حلول خضراء!
غسان فطوم
مرّ اليوم العالمي للبيئة الذي يصادف في الخامس من حزيران كل عام مرور الكرام حيث لم نشهد سوى بضعة نشاطات خجولة نظمتها فعاليات تعد على أصابع اليدين بعثت من خلالها رسائل توعية نمطية روتينية اعتدنا عليها لجهة الحفاظ على البيئة وتحسين جودة حياتنا حاضراً ومستقبلاً.
وكنّا كإعلام بشكل خاص، وكمجتمع سوري بشكل عام، ننتظر من وزارة الإدارة المحلية والبيئة أن تخرج بتقرير عن حجم التلوث البيئي الحاصل في سورية في الجو والأرض والبحر والأنهار الناجم عن الانبعاثات الصناعيّة وعوادم المركبات وحرق النفايات، والصرف الصحي، عدا عن التلوث البصري، بعد سنوات الحرب وكارثة الزلزال التي زادت الطين بلّة، لكن للأسف لا تزال الأرقام الحقيقية للتلوث غائبة تماماً ولا ندري لماذا؟!
ولا شك في أن هذا “الفقر، أو البخل” بالمعلومات عن واقعنا البيئي ليس في صالح صانع القرار، ونحن على أعتاب مرحلة إعادة الاعمار، والتي لا يقل فيها الاعمار البيئي أهمية عن اعمار البشر والحجر.
إن أغلب ما هو متداول من أرقام عن حجم التلوث يعود لعام 2010 وما قبله، أو بعده بقليل من السنوات، علماً أن نسب التلوث زادت أضعافاً مضاعفة، وباتت تُطبق على أنفاسنا، وتهددنا بكارثة بيئية خاصة تلوث الهواء والتربة والمياه الجوفية وحرائق الغابات وانحسارها، وربما لا نبالغ لو قلنا أن سورية صارت من الدول الأكثر تلوثاً في العالم، ما يجعلنا أمام تحديات بيئية خطيرة تتطلب حلولاً خضراء للحفاظ على أمننا البيئي، وكذلك أمننا الصحي، فتلوث المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة الخطيرة الناتجة عن المنازل والمشافي والمصانع والمسالخ والدباغات وغيرها بات خطيراً، والتحرك الخجول لمواجهة ذلك لا يجدي نفعاً، ولا عذر ولا مبرر لهذا البطء والتراخي، فما نمتلكه من إمكانيات وإن كانت محدودة يمكن أن يسعفنا في إيجاد بعض الحلول الإسعافية، أقلها إجراء الدراسات الاستقصائية الميدانية لكشف نسب ومخاطر التلوث المخيف وتحديد مناطق وأسباب الخطر البيئي.
بالمختصر، تأخرنا كثيراً في دق ناقوس الخطر البيئي، وعلينا جميعا أن نتحرك ونتعاون من أجل حماية البيئة من التلوث والضرر الذي هو أخطر بكثير من آثار الحرب، فاليوم نعاني من شح المياه وزيادة مستويات الجفاف والتصحر، وتدهور الأراضي الزراعية، وفقدان التنوع البيولوجي، وتغيّر المناخ، وكلها عوامل طبيعية تشكل تهديدا إضافيا على الأمن البيئي والصحي والغذائي، ويكفي أن نشير إلى أن تلوث الهواء لوحده وبحسب البحوث البيئية الصحية يدمر النظم البيئية عبر إتلاف التربة والغابات والبحيرات والأنهار، فضلاً عن تقليل غلّة المحاصيل، والأخطر أنه يتسبب بمشاكل في التنفس وأمراض القلب والشرايين والسرطانات، والمحزن أن سورية تملك أفضل القوانين البيئية في المنطقة المتوافقة مع المعايير الدولية الناظمة لحماية البيئة، فلماذا لا يتم تفعيلها والتشدد بتطبيقها بهدف تبني السلوكيات البيئية الصحيحة والتي تحافظ على البيئة وتحميها من كل خطر؟!