السفير صباغ: تباكي واشنطن على المعاناة في سورية لن يحجب حقيقة تسببها بها
نيويورك – سانا
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن تباكي الولايات المتحدة على المعاناة الإنسانية في سورية لن يحجب حقيقة أن سياساتها الخاطئة هي التي تسببت بهذه المعاناة، من خلال فرضها إجراءات اقتصادية غير شرعية على الشعب السوري، مشيراً إلى أن تحسين الوضع الاقتصادي الذي يشكل ضرورة للارتقاء بالوضع الإنساني والمعيشي يتطلب الرفع الفوري لهذه الإجراءات، ودعم جهود الدولة لتحقيق التعافي المبكر وإعادة تأهيل وإعمار البنى التحتية والمرافق المدنية المتضررة.
وقال صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الشأنين الإنساني والسياسي في سورية: إن لجوء واشنطن إلى المحاضرة هنا عن احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني هو بمثابة ذرّ الرماد في العيون للتغطية على انتهاكاتها لميثاق الأمم المتحدة ولقرارات هذا المجلس ولجميع قواعد القانون الدولي الإنساني، حيث تواصل انتهاك سيادة سورية ووحدة أراضيها ودعم الميليشيات الانفصالية في شمال شرق سورية ونهب النفط والثروات السورية، والتي كان أحدثها قيام قواتها الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية بتهريب 42 صهريجاً محملة بمئات الأطنان من النفط من حقول منطقة الجزيرة عبر معابر غير شرعية باتجاه قواعدها العسكرية في الأراضي العراقية.
وأوضح صباغ أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يواصلون إجراءاتهم الاستفزازية والعدائية حيال سورية بهدف التدخل في شؤونها الداخلية وعرقلة الجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار فيها، لافتاً إلى أن التباكي الأمريكي على المعاناة الإنسانية لن يحجب حقيقة أن سياسات واشنطن الخاطئة في سورية هي التي تسببت بهذه المعاناة، وذلك من خلال فرضها أشدّ أنواع العقوبات غير الشرعية وغير الأخلاقية على الشعب السوري، فضلاً عن تسببها بموجة النزوح واللجوء الكبيرة جراء جلبها آلاف الإرهابيين إلى سورية، ومن خلال ارتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب في الرقة تسببت بفقدان آلاف السوريين لأرواحهم وتدمير البنية التحتية.
وشدّد صباغ على وجوب الرفع الفوري والكامل وغير المشروط للإجراءات القسرية الانفرادية غير الشرعية التي تتناقض مع القانون الدولي الإنساني وتشكل عائقاً كبيراً أمام العمل الإنساني والتنموي، لافتاً إلى أن الاستثناءات المزعومة التي أعلنتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من تلك الإجراءات ما هي إلا دعاية رخيصة ولم تحقق أي نتائج ملموسة، بل إن البعض في مجلس الأمن يتباهى بفرض العقوبات ويعلن على الملأ أنه لن يتراجع عنها.
وبين مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أنه في إطار جهود الدولة للارتقاء بالوضع الإنساني لمواطنيها ولمواجهة تداعيات كارثة الزلزال وما خلفته من مأساة على المستوى الوطني، أصدر السيد الرئيس بشار الأسد في الأول من أيار الجاري المرسوم رقم “7” القاضي بإحداث الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال، بهدف تقديم الدعم المالي لهم ومساعدتهم على تجاوز الضرر الجسدي أو المادي أو المعنوي اللاحق بهم، مشيراً إلى أن هذا المرسوم يمثل مرتكزاً رئيسياً للتوجهات الأساسية ولخطة العمل الوطنية اللتين أقرتهما الحكومة أواخر الشهر الماضي للتعامل مع آثار الزلزال من مختلف الجوانب، والانتقال من مرحلة الاستجابة الطارئة للأعمال الإغاثية إلى مرحلة التعافي لمواجهة آثار الزلزال.
ولفت صباغ إلى أنه في سياق الجهود التي تبذلها سورية لتيسير وصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها في جميع المناطق، وخاصةً في شمال غرب سورية، وإدراكاً منها لاستمرار الحاجة إلى تلبية الاحتياجات الطارئة الناجمة عن الزلزال المدمر ومواصلة العمل للتعافي من تداعياته على مختلف القطاعات، فقد مدّدت سورية مبادرتها الطوعية لمنح الأمم المتحدة الإذن باستخدام معبري باب السلامة والراعي الحدوديين لمدة ثلاثة أشهر إضافية تنتهي في الـ 13 من آب القادم، لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها في تلك المناطق، كما أكدت سورية مواصلتها إصدار التأشيرات وتيسير الزيارات الميدانية وتقديم التسهيلات اللازمة للأمم المتحدة والشركاء في العمل الإنساني والتنموي.
وأشار صباغ إلى ضرورة عدم تواصل الأمم المتحدة وممثليها وطواقمها مع التنظيمات الإرهابية والكيانات غير الشرعية المرتبطة بها في شمال غرب سورية، ووجوب السماح لمنظمتي الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر العربي السوري بالإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية في هذه المناطق.
وأعرب صباغ عن تطلع سورية لتحمل المانحين الدوليين مسؤولياتهم وتنفيذ تعهداتهم وتوفير التمويل المطلوب لأنشطة الأمم المتحدة وبرامجها بما يتيح تنفيذ المشاريع المدرجة ضمن خطة الاستجابة الإنسانية والإطار الاستراتيجي للتعاون بين سورية والأمم المتحدة، وتنشيط عجلة الاقتصاد ودعم العودة الكريمة والطوعية للمهجرين إلى وطنهم وتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 مؤكداً إدانة سورية كل الدعوات الغربية للاجئين كي لا يعودوا إلى وطنهم وبيوتهم تحت ذرائع كاذبة.
وفي الشأن السياسي، أوضح صباغ أن القمة العربية التي عقدت في المملكة العربية السعودية مؤخراً حققت إنجازاً كبيراً، حيث أعادت للموقف العربي الجماعي ألقه وللعمل العربي المشترك زخمه، والأهم أن الدول العربية أكدت دعم سورية في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها وتجاوز الظروف الصعبة التي تمر بها بسبب الحرب الإرهابية التي واجهتها والإجراءات الاقتصادية المفروضة عليها وتداعيات الزلزال المدمر الذي أصابها.
وبين مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أنه في إطار سعي الدولة لاستعادة سيادتها على كامل أراضيها وإنهاء الوجود العسكري غير الشرعي للقوات الأجنبية، شارك وزير الخارجية والمغتربين في اجتماع رباعي عقد في موسكو بتاريخ العاشر من أيار الجاري، جمع وزراء خارجية سورية وروسيا وإيران وتركيا، وأكد البيان الصادر عن هذا الاجتماع على الالتزام بسيادة سورية وسلامتها الإقليمية ومكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، كما طالب بضرورة زيادة المساعدة الدولية لسورية من أجل إعادة الإعمار وتسهيل العودة الطوعية والآمنة والكريمة للسوريين إلى وطنهم.
ولفت صباغ إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستمر بتصدير أزماته الداخلية من خلال تأجيج الأوضاع في المنطقة وارتكاب المزيد من أعمال العدوان والجرائم والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، حيث شنّ في الأول من أيار الجاري عدواناً جوياً على مطار حلب الدولي، استخدم فيه قنابل ذات قدرة تدميرية كبيرة، ما تسبب بوقوع شهداء وجرحى وخروج المطار مرة أخرى من الخدمة، الأمر الذي أدى إلى حرمان الأمم المتحدة من استخدام هذا المطار لتقديم خدماتها الإنسانية، كما شنّ قبل يومين عدواناً آخر من جهة الجولان السوري المحتل استهدف بعض النقاط في محيط دمشق، وتسبب بخسائر مادية، مجدداً إدانة سورية بأشد العبارات لهذه الجرائم والممارسات، ومطالبتها مجلس الأمن بالخروج عن صمته والقيام بمسؤولياته بموجب الميثاق ووضع حد لكل هذه السياسات العدوانية ومساءلة مرتكبيها.
وشدّد صباغ على أن سورية لن تعيد علاقاتها إلى طبيعتها مع من يحتل أراضيها، وأن الحل السياسي الذي تنشده يستلزم القضاء على الإرهاب ووقف التدخل في شؤونها الداخلية، ورفض المبادرات الهدامة لبعض الدول المعروفة، والهادفة إلى عرقلة هذا الحل، وكذلك كل محاولاتها لاستعادة موروثاتها الاستعمارية التي ولت إلى غير رجعة.