الأفلام العربية في “كان”.. حضور مميّز ومواضيع غنيّة
نجوى صليبه
على خلاف مهرجانات عالمية أخرى، تحضر السّينما العربية في “مهرجان كان السّينمائي الدّولي” في كثير من دوراته، وهو حضور يعكس حال السّينما في الوطن العربي، من حيث كمّها وإمكانياتها الإنتاجية المتواضعة في كثير من الأحيان. طبعاً لن نتحدّث في مواضيعها لأنّها كما كلّ سينما في العالم تعكس الواقع الحياتي والمعيشي، وفي دورته الحالية، الـ 76، تشارك تسعة أفلام من دول عربية عدّة، وهي في غالبيتها إنتاج مشترك مع دول أخرى أو بدعم من “صندوق البحر الأحمر” التّابع لـ”مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السّينمائي”، وهي جهة مستقلة غير ربحية أسّست لدعم صناعة السّينما في المملكة العربية السّعودية والوطن العربي، لكن أيّاً يكن، فهذا مبعث أمل وتفاؤل بسينما عربية قادرة على المشاركة والحصول على جوائز في مهرجانات عالمية أخرى.
ونقدّم هنا ملخّصاً بسيطاً عن هذه الأفلام، والبداية مع فيلم “بنات ألفة” كتاب وإخراج التّونسية كوثر بن هنية، الذي أعلنت إدارة المهرجان عن اختياره للمشاركة في المسابقة الرّسمية، فيلم وثائقي تدور أحداثه في الفترة الواقعة بين عامي 2010 و2020، وهو بطولة هند صبري التي تؤدّي شخصية “ألفة” سيّدة أربعينية، تعيش تقلّبات وصراعات كثيرة وتشهد تورّط بناتها في التّطرّف والإرهاب.
“وداعاً جوليا” للمخرج محمد كردفاني أوّل فيلم سوداني يشارك في مسابقات المهرجان، وتحديداً في مسابقة “نظرة ما”، وينتمي إلى الدّراما الاجتماعية، من بطولة الممثلة إيمان يوسف وملكة جمال السّودان السّابقة سيران رياك والممثل نزار جمعة وقير دويني، ويتحدّث عن سيّدة اسمها “منى” تعيش مع زوجها في شمال السّودان، وتتسبّب بمقتل رجل من جنوبه، وتكفيراً عن ذنبها تطلب من زوجته “جوليا” أن تعمل خادمةً في منزلها.
ويشارك فيلم “كذب أبيض” للمخرجة المغربية أسماء المدير في مسابقة “نظرة ما” أيضاً، ويروي قصّة حياة المخرجة ذاتها، إذ تذهب إلى منزل والديها بمدينة الدّار البيضاء لمساعدتهما في الانتقال إلى منزل آخر، وأثناء فرزها الأغراض تتذكّر طفولتها في كلّ زاوية من زوايا المنزل، وبينما هي ترتّب أشياءها الخاصّة تعثر على صورتها عندما كانت في “دار الحضانة” مع مجموعة من الأطفال.. تركّز في الصّورة ثمّ تشكك بصحّتها، وهنا تبدأ مرحلة استكشاف قصص العائلة وأكاذيبها.
كذلك يشارك المخرج المغربي كمال لزريق بفيلمه “كلاب الصّيد” في مسابقة “نظرة ما”، وهو من بطولة أيوب العيد وعبد اللطيف مسطوري، وتدور قصّته حول أبّ وابنه هما “حسن” و”عصام” يحاولان كسب قوتهما اليومي في إحدى ضواحي مدينة الدّار البيضاء الشّعبية، لكنّهما لاحقاً يقومان بأعمال إجرامية صغيرة لمصلحة إحدى العصابات المحلية، وتكبر هذه الجرائم ويجدان نفسيهما أمامهما جثّة يجب التّخلص منها.
ومن الجزائر، يشارك فيلم “عمر الفراولة” للمخرج إلياس بلقدار الذي يُعرض في قسم “عروض منتصف الليل”، ويتناول قصّة محتال ملقّب بـ”عمر الفراولة” يهرب من فرنسا إلى شوارع الجزائر مع صديقه، ويضطر للبقاء في الجزائر بعد أن حكمت عليه المحكمة الفرنسية بالسّجن عشرين عاماً.
وللمرّة الأولى، يشارك الأردن في مهرجان “كان” بفيلمين، إذ ينافس الأوّل “إن شاء الله ولد” في قسم “أسبوع النّقاد” وهو فيلم روائي إخراج أمجد الرشيد، وبطولة منى حوا ومحمد جيزاوي ويمنى مروان وسلوى نقارة وهيثم عمري، ويروي قصّة سيّدة اسمها “نوال” يتوفّى زوجها فجأةً، وتجد نفسها في معركة مع المجتمع لحماية ابنتها ومنزلها الذي كانت على وشك فقدانه بسبب عدم وجود ابن ذكر لها، وهو ما يدفعها إلى الكذب والادّعاء بالحمل من زوجها المتوفّى، في محاولةٍ منها لتأجيل تقسيم الميراث.. معركة ما كانت لتخوضها لو كان لديها طفل ذكر.
“البحر الأحمر يبكي” للمخرج الأردني فارس الرجوب أوّل فيلم أردني قصير يصل إلى المهرجان، وينافس في مسابقة “نصف شهر المخرجين”، وهو بطولة أحمد شهاب الدّين ومحمد نزار، وتدور أحداثه في مدينة متخيّلة، ويروي قصّة امرأة ألمانية تُدعى “إيدا”، تعود إلى بلدة على ساحل البحر الأحمر، حيث مات حبيبها العربي، لكي تودّعه للمرّة الأخيرة بكلّ مشاعرها وآلامها.
وبعد غياب طويل عن المهرجان، تشارك السّينما المصرية في هذه الدّورة بفيلمين قصيرين، الأوّل: “التّرعة” إخراج جاد شاهين، وبطولة محمود عبد العزيز وهبة خيال وسارة شديد، ويستند الفيلم على أسطورة شعبية قروية تُعرف بـ”النداهة”، ويروي قصّة شابّ صعيدي يذهب إلى إحدى التّرعات، ويشاهد أمراً غريباً يدفعه إلى التّشكيك بكلّ شيء، وأمّا الثّاني “عيسى” فيشارك في مسابقة “أسبوع النّقاد”، وهو من إخرج مراد مصطفى، وبطولة كيني مارسيلينو وكنزي محمد، وفيه يتابع مصطفى اهتمامه بقضايا المهاجرين الأفارقة في مصر، إذ يروي قصة مهاجر إفريقي اسمه “عيسى” في السّابعة عشرة من عمره، يعيش في مصر ويتعرّض لحادث عنيف يحاول بعده إنقاذ أحبّته.