كيسنجر.. “ثعلب” الجريمة الأمريكي
تقرير إخباري:
لا يكاد “ثعلب” الدبلوماسية ووزير الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسنجر يتلفّظ ببضع عبارات معلقاً على قضية سياسية أو متحدّثاً عن السياسات الواجب اتّباعها في قضية أخرى، حتى تسارع وسائل الإعلام العالمية والمواقع البحثية والاستراتيجية إلى التقاط كلماته وتحليلها ودراستها بتعمّق وتمعّن كبيرين واعتبارها منهجاً تسير عليه السياسات الأمريكية في العالم.
وإذا كان لا بدّ من الحديث عن “عبقرية” كيسنجر الدبلوماسية ومدرسته السياسية التي ما زالت تؤخذ بعين الاعتبار عند وضع السياسات الخارجية لواشنطن “حسب مؤيّديه”، فلا مناصَ من التدقيق في تاريخ هذا الرجل، الذي احتفل قبل أيام بعيد ميلاده المائة، وخصوصاً الجرائم التي ارتكبتها واشنطن في ولايته كوزير للخارجية، حيث مرّ تحقيق لموقع “ذا انترسبت” الأميركي يتحدّث عن الجرائم التي أشرف كيسنجر على ارتكابها في تلك المرحلة، مرور الكرام على وسائل الإعلام العالمية وفي أروقة المحاكم المشكّلة بقرارات اعتباطية لملاحقة أعداء الغرب بحجّة ارتكاب جرائم حرب.
وإذ يسرد التحقيق شهادات لـ75 شاهداً وناجياً من الهجمات العسكرية الأميركية، وأرشيف حصري للوثائق، التي “تظهر أنّ كيسنجر، مسؤول عن المزيد من القتلى المدنيين في كمبوديا، أكثر ممّا كان معروفاً في السابق”، فإنه يشير في جزئه الرابع والأخير إلى نصّ مكالمة هاتفية أجريت في الـ9 من كانون الأول 1970 بين كسينجر، والرئيس الأميركي الأسبق، ريتشارد نيكسون، وتفضح هذه المكالمة حسب الموقع، “صنع سياسة نيكسون، والدور الرئيسي لكيسنجر، وكيف قُتل الكثير من الكمبوديين على أيدي الطائرات الأميركية”.
وهذا التحقيق يكشف النزر اليسير من أرشيف الفظائع المرتكبة من القيادات السياسية والعسكرية الأمريكية المتعاقبة التي شاركت في سفك دماء الملايين من البشر في مختلف بقاع العالم وعلى مرّ العصور دون أدنى خوف من أي حساب أو عقاب، بينما تواصل واشنطن اليوم ارتكاب جرائمها عبر التدخّل المباشر وإرسال قواتها لتأمين نفوذها في أقصى بقاع العالم أو عبر دعم الكيانات التابعة في “إسرائيل” وأوكرانيا وتايوان وغيرها وإمدادها بالأسلحة والمرتزقة لزعزعة استقرار أعدائها عبر إشعال الحروب ودعم النزعات الانفصالية.
وبالعودة إلى كيسنجر فهو مجرم حرب كغيره من الساسة الأمريكيين الملطّخة أيديهم بالدماء، وما غرورهم أثناء استضافتهم كضيوف شرف على المؤتمرات والندوات الدولية لرواية “تجاربهم” في حكم العالم سوى مثال عن العُنجهية الأمريكية المتسلحة بالقوة العسكرية والمتسيّدة لعالم كان حتى وقتٍ قريب لا يرى الأمور سوى من المنظور الأمريكي، ومكانه الطبيعي “أي كيسنجر” وغيره من القادة الأمريكيين والغربيين هو أمام المحاكم الدولية، لا منصّات التكريم، يحاكمون كمجرمي حرب ومتهمين بالإبادة الجماعية للشعوب المضطهدة.
إبراهيم ياسين مرهج