كبير مبيناً أن خطورة النرجيلة تفوق السيجارة العادية كون جلسة نرجيلة واحدة تعادل 4علب من التبغ ما يجعل من مدمني النرجيلة مدخنين من العيار فوق الثقيل، الأمر الذي يرفع نسبة إصابتهم بسرطان الصدر.
ولخطورة ما وصلنا إليه فقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية التدخين نوعاً من أنواع الإدمان وفق ما ذكر د. الزين الأمر الذي دفع بالمعنيين في مستشفى المواساة الجامعي لافتتاح عيادة لمكافحة التدخين وتخصيص وقت للأشخاص الراغبين بترك التدخين ما بين الساعة 12 و2 يُقدم فيها دواء مضاد للاكتئاب بشكلٍ مجاني، إضافةً لعلكة ولصاقات مع الدواء لمساعدة الراغبين بالتوقف عن التدخين ومساندتهم وتقديم الوعي لهم شريطة أن تكون لديهم قناعة كاملة وإرادة وقرار للإقلاع عن التدخين، الأمر الذي يرفع نسب نجاحهم في التوقف عنه من 70 إلى 80%.
هذا وقد كانت المؤسسة العامة للتبغ في وقتٍ سابق قد كشفت عن رقمٍ صادم لأعداد المدخنين في سورية في 2021 وصل لأربعة ملايين ونصف المليون مدخن الأمر الذي يجب أن يدفعنا للتشدد بمحاربة تلك الآفة قبل أن تتحول لكارثةٍ طبية وصحية واقتصادية واجتماعية يصعب السيطرة عليها، خاصةً مع الارتفاع الكبير الذي تظهره إحصائيات منظمة الصحة العالمية عن أعداد الأشخاص الذين يتسبب التدخين في موتهم والذي يصل سنوياً إلى 8 مليون إضافةً لوفاة مليون نصف شخص آخر بسبب التدخين السلبي؟!.
ليبقى بذلك المحرك الرئيسي للوفاة والمرض، مُشكِّلاً قلقاً مستمراً وهاجساً كبيراً في الأوساط الطبية.
وللإشارة فقط ومن باب لفت النظر للتأكيد على غياب الوعي والتراخي في تطبيق القوانين المتعلقة بمنع التدخين، ففي الوقت نفسه الذي كنا نتحدث فيه مع د. عمار عن التدخين ومضاره كان هناك من يُدخن في ممرات المستشفى، مشهدٌ ليس بغريب بل بات مألوفاً في الكثير من المستشفيات و لا يختلف في سوداويته عن مشهد الأطفال المدخنين الذين نراهم يومياً.