الفتوة بطلاً جديداً للدوري الكروي الممتاز بجدارة واستحقاق رغم الصعوبات التعاقدات الكثيرة سلاح ذو حدين والاعتماد على أبناء النادي ضرورة لاستمرار النجاح
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
انتهى الدوري الكروي الممتاز في موسمه الحالي 2022 / 2023 وتوج الفتوة بعد غياب طويل استمر 32 عاماً بطلاً للدوري ليضيف لقباً ثالثاً إلى خزائنه، وكانت فرحة جماهير دير الزور طاغية بهذا الانجاز الذي تحقق بعد زمن طويل وصبر أطول.
لكن المشكلة الأكبر هي الاحتراف الأعوج الذي نراه يغزو كرتنا ويدمرها دون أن تدري الأندية حجم هذه المشكلة ومخاطرها المستقبلية، وفريق الفتوة خير مثال على ما نقول، وإذا عدنا إلى الوراء لوجدنا أن الفريق عانى في السنوات الماضية كثيراً فكان الفريق الصاعد والهابط أو الرازح في المركز الأخيرة مهدداً بالهبوط، حتى دخل المال صندوق النادي من المحبين وحسب ما علمت ” البعث الأسبوعية” فإن ميزانية كرة القدم تعدت هذا الموسم ثلاثة مليارات ليرة سورية، وهذا المبلغ أوصل فريق الفتوة إلى اللقب، ولم يكن من سبيل للوصول إليه سوى المال الذي أوجد نخبة اللاعبين والمدربين بالفريق.
نقول من قلوبنا مبارك لهذا النادي بطولته التي استحقها ونالها بعد عناء طويل وتكبد مشاق عديدة حتى وصل إلى ما وصل إليه بعد أن خاض منافسة كبيرة طوال الموسم مع خمسة فرق ثم انحسرت المنافسة بين ثلاثة فرق حتى وصلت في الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى منافسة ثنائية بينه وبين فريق أهلي حلب.
الفوز باللقب أمر جميل ومهم وضروري لماله من فوائد كبيرة على صعيد كرة القدم في النادي ولمردوده وأثره الإيجابي على مدينة دير الزور بأسرها وهذا الأمر يجب أن يتم استغلاله بشكل حسن ليتم البناء عليه، فالبطولة التي حققها الفريق ليست إلا الخطوة الأولى، والبقاء على القمة أصعب من الوصول إليها، لذلك فالعمل الجاد بدأ اليوم وعلى أبناء هذا النادي العريق ألا تنسيهم أفراحهم واحتفالاتهم ما ينتظرهم من مهام جسام فيناموا على عسل البطولة وحريرها.
وبعيداً عن كل الجوانب الايجابية التي حملتها البطولة إلا أن هناك العديد من السلبيات المؤرقة التي قد تقلب الفريق رأساً على عقب وتعيده إلى سيرته الأولى يكافح من أجل البقاء بين الكبار، وهذه السلبيات كثيرة ولا بد من التعاطي معها بفكر كروي احترافي وكل ذلك من أجل أن يستمر الفتوة كبيراً بين الكبار ولن يتم ذلك إلا من خلال التعامل مع كرة القدم بعقل نيّر وذهن متقد وفكر حضاري.
فكرة القدم ليست مال فقط، المال هو عصب كل شيء وبدونه يفشل كل شيء، ولكن المال في كرة القدم ليس كل شيء، فإذا لم يتوافق المال مع استراتيجية صحيحة، يصبح هذا المال وبالاً على كرة القدم وخطراً عليها وتصبح كرة القدم باباً لإهدار المال دون أي جدوى.
إدارة النادي تعاقدت مع عشرين لاعباً محترفاً من خارج النادي ولم يتبق من أبناء دير الزور إلا أربعة أو خمسة لاعبين جلسوا على مقاعد الاحتياط وتم إشراكهم من قبل المدرب في الشوط الثاني، ورغم أن المبرر الجاهز أن الاحتراف لا يعني أن يكون لاعبيك من مدينتك، فالجواب أن هذا المفهوم خاطئ ويؤدي إلى دمار كرة القدم في النادي وإلى دمار لاعبي النادي الأساسيين، والمخاطر تتجلى في النقاط التالية: جميع اللاعبين سيرفعون قيمة عقودهم لأنهم أبطال النادي، فالنادي في هذه الحالة سيصبح بحاجة إلى دفع مبالغ أكبر مما تم دفعه في موسمنا الذي انتهى وهذا غير صحي وقد لا يستطيع النادي تأمين هذه المبالغ في كل المواسم.
وإذا تابعنا كشوف بقية الفريق لنجد أن قوام فرقها من أبناء النادي، واللاعبون القادمون قلة والهدف من ذلك تقوية بعض المراكز وردم النقص في بعض الخطوط، وهذا نجده في تشرين وجبلة وأهلي حلب والوثبة والكرامة وغيرهم، وأكثر شيء أضر بفريق الوحدة على سبيل المثال أنه اعتمد على غير أبناء النادي في المواسم السابقة فاكتوى بنار الاحتراف عندما لم يجد مالاً يصرف عليهم، لذلك فالخطوة الأهم أن يقوم نادي الفتوة برعاية أبنائه عبر دعم قواعده ولاعبيه والمواهب الصغار، ليكونوا نواة كرة النادي في المستقبل وليعود فريق الفتوة كما كان في السابق منتجاً للنجوم والمواهب، ومازالت ذاكرتنا تحتفظ بأسماء العديد من اللاعبين الذين سطع اسمهم في سماء كرتنا وكانوا خير ممثلين لكرة الفتوة في الداخل والخارج.
فريق الفتوة كما قال رئيس النادي في أكثر من مناسبة وأكثر من تصريح كلف مليارات من الليرات، وهذا الفريق بكل ما أوتي من إمكانيات مالية وفنية وتقنية جاء بلاعبيه من كل حدب وصوب وبات يحتاج إلى مدرب أجنبي مقتدر، لأننا لم نجد في فريق الفتوة بصمة مدرب مع احترامنا الكامل للمدربين ضرار رداوي وعمار الشمالي الذين تعاقبوا على تدريب الفريق، فالفريق لم يملك هوية أو شخصية ولم يقدم العروض المطلوبة التي تقدمه كبطل حقيقي، صحيح أنه فاز باللقب، لكنه لم يمتع في الأداء ولم يقنع في الكثير من المباريات ولولا ضعف المنافسين وضعف الدوري بشكل عام هذا الموسم لم يكن ليحلم الفتوة بلقب الدوري وهذه حقيقة يجب الانتباه إليها وألا تجرفنا العواطف نحو أبعد من أنوفنا، وعلى سبيل المثال لولا أخطاء حارس الوثبة بلقاء الفتوة ربما لم نكن لنجد الفريق متوجاً اليوم وهذا دليل على أن الظروف ساعدت الفريق في الحسم في وجه منافسة كبيرة، المراقبون أمام إمكانيات الفريق الكبيرة من كل الجوانب كانوا يتوقعون أن يحسم الفريق البطولة قبل أسابيع لا أن ينتظر الظروف لتخدمه ولتضعه بالقمة.
أهم سلبية عانى منها الفريق ضعف الانسجام والتناغم، وكان أسلوبه يعتمد في الكثير من الأحيان على نقل الكرات الطويلة، ولم نجد بناء الهجمات يقوم على أسس صحيحة، كما لم نجد هذه النقلات المحببة بين أفراد الفريق، وعلى الأغلب كانت الكرة تقطع من التمريرة الرابعة أو الخامسة
لذلك إن استمر النادي في جذب لاعبي الفرق الأخرى فيلزمه مدرب أجنبي مقتدر، فكل مدربينا يقفون على نسق واحد والمفاضلة بين مدرب وآخر ليست كبيرة والفواصل تبدو قريبة، والمدرب الأنجح هو المدرب الذي يملك فريقاً كاملاً، وللأسف ليس لدينا مدرب قادر على صنع فريق من لا شيء أو بلاعبين من النخب الثاني لأن كرتنا محدودة ولاعبونا الجيدون قلائل ومن الصعب أن نجد فريقاً كاملاً متكاملاً مثل الفتوة وتشرين وأهلي حلب وهؤلاء فقط من مجموع أنديتنا تملك نخبة اللاعبين في كل المراكز.
الشعار الذي أطلقه أنصار الفتوة كان غير مناسب ويتنافى مع الأخلاق الرياضية وهو يؤدي بالمحصلة العامة إلى تشنج العلاقات مع بقية الأندية وجماهيرها، فجملة (بالزور، بالقوة، الدوري للفتوة) لا يدل على ثقافة كروية، وكنا نتمنى أن تستبدل بكلمات محببة، ترسخ مبدأ الجد والجهد والعمل والإصرار والروح الرياضية السمحة.
ومن الملاحظات التي سجلت على الصفحات الناطقة باسم نادي الفتوة أنها أوغلت بالسوء بكل قرار لم يعجب النادي وأنصاره، بل كانت الكثير من الصفحات تمارس الشتم والأذى بأبشع الكلمات لكل قرار سواء صادر من اتحاد كرة القدم أو لجانه العليا من باب الترهيب والضغط، فضلاً عن التهديد والوعيد، وكنا نتمنى من إدارة النادي أن تسكت هذه الصفحات التي (تمون) عليها أو أن تصدر بيان تتبرأ فيه من منشوراتها التي تسيء أولاً لنادي الفتوة وإدارته ورياضته قبل أن تسيء إلى اتحاد كرة القدم ولجانه.
من ناحية أخرى فإن طريقة تعاطي الإدارة مع المستجدات الكروية لم تكن ناضجة، فالمصلحة العامة هي التي تفرض صدور القرارات واتخاذها وليس من الضروري أن يكون كل قرار مناسب للبعض، وعلى سبيل المثال فإن (الزوبعة) التي أثارتها الإدارة ومدرب الفريق بعد صدور قرار اتحاد كرة القدم باللعب مع تشرين من أجل المشاركة ببطولة الاتحاد الآسيوي ليست إلا زوبعة في فنجان، لأنه لو تخلف الفتوة عن لقاء تشرين فإن الفريق سيتعرض للعقوبات القانونية المنصوص عليها، وعلى الفتوة أن يثبت بهذا اللقاء أنه بطل قولاً وفعلاً، فتجنب اللقاء نجده من باب الخوف وليس من باب المبدأ، لأن تشرين قد يكون أحق بالمشاركة الآسيوية لأنه بطل الموسم الماضي والبطولة الآسيوية تأجلت، لذلك يجب عدم الانجرار وراء الغوغاء الذين لا يريدون لنادي الفتوة الخير ولو قدموا أنفسهم على أنهم أبناؤه وأحباؤه.
رقمياً في طريق البطولة لعب الفتوة 20 مباراة في الدوري، فاز في 13 وتعادل في 4 وخسر ثلاث مباريات، ففاز على المجد مرتين 2/صفر و4/1 وعلى حطين 3/صفر و1/صفر وعلى الكرامة 2/صفر و3/1 وفاز على تشرين والطليعة وجبلة وأهلي حلب 1/صفر وعلى الوحدة والوثبة 2/1 وعلى الجيش 3/1 وتعادل مع أهلي حلب والوثبة وجبلة 1/1 ومع الوحدة صفر/صفر، وخسر أمام تشرين صفر/1 وأمام الجيش والطليعة 1/2.
وسجل 31 هدفاً ودخل مرماه 13 هدفاً وسجل أهدافه علاء الدين دالي 11 هدفاً وعدي جفال 4 أهداف وباسل مصطفى وكرم عمران 3 أهداف وسجل هدفان مصطفى جنيد وثائر كروما وسعد أحمد، وسجل كل من: عبد الرحمن الحسين وصبحي شوفان وخليل إبراهيم ومحمد العبادي هدفاً واحداً.
علماً أن الفريق تعاقد من خارج النادي مع صبحي شوفان وماهر دعبول وضياء الحق محمد وكرم عمران وطه موسى باشا وباسل مصطفى وخليل إبراهيم وثائر كروما ووليم غنام وسعد أحمد وكوران خلو وعلاء الدين دالي ومحمد ميدو والليث علي وولات عمي وحسين شعيب ومالك جنعير ومصطفى جنيد.