نقلة نوعية بمستوى التشخيص والعلاج.. البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان يتقدم بخطاً ثابتة
دمشق – ريم ربيع
لم تفلح كل إجراءات الحصار والعقوبات والتضييق الغربي على القطاع الصحي في سورية بوأد المسؤولية الاجتماعية التي حملتها الدولة والمنظمات والأمانة السورية للتنمية تجاه مرضى السرطان، والذين يتزايد عددهم عاماً تلو آخر بالتوازي مع زيادة التكلفة والصعوبات لتأمين العلاج لهم، حيث استمرت الرؤية المتكاملة لتخفيف أعباء المرض، وتبلورت خلال العقدين الأخيرين بخطط استراتيجية وطنية شاملة أطلقتها وتشرف على تنفيذها السيدة الأولى أسماء الأسد لمواجهة السرطان، من خلال العمل لتخفيف أعباء المرض كشفاً وعلاجاً وتأهيلاً، والاهتمام بالأطفال بشكل خاص.
وبعد أن أُطلق البرنامج الوطني الشامل للتحكم بالسرطان بكل أبعاده عام 2019 برعاية وإشراف السيدة الأولى، أعلنت اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان اليوم خلال ورشة عمل ضمت مختصين وإعلاميين وباحثين، عما حققته من تقدم في مجال الكشف والرعاية، وعن الرؤية الوطنية لمواجهة السرطان في سورية، لتكشف التطور الكبير الذي حصل في العامين الأخيرين على مستوى التشخيص والعلاج، والخطة الطموحة و”العقلانية” في الوقت ذاته لتطبيق أهداف البرنامج والتوسع بها.
فلم تتجاهل الرؤية التي طُرحت أمام الإعلام الواقع السيء لتأمين العلاج والأجهزة، بل استهلت المهندسة رندة برهوم أمين سر اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان حديثها بالإشارة إلى أبرز تحديين يواجهان قطاع علاج السرطان، بدايةً بالنقص الشديد في الأدوية السرطانية والمواد الطبية، مع انقطاعات متكررة فيها، وثانياً بالمسرعات الخطية للعلاج الإشعاعي والتي تملك سورية منها 5 أجهزة فقط، مؤكدةً أن هذه التحديات تعود للعقوبات القسرية أحادية الجانب على القطاعين الصحي والمصرفي، والذي ينعكس مباشرة على علاج المرضى وحصولهم على الرعاية اللازمة.
وعلى إثر هذه العقوبات فقد بات من الصعب على سورية –وفقاً لبرهوم- مقاربة التوجهات العالمية سواء بالأدوية الحديثة أو بعدد وتقنيات تقديم العلاج للمرضى، لذلك لا تتوفر القدرات الكافية لتغطية كل متطلبات تقديم العلاج الإشعاعي، خاصة بعد أن واجهت هذه الخدمات تدميراً جزئياً أو كلياً في بعض المناطق، ورغم ذلك فالدولة مستمرة بتقديم العلاج المجاني بشكل كامل للمرضى بكافة المراحل.
تقليص زمن العلاج
ولم تمضِ الأعوام الثلاثة الأولى من البرنامج إلا بنقلة نوعية في تقليص الزمن بين التشخيص والعلاج من خلال تطوير المنظومات الطبية الذي عمل -وفقاً لرئيس اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان الدكتورة أورى العظمة- على تطوير وتحديث بروتوكولات متعددة تواكب أحدث ما توصل إليه العلم، ومن خلال دراسة واقع تأمين الأدوية السرطانية وتحدياتها، وتطوير البنية التحتية لمراكز الأورام، إذ تم توسعة قسم سرطان الأطفال في مشفى البيروني، وتفعيل العمل في قسم العلاج باليود المشع في مشفى تشرين الجامعي، وافتتاح مركز الخلايا الجذعية الدموية في مشفى الأطفال من قبل السيدة الأولى أسماء الأسد.
وفي سياق التوسع بالاستيعاب والمعالجة، فقد تحول حلم مركز التشخيص والعلاج الإشعاعي إلى واقع، حسب توصيف المعاون الإداري لمشفى البيروني الدكتور محمد العواك، حيث يتم استقبال 70% من مرضى السرطان بسورية، والعمل ضمن خطة وطنية واضحة، واستقدم المركز جهازين من أحدث أجهزة معالجة السرطان إشعاعياً، مما انعكس برفع نسبة الدقة في استهداف الخلايا المصابة مباشرة، وتخفيض مدة الجلسة لـ10 دقائق كحد أقصى، وزيادة الطاقة الاستيعابية للمرضى بحوالي 160 مريض، فضلاً عن تخفيض مدة انتظار المريض من 6 أشهر لـ3 فقط، وتخفيض عامل الخطأ البشري للحد الأدنى.
وقاية وتثقيف
أما على مستوى النقاش، فقد طرحت تفصيلات عديدة متعلقة بالجانب الوقائي والتثقيفي وحتى النفسي المرافق لعملية العلاج، ونشر التوعية للوقاية أولاً، ولضرورة الكشف المبكر ثانياً، والتوسع بالكشف والعلاج على مستوى المحافظات والأرياف، وآلية تأمين الأدوية في ظل العقوبات وارتفاع ثمنها، لتؤكد الدكتورة مها مناشي وهي عضو باللجنة الوطنية أن الاستراتيجية تهدف لاستجرار الأدوية من الدول الصديقة، أما عائق التكلفة الذي نصطدم به فيعالج من خلال ترشيد الأدوية، مشددة على الاستمرار بمجانية العلاج لجميع المرضى.