نقص مستلزمات العلاج يعطل جهود تفعيل برنامج مكافحة التدخين!
دمشق- حياة عيسى
على الرغم من الإمكانات المحدودة لدعم برنامج مكافحة التدخين، وغياب التعامل بجديّة بهذا الشأن من قبل الجهات المعنية، وغياب الإحصائيات والأرقام والمسوحات منذ عام ٢٠١٩ إلا أن مديرية البرنامج مازالت تعمل بالحدود القصوى لتفعيله بالشكل الذي يجب أن يكون عليه، وهنا لا يمكن إنكار الظروف الصعبة نتيجة الحرب والتي كان لها التأثير الأكبر على تقدّم البرنامج، وفي الوقت نفسه لا يمكن رمي التقصير على الظروف فقط، كون كافة الجهات ذات الصلة تتحمّل مسؤولية التقصير، ولا يمكن معالجة ذلك إلا من خلال العمل بشكل جديّ والابتعاد عن التطبيل والتزمير باليوم العالمي للتدخين والوقوف على أطلال السنوات السابقة فقط.
مديرية مكافحة التدخين التابعة لوزارة الصحة والمتمثلة بالدكتورة عبير العبيد أشارت إلى وجود 24 عيادة للإقلاع عن التدخين، إلا أنها لا تمتلك أدنى مقومات العلاج، فهي تعاني من نقص الأدوية أو فقدانها، حيث تفتقر إلى الدواء النفسي المهدئ وبدائل النيكوتين المتمثلة بلاصقة النيكوتين وعلكة النيكوتين التي يتمّ من خلالها معالجة المدخن للإقلاع عن التدخين، ناهيك عن المبادرات التي تمّت في عامي 2018 و2019 من مدارس خالية من التدخين وقرى خالية من التدخين مع غياب أي خطوة جدية حيال ذلك في السنوات الحالية، وغياب للإحصائيات والأرقام عن عدد المدخنين وانتشاره بين الفئات العمرية الصغيرة التي نشهدها بين طلاب المرحلة الإلزامية وهي المرحلة الخطرة.
كما نوّهت العبيد في تصريح لـ”البعث” بأنه تمّ العمل على وضع الإستراتيجية الخاصة بالبرنامج الوطني لمكافحة التدخين بالتشاركية مع كافة الجهات الحكومية والأهلية والمنظمات الشعبية للأعوام ٢٠٢١- ٢٠٢٣ وذلك وفقاً للإستراتيجية الإقليمية والتي تمّ اعتمادها من قبل منظمة الصحة العالمية لدول شرق المتوسط، وتفعيل المراسيم الخاصة بمكافحة التدخين في البلد وإطلاق الخدمات الصحية للإقلاع عن التدخين في المراكز الصحية، بما يتماشى مع السياسات العالمية الست المتمثلة بـ(الرصد، الحماية، المساعدة، التحذير، الحظر، الضرائب)، علماً أن شعار العام الحالي الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية (لنزرع الغذاء وننقطع عن التدخين)، كونه حسب ما تشير إليه تقارير المنظمة هناك ازدياد في استعمال التبغ في البلدان النامية، وبالتالي ازدياد أعداد الوفيات والإعاقات الصحية من جراء الأمراض التي يسبّبها التدخين، وما ساهم في زيادة انتشاره حالات الطوارئ والكوارث والحروب، مع الإشارة إلى أن التبغ يتسبّب بوفاة أكثر من ٨ ملايين شخص سنوياً على مستوى العالم، نتيجة لتعاطيه المباشر أو بصورة غير مباشرة (التدخين السلبي)، ويعود السبب في حدوث نسبة كبيرة من هذه الوفيات إلى الأمراض غير السارية (أمراض القلب، السرطان، السكتة الدماغية، وأمراض الرئة المزمنة)، كما أنه يعمل على تفاقمها، ما من شأنه أن يشكل عبئاً صحياً واقتصادياً وبيئياً بالغاً، ويساهم في ارتفاع معدل الوفيات المبكر الناجمة عن الأمراض غير السارية في إقليم شرق المتوسط التابع لمنظمة الصحة العالمية، علماً أن أكثر الدول انتشاراً للتدخين هي لبنان، الأردن، سورية.
وتابعت العبيد أن سورية ملتزمة بشأن مكافحة التدخين، وتجلّى ذلك بإصدار المرسوم التشريعي رقم ١٣ لعام ١٩٩٦ والمتضمّن منع الإعلان عن التبغ والدعاية له في وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة أو المسموعة، إضافة إلى إصدار المرسوم التشريعي رقم ٥٩ لعام ٢٠٠٤ والمتضمن الانضمام إلى اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التدخين، وإصدار المرسوم التشريعي ٦٢ لعام ٢٠٠٩ القاضي بمنع التدخين في الأماكن العامة وتقييده في المحال العامة.
كما عملت كلّ من وزارات الإدارة المحلية، الصناعة، الاقتصاد، التجارة الداخلية وحماية المستهلك على منع السيكارة الإلكترونية نظراً لخطرها، إلا أن هناك أسواقاً غير شرعية تقوم باستجرارها وإدخالها إلى البلد، لذلك لا بدّ من خطوات جدية وفعالة للسيطرة على الانتشار غير المشروع لذلك النوع من التدخين والحدّ منه قدر الإمكان.
يُشار إلى أنه في عام ٢٠١٥ عاد البرنامج إلى عمله بعد توقفه لمدة خمس سنوات نتيجة الحرب، حيث تمّ تشكيل فرق عمل في كلّ المحافظات وتدريب نحو ٤٠ عاملاً صحياً للبدء بأنشطة البرنامج، بالتزامن مع إعداد مادة علمية إلكترونية كحقيبة إلكترونية للبرنامج.