ما جدوى العقوبات الاقتصادية على إيران؟
ترجمة: هيفاء علي
بحسب الصحافة الإيطالية، فإن الاقتصاد الإيراني ينمو رغم العقوبات الغربية الجائرة، وقد سئمت بعض الدول الأوروبية من اتباع التعليمات الأمريكية والتي قامت، بحجة حقوق الإنسان، بإنشاء وفرض العقوبات التي تضرّ أولاً الشركات الغربية التي تُجبر بعد ذلك على اللجوء إلى الغرب بأسعار أعلى، أو أن تسدّدها الدول نفسها، أي على نفقة مواطنيها.
وتأكيداً على ذلك، تقدّم الصحافة الإيطالية نظرة سريعة على كيفية نمو الاقتصاد الإيراني، ففي عام 2021، بلغت نسبة التجارة والناتج المحلي الإجمالي في جمهورية إيران الإسلامية 59.1٪، وشكلت تجارة البضائع 88.2٪ من إجمالي التجارة. ومن عام 2017 إلى عام 2021، انخفضت صادرات البضائع الإيرانية بنسبة 0.3٪، وزادت واردات البضائع بنسبة 2.7٪ في المتوسط كل عام. نمت صادرات البضائع بشكل أبطأ من النمو السنوي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ البالغ 9.6 في المائة خلال الفترة نفسها. وبالمثل، تراجعت واردات البضائع الإيرانية عن معدل النمو السنوي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ البالغ 10.1٪. في عام 2021، زادت صادرات إيران السلعية بنسبة 52.7٪، والواردات بنسبة 26.4٪ بالقيمة الاسمية. وبالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن تنمو صادرات البضائع الإيرانية بنسبة 10.2٪ في عام 2023.
من المتوقع أن تنمو الصادرات الإيرانية بنسبة 12.4٪ في عام 2023، بينما من المتوقع أن تنمو الصادرات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 13٪. في سياق متصل، بلغت حصة تجارة الخدمات في إجمالي تجارة إيران 11.8٪ في عام 2021. وخلال الفترة 2017-2021، انخفضت صادرات الخدمات التجارية الإيرانية بنسبة 9٪ سنوياً، وانخفضت واردات الخدمات التجارية بمتوسط سنوي قدره 6.6٪ بالقيمة الاسمية، وهو أقل من متوسط النمو البالغ 3.7٪ و1.7٪ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على التوالي. في عام 2021، زادت صادرات إيران من الخدمات بنسبة 20.9٪، بعد انخفاضها بنسبة 56.4٪ على أساس سنوي في عام 2020. وزادت الصادرات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 18.8٪ في عام 2021، بعد انخفاضها بنسبة 21.4٪ في عام 2020. في حين تعافت واردات إيران من الخدمات التجارية بنسبة 52.3٪ في عام 2021، مقارنةً بنمو قدره 15.2٪ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. زيادة على ذلك، استحوذت “خدمات السفر” على 40.3٪ من إجمالي تجارة الخدمات التجارية الإيرانية في عام 2021، تليها “خدمات النقل” بنسبة 34.9٪، و”الخدمات التجارية الأخرى” بنسبة 7.7٪.
وبحسب المحللين في الصحف الإيطالية، فقد كان المحرك الرئيسي لنمو صادرات الخدمات الإيرانية خلال الفترة 2017-2021 هو خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي تشير إلى جميع العمليات والممارسات المتعلقة بنقل واستقبال ومعالجة البيانات والمعلومات. وعلى صعيد الاستيراد، كانت “خدمات النقل” هي الأكثر مساهمة في نمو الخدمات التجارية، حيث ارتفعت بنسبة 5.6٪ في المتوسط السنوي خلال الفترة نفسها. ومن الآن فصاعداً، من المتوقع أن تزداد صادرات الخدمات الإيرانية بنسبة 10٪ في عام 2023. وبالمقارنة، من المتوقع أن تزداد الصادرات إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 8٪ في عام 2023.
في عام 2021، كان الشريك التجاري الرئيسي لإيران هو جمهورية الصين الشعبية، التي استحوذت على 44.6٪ من صادراتها، و28.9٪ من وارداتها، وتمّ تداول 2.5٪ من صادرات إيران، و23٪ من الواردات من حيث القيمة مع الإمارات العربية المتحدة، ثاني أكبر شريك تجاري لها. كما أن الشركاء التجاريين المهمين الآخرين هم تركيا والبرازيل وألمانيا والهند وإيطاليا وأوكرانيا (ما قبل الصراع) وعُمان وباكستان، حيث كانت أكبر فئة من المنتجات التي صدرتها إيران في عام 2021 هي “بوليمرات الإيثيلين في أشكالها الأولية” بحصة 23.7٪ من إجمالي الصادرات، تليها ثاني أكبر فئة وهي “المكسرات”، والتي تمثل 6.4٪ من إجمالي صادرات إيران.
من حيث الواردات، شكلت الهواتف -بما في ذلك هواتف شبكات المحمول أو الشبكات اللاسلكية الأخرى- بالإضافة إلى الأجهزة الأخرى لنقل أو استقبال الصوت أو الصور أو البيانات الأخرى، بما في ذلك السلكية/ اللاسلكية 13.8٪ من إجمالي الواردات، وتبرز على أنها الفئة الأولى من المنتجات المستوردة، بينما مثلت الذرة حصة 5.3٪ وكانت ثاني منتج مستورد. من عام 2017 إلى عام 2021، سجلت إيران انخفاضاً سنوياً في المتوسط بنسبة 11.5٪ في تدفقات بيئة التصميم المتكاملة أو بيئة التصحيح المتكاملة، أي البرامج التي تساعد المبرمجين في مرحلة البرمجة على تطوير رموز المصدر وتصحيحها.
في عام 2021، سجّلت إيران زيادة بنسبة 6.2٪ في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، فقد سجلت انخفاضاً سنوياً متوسطاً بنسبة 4.3٪ في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجية على مدى السنوات الخمس الماضية، وهو أيضاً أقل من متوسط النمو السنوي البالغ 3.2٪ في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الخارجية المسجلة في منطقة آسيا الهادئة، في حين أن تكاليف التجارة الإيرانية مع الاقتصادات النامية الرئيسية للصين والهند وإندونيسيا والاتحاد الروسي هي الأدنى.
في عام 2018، بلغ متوسط تكاليف التجارة مع الاقتصادات النامية الرئيسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ 103.4٪ من قيمة السلع، مقارنة بالوقت والمكان الذي تتاجر فيه البلدان بهذه السلع داخل حدودها. وكانت تكاليف التجارة مع اقتصادات الصين واليابان وجمهورية كوريا، وكذلك مع ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، هي الأعلى بنسبة 132.6٪، و155.4٪ على التوالي.
اعتباراً من عام 2018، احتلت إيران المرتبة 63 في المائة للخدمات اللوجستية من بين دول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. في عام 2021 كان لدى إيران سبع اتفاقيات تجارية سارية، ولا توجد اتفاقيات موقعة تنتظر التصديق واتفاقيتين تجاريتين قيد التفاوض. وذهبت حصة 43.5٪ من إجمالي صادرات البلاد لهذا العام إلى شركائها التجاريين، بينما جاءت 52.4٪ من إجمالي وارداتها من شركاء اتفاقية التجارة.
الإضرار بالاقتصاد الأوروبي
وبناءً على ما تقدم، فإن العقوبات والقيود الأحادية التي فرضتها بعض الدول الغربية على إيران أضرّت بالاقتصاد الغربي، لأنها عزلت هذه الشركات عن السوق الإيرانية، وكثير من الدول تشكو من ذلك، وخاصة في إسبانيا. فمنذ فرض العقوبات، وجدت إيران بدائل للشركات الغربية التي باتت تشتري بضائع من دول أخرى، لكن الأزمة الاقتصادية الأوروبية أدّت إلى وضع لا ترضى فيه الشركات الأوروبية بالقرارات السياسية التي تتخذها بعض الحكومات الأوروبية التي تتبنى سياسة التبعية لحكومات أخرى. وهكذا، تعتبر إسبانيا نفسها ضحية للعقوبات المفروضة على إيران من قبل حلفائها الأطلسيين. ونتيجة لذلك، تحاول الشركات الإسبانية إيجاد طرق لتطوير العلاقات مع إيران.
من الواضح أن الدول الأوروبية تتعرّض لضغوط اقتصادية، ولم ترفض الولايات المتحدة الدخول في شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي فحسب، بل تعتزم أيضاً تحديد حصص لواردات الصلب والمعادن والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، فإن التدابير التعويضية التي تقدّمها حكومات الاتحاد الأوروبي للشركات الخاضعة لعقوبات ثانوية من الولايات المتحدة لا تعوض بالكامل التكاليف التي تقع على عاتق المواطنين.