صحيفة البعثمحليات

تصريحات ووعود الحكومة

بشير فرزان

نحاول قدر الإمكان استبعاد الأفكار السوداوية لنحافظ على الآمال التي باتت تتبدّد بفعل الآلام المعيشية المتكاثرة، وفي مقدمتها ضعف الراتب وقلة الموارد المادية للناس. وهذا التشخيص المعيشي يغطي تفاصيل مميتة في الحياة العامة التي ما زالت تنبض لثقة المواطن بالوطن وبالدولة، وعلى أمل الوعود بالأفضل، وأن القادم سيسمح بتحسين الوضع الاقتصادي، وتحقيق تحسن حقيقي على الرواتب، وهو ما كان دائماً محطّ وعود الحكومات رسمياً، ولكن الإمكانات الاقتصادية هي التي كانت وما زالت تحكم توقيت قرار تحقيق الآمال وتنفيذ الوعود.

وطبعاً لكون الإيفاء بالوعود من شيم الكرام، يبدو أن الحكومة اليوم قريبة من تنفيذ وعودها بعد تأمين الموارد المالية، فقد رفعت أسعار البنزين والغاز سابقاً، واليوم تتحضّر لرفع سعر المازوت، أي أنها تعمل الآن على تهيئة البنية المادية لقراراتها اللاحقة تحت عنوان مقاربة أسعار السوق.

وفي مقابل “التجاوب” الحكومي مع المطالب الخاصة بتحسين الواقع المعيشي ووصفها دائماً بالمحقة، هناك واقع تتصاعد مرارته، حيث الانقلابات السعرية السريعة في الأسواق لمختلف المواد، والتصاعد المستمر في أسعار المحروقات مع استمرار حالة المضغ الدائم لعبارة “عقلنة الدعم”، فرفع الدعم بشكل كامل بات في مرحلة قضي الأمر، وحالة الضياع بين الاقتصاد الاجتماعي والاقتصاد الحرّ اهتدت إلى مسار الحسم لمصلحة الحرّ الذي محا، وللأسف، كلّ الخطوط المعيشية الحمراء التي كانت تحمي الفقير في هذا البلد.

ولا شكّ أن ما يزيد من معاناة الناس أن الحلول غالباً ما تكون من بيادر ذوي الدخل المحدود الذين يقرؤون في تصريحات ووعود الحكومة تعاملاً صلفاً مع أوجاعهم المعيشية، وخاصة مع تباطؤ حركة الإنتاج نظراً لكثرة التعقيدات، والامتناع عن اتخاذ قرارات جريئة، وخاصة في القطاع العام الصناعي الذي لم تتحرك عجلة إصلاحه منذ سنوات طويلة.

بالمختصر.. حالة الترقب والانتظار نتمنى ألا تكون نهايتها صادمة رغم معرفة وتكرار سيناريوهات سابقة، وهذا ما يستوجب توضيح كلّ ما يدور في فلك المعادلة المعيشية وتوجيه بوصلة القرار بشكل سليم باتجاه تحسين المستوى المعيشي، ولتكن البوابة لذلك مكافحة الخلل ومحاربة كلّ مستفيد خارج دائرة الشرعية والقانونية وما أكثرهم.. ومن هنا نقطة البداية.