إصلاح القطاع العام الصناعي.. توقف في مرحلة النوايا والتصريحات وابتعاد مستمر عن الهدف الرئيسي
دمشق – ميادة حسن
مهما تحدثنا عن إنجازات القطاع الخاص وأهميته لا يمكننا نكران القطاع العام ودوره القوي في تحمّل تبعات الحرب والدمار الممنهج الذي طاله، حيث بقي صامداً ومستمراً في ظلّ الظروف القاسية للحرب التي لم ترحم حتى الحجر، فالخسائر كبيرة ومكلفة جداً، لكن مع كل هذا مازال يطرح منتجاته في الأسواق بما يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن وظروفه المعيشية، وقوة القطاع العام حاضرة بدليل أن القطاع الخاص بدأ منذ زمن بالاتكاء على هذا القطاع والاستناد عليه، إما بالتشاركية أو بغيرها من الإجراءات، مما يجعلنا نعترف بأن القطاع العام هو عماد الاقتصاد في سورية والتجارب التي مرّت علينا خلال سنوات أثبتت ذلك، ونحن الآن بانتظار التعافي التام والنهوض بهذا القطاع ودعمه لكي نعيد لأسواقنا روح المنافسة والتنوع بالمنتجات التي تحمل شعار “صنع في سورية”، وبالنظر والإمعان بواقع الأسواق المحلية نجد أن هناك عودة للعديد من مؤسساتنا العامة لنشاطها المعهود بالإمكانيات الموجودة لديها والعمل لإعادة بناء فروعها في جميع المحافظات السورية.
عودة التعافي
طلال عليوي أمين الشؤون الاقتصادية في الاتحاد العام لنقابات العمال وفيما يتعلق بما يجري حالياً بخصوص إصلاح القطاع العام، أشار إلى أنه يبقى في مرحلة الإرادات والنوايا والتصريحات، وما يصدر عن لجنة إصلاح أضرار القطاع العام يتركز على إعادة بناء ما تهدّم من بنية تحتية وأبنية، ولا يتعلق بالإصلاح الذي نعنيه، ولافت إلى أنه باستقراء ما حصل خلال المرحلة الماضية (ما قبل الحرب)، فقد تمّ التركيز على تصفية جزء من القطاع العام الصناعي أكثر مما يتمّ التركيز على عملية الإصلاح بحدّ ذاتها، وذلك من خلال الاستثمار والمشاركة مع القطاع الخاص. وقد لا تكمن المشكلة في الهدف أو في الفكرة، بل في آلية التنفيذ ونزاهته وموضوعيته، أي في كيفية وشروط وآلية هذا الاستثمار وهذه المشاركة، وربما في العقود والشروط الفنية والمالية والقانونية والإدارية، من حيث عدالتها وتوازنها وموضوعيتها، بحيث تضمن حقوق الطرفين المتعاقدين وحقوق العمال، وحق الدولة بالوقت ذاته.
وبالنظر إلى واقع العديد من الشركات ذات المنتجات الصناعية المتنوعة، نرى أن بعضها بدا يتلمس طريقه للإنتاج، حيث كشف علي عباس المدير العام للشركة العامة للصناعات المعدنية (بردى) لـ”البعث أن العمل يعود تدريجياً إلى سابق عهده، حيث تعمل الشركة حالياً على طرح منتجاتها حسب الخطة الإنتاجية لهذا العام، والتي تتميّز بنوعيتها وتنوعها ومنافسة الأسعار في السوق المحلية، منها البرادات بقياسات مختلفة: المكتبي وبراد الأسرة الصغيرة ونوع 13 و22 و24 قدماً، وكافة تلك القياسات بلونين الأبيض والفضي وكل نوع فيه نموذجان: الأول يعمل على الانفيرتر والآخر عادي، وذلك بحسب طلب الزبون والخطة لهذا العام فيها إنتاج 3000 براد يتمّ تسويقها عبر صالات مختلفة منها صالات الشركة وعبر صالات السورية للتجارة وعن طريق صالات المؤسسة الاجتماعية العسكرية بفرعيها النقدي وبالتقسيط وجميعها منتشرة في محافظات القطر وأيضاً بصالات عمران، كما تطرح منتجات أخرى من غسالات أتوماتيك وعادية وأفران، بالإضافة إلى المنتجات الناعمة مثل المراوح والمدافئ وأفران الكهرباء وغيرها، وتعتبر الأسعار أقل من أسعار السوق المحلية بنسبة 20%.
التواجد في الأسواق
أما فيما يتعلق بالتسهيلات التي تقدّمها الشركة للمواطنين فهي اعتماد التقسيط للموظفين الموطنة رواتبهم عبر المصرف العقاري، حيث يستطيع الموظف الحصول على منتجات بردى المعمّرة بقرض ميسر لمدة خمس سنوات تبلغ قيمته حتى 5 ملايين ليرة، وأيضاً يتمّ التقسيط عبر السورية للتجارة من خلال عقدها مع مصرف التسليف الذي يقدّم القرض لمن يرغب بشراء منتجات بردى من صالاتها، بالإضافة إلى التقسيط المقدّم للجيش في صالات المؤسسة الاجتماعية العسكرية، وتتمتّع جميع هذه المنتجات بكفالة لمدة عام وخدمة ما بعد البيع في كلّ المحافظات، حيث تكون الإصلاحات ضمن العام مجانية تماماً، وبعد ذلك تكون الإصلاحات مأجورة بأسعار رمزية. لم يتجاهل عباس الصعوبات التي تقف أمام شركة بردى كنقصان السيولة وقلة الأيدي العاملة وغياب الكوادر المؤهلة من فنيين وخبراء وعاملين، فمعظم العاملين هم فوق سن الخامسة والخمسين والشركة بحاجة ماسة لرفدها بكوادر فنية محترفة وعالية الكفاءة.
نظرة إيجابية
وفيما يتعلق بخطة الشركة، ذكر عباس أن هناك خططاً مستقبلية يتمّ العمل عليها بجهد كبير، منها استبدال عملية التجميع للقطع بعملية الصناعة الكاملة وبناء عملية الإنتاج من المرحلة الأولى، لأن ذلك يعطي قيمة مضافة للشركة وإمكانية ذلك متاحة، فالشركة استطاعت إعادة منتجاتها واسم بردى للسوق بقوة خلال عامين وأثبتت وجودها بعد غياب عشر سنوات، وأخذت حصتها في الأسواق ومازالت تزيد تدريجياً، ولفت إلى أن الشركة بصدد إعادة جميع خطوط الإنتاج والنظر إلى واقع الشركة بشكل إيجابي ومتفائل لتقدم للمستهلك السوري مزايا أفضل وعروضاً أكثر مرونة لمنتجاتها، وخاصة في المناسبات والأعياد كالحسميات وغيرها.