أسامة الروماني.. العاشق الشغوف بالفن
سلوى عباس
هو نايف العاشق الرومانسي في “ضيعة تشرين” و”أبو أحمد” في “غربة” تلك الشخصية البسيطة التي أحبها الناس وظلت راسخة في وجدانهم وذاكرتهم، لأنهم يحبون الشخصيات التي تشبههم، وهذه الشخصية فيها شيء من كل واحد من الجمهور، فيها “النسونجي” و”الانتهازي” و”المكافح” من أجل لقمة العيش، وغيرها الكثير من الحالات، إضافة للجهد الذي بذله الفنان أسامة الروماني الذي غادر دنيانا منذ أيام لتخرج الشخصية بهذا الشكل، كذلك هو “حسان” في مسلسل “على قيد الحب” الذي كان أول مشاركاته برفقة الفنان دريد لحام وعدد من نجوم الدراما السورية بعد عودته إلى الدراما التي غاب عنها أكثر من 40 عاماً، حيث عاد بكل شغفه الذي يحمله دائماً ليشحن أدواته ومهاراته ويقدم الشيء الذي يحبه حيث يتناسب نجاحه طرداً مع ذاك الشغف، وقد عبّر عن سعادته بردود فعل الناس على عودته للدراما إذ قال: “كانت الفرحة بعودتي نابعة من الدفء الذي لمسته من الجمهور مما منحني شعوراً بأنني إذا أحضرت أدواتي، وشحذت همتي لتقديم عمل فني بشكل مشرّف لأسمي ومسيرتي بالتأكيد سألاقي استقبالاً حميمياً لدى الناس التي حفظت أسمي على مدى 42 عاماً، وكنت أسعى لأن أكون عند حسن ظنهم بي، وهذا ما دفعني للأقبال أكثر على العودة بكل هذا الحب والرصيد”.
غاب الفنان أسامة الروماني طويلاً عن الوسط الفني حيث ذهب للعمل في مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك بالكويت كمشرف ومدير للمشاريع، وكان أحد صناع برنامج الأطفال الشهير “افتح يا سمسم”، كبرنامج تعليمي هام للأطفال العرب، وعنه قال: إن فكرته جاءت من مقولة للأديب الفرنسي أناتول فراس “التعليم يجب أن يكون بإثارة الفضول الطبيعي للطفل الذي يتم إشباعه على مدى عمره كله”، وهو أول برنامج يتوجه للأطفال بنظرة واعية جداً، فالطفل كما يراه الفنان الروماني جزيرة من الدهشة محاطة ببحور من التساؤلات التي لا تنتهي، وهذا البرنامج حاول أن يجيب على هذه التساؤلات، وأن يقدم لهم المعرفة بشكل حميمي، وليس على طريقة المنهاج التربوي في المدارس، حيث يجعلهم يتفاعلون معه بتفكيك عناصر المعلومة وتحليلها بشكل علمي، ومن ضمن أهدافه طرح طريقة التفكير العلمي لدى الأطفال منذ الصغر، وهذا سيؤثر على تركيبتهم النفسية والعلمية في المستقبل، وسيكونون قادرين أكثر على تفهم وتطوير مجتمعاتهم، وكشف الفنان الروماني أن البرنامج استثمر في سورية في مناهج “محو الأمية للكبار”، وأضاف ان البرنامج هو نسخة قريبة من فكرة برنامج أمريكي يدعى “sesame street” أي شارع السمسم الذي كان يركز على تعليم الأطفال الأحرف الأبجدية، المفردات، الحياة الاجتماعية، أما البرنامج العربي فركز على أن يكون برنامجاً تربوياً تعليمياً تنويرياً”.
أسامة الروماني صاحب القامة الفنية الرفيعة والحضور الآسر بامتياز، أخلص بتفان لعمله فكان مبدعاً في كل مجال من مجالات الفنون مؤلفاً وممثلاً ومخرجاً وإدارة للإنتاج، فقد خبر الحياة باحترافية ثاقبة الرؤيا والرأي، رجل الفكر الوضاء والمثابر بدأب لتميز مشروعه الفني بسوية عالية، حيث قدم أدواراً تلفزيونية مهمة في السبعينيات، ومطلع الثمانينيات، لكنه غاب طويلاً عن المشهد الدرامي ليعود للدراما السورية بشخصية الرئيس السوري الراحل أديب الشيشكلي في الجزأين الثاني والثالث من مسلسل “حمام القيشاني” تحت إدارة شقيقه الراحل الفنان والمخرج هاني الروماني، وفي الموسمين الدراميين الماضيين عاد إلى الدراما السورية بقوة عبر مشاركاته في أعمال درامية عدة منها: (شرف، كسر عضم، على قيد الحب، العربجي، مربى العز، الكرزون، صبايا 6) كما كان له حضوره في الإذاعة عبر برنامج “حكم العدالة”، فكانت عودته كما عرفه جمهوره ومحبوه، عاد بقوة الحب وحبه للشام والفن الذي أدمنه، لكن القدر لم يمهله حتى يقدم المزيد من الأعمال التي رجع إليها بذات الشغف، وذات النكهة المختلفة لفنان كبير له بصماته الهامة في مسيرة الإبداع السوري.