دراساتصحيفة البعث

جردة حساب للجولة الصينية في أوروبا

هيفاء علي

بهدف إيجاد حلّ سلمي للأزمة الأوكرانية، اختتم المبعوث الصيني الخاص إلى أوكرانيا، لي هوي، جولته الأوروبية، التي قادته إلى أوكرانيا، وروسيا، وألمانيا وفرنسا وبولندا، والمقر الرئيسي للاتحاد الأوربي في بلجيكا.

وقد أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن لي هوي التقى خلال محطته الأخيرة من جولته في روسيا، مع كبار المسؤولين الروس، وتبادلوا وجهات النظر حول العلاقات الصينية الروسية، وناقشوا حلاً سياسياً للأزمة الأوكرانية. وتعتبر هذه الرحلة أول جهد دبلوماسي ملموس للصين لحلّ الأزمة الأوكرانية، حيث أكد لي موقف الصين الأساسي بشأن الأزمة الأوكرانية، ودعا إلى الجهود المشتركة للأطراف المعنية لتعزيز التواصل من أجل تسوية سياسية للأزمة.

الغرض الرئيسي من رحلة لي هو جمع المعلومات وتبادلها، وفهم اهتمامات الأطراف المعنية، وتحديد مجموعة من التعاون المستقبلي. وبحسب مراقبين، فإن الصين ستواصل، للمضي قدماً، محاولة توحيد المزيد من الدول التي تسعى إلى السلام، وتعزيز الحوار من خلال آليات اتصال موسعة. وقد أشاد المسؤولون الروس بزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لروسيا في آذار الماضي، التي عمقت الثقة السياسية المتبادلة، وعززت الأسس السياسية والرأي العام للشعبين، وغرست زخماً جديداً وقوياً للتعاون. كما تعهد الجانبان بتنفيذ مجالات التوافق المهمّة التي توصل إليها رئيسا البلدين، وزيادة تعزيز التنسيق الاستراتيجي الثنائي والمتعدّد الأطراف، وكذلك التبادلات والتعاون في مختلف المجالات، بهدف مواصلة إثراء مدلول العلاقات بين الصين وروسيا في العصر الجديد.

وفيما يخصّ الأزمة الأوكرانية، أكد لي مجدداً أن الصين تلتزم دائماً بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتحافظ على موقف موضوعي وعادل، وتعزّز محادثات السلام بنشاط، تماماً كما تقف الصين دائماً إلى جانب السلام والحوار والجانب الصالح للتاريخ. واستناداً إلى الوثيقة التي توضح موقف الصين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية، قال لي إن الصين ستعزّز التبادلات والحوار مع جميع الأطراف، بما في ذلك روسيا لبذل جهود ملموسة للتسوية السياسية للأزمة.

من جهته، أشاد الجانب الروسي بجهود الصين الملموسة لتعزيز تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية، معرباً عن اعتقاده بأن مبادئ الصين ذات الصلة وموقفها يفضي إلى تسوية سلمية للأزمة. وبحسب مدير إدارة الدراسات الأوروبية، فإن هذه هي الخطوة الأولى للصين وهي خطوة ضرورية للغاية لأن الصين تؤكد دائماً على المخاوف الأمنية المعقولة لجميع الأطراف المعنية، مضيفاً أنه مع إظهار المزيد من الدول في المجتمع الدولي رغبتها في تعزيز محادثات السلام، ستواصل الصين بذل جهود أكبر لتوحيد الجهود لتعزيز حلّ سلمي للأزمة الأوكرانية على أساس إنجازات رحلة السيد لي.

وكان لي قد التقى في بروكسل مع إنريكي مورا، نائب الأمين العام للاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية، وفريدريك برنارد، رئيس موظفي رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل. وبحسب بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي بعد اللقاء، استغل الاتحاد الأوربي اللقاء داعياً الصين إلى الضغط على روسيا لسحب جميع القوات والمعدات العسكرية دون قيد أو شرط من كامل أراضي أوكرانيا في نهاية الحرب. ويعدّ الخلاف حول الأراضي حالياً أكبر عقبة تمنع روسيا وأوكرانيا من الجلوس على طاولة واحدة للمناقشة، وفي هذا الصدد ليس لدى الصين موقف مسبق بشأن هذه القضية، بل من خلال دعوة الصين لدفع روسيا، تحاول الكتلة الأوروبية الضغط على الصين للعب دور تريد أن تلعبه الصين، بحسب المبعوث الصيني، مضيفاً أن الكتلة الأوربية تعتقد أن روسيا يجب أن تتحمّل المسؤولية الرئيسية عن الأزمة، لكن الصين ستحتفظ بحكمها وسلطة اتخاذ القرار، ولا ينبغي أن نتوسط بين روسيا وأوكرانيا ولكن نحاول أن نناقش مع الأطراف المعنية لإيجاد تسوية معقولة ودائمة للقضية.

إن جوهر الترويج لمحادثات السلام هو إقناع كلا الطرفين، وحتى الأطراف المتعددة المشاركة في الصراع، بالانخراط في المفاوضات. وبحسب مراقبين، فإن جوهر الصراع الروسي الأوكراني هو المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، ومن العبث وغير الواقعي إقناع جانب واحد فقط، ودعوا إلى ضرورة أن تبذل أوروبا المزيد من الجهود للتوصل إلى إحلال السلام في أوكرانيا.